طارق العبودي

نادت اليمن وليبيا وقطر وسوريا وحماس بعقد قمة عربية للرد على المجزرة الإسرائيلية في غزة. ليبيا ظهر زعيمها على شاشة الفضائية الليبية ليقول بأنه لن يحضر القمة لانتفاء الفائدة من انعقادها أما سوريا فهي في نظر الكثيرين جزء من المشكلة قبل أن تكون جزءاً من الحل.
صحيح أن إنهاء العدوان يجب أن يكون أولوية عربية، لكن إنهاء العدوان لن يكون عبر قمة عربية. إذ أن القوى المؤثرة في العالم العربي تستطيع أن تمارس ضغوطها وتستعين بعلاقاتها دون الحاجة إلى قمة يتبارى فيها الحضور باستعراض قدراتهم اللغوية.

يجب أن يكون واضحا أن تأزم الوضع الفلسطيني لم يبدأ مع العدوان. التأزم بدأ يوم حمل الإخوة على بعضهم السلاح ورضوا بأن يُستخدموا كبيادق في لعبة إقليمية هدفها تسخين الوضع الفلسطيني في سبيل تبريد مواضع أخرى في المنطقة.

متى ما أصبح لدى العرب الآلية التي تستطيع تحديد الطرف المعتدي في معركة الإخوة في فلسطين ثم تحميل ذلك الطرف المسؤولية عما آلت إليه الأمور وإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني، حينها يمكن للعرب أن يعقدوا قمتهم ضامنين أن باستطاعتهم أن يسمعوا صوتهم للعالم ويمارسوا ضغوطهم على القوى المؤثرة القادرة على إنهاء الاعتداءات الإسرائيلية وإنهاء الحصار الخانق الذي يرزح تحته الشعب الفلسطيني.

أما في أوضاعنا الراهنة، وفي ظل التراشق بالاتهامات وتصفية الحسابات بين حماس وفتح فلا يمكن الحديث عن جدوى من وراء أي قمة عربية تعقد.

يجب ألا نظلم النظام العربي الرسمي الذي حاول عبر القوى الرئيسية فيه إنهاء حمامات الدم بين الإخوة. المملكة بذلت الكثير جدا لإنجاح اتفاقية مكة المكرمة لإنهاء الاقتتال بين فتح وحماس. يجب ألا ننسى أيضا بأن المملكة منحت الشرعية لحماس في الوقت الذي كانت تواجه فيه موقفا دوليا داعيا لمقاطعتها بعدم الاجتماع إلى أحد من ممثليها باعتبارها منظمة إرهابية.

المملكة بعد أن سخرت هيبتها ونفوذها ودبلوماسيتها لعقد اتفاقية مكة المكرمة وبعد أن جازفت بإغضاب المجتمع الدولي شاهدت الفلسطينيين عقب ذلك بأشهر يسحلون بعضهم بعضا في الشوارع.

اتفاقية مكة المكرمة لم تسقطها إسرائيل بل من أسقطها هم الفلسطينيون أنفسهم..والمأساة الفلسطينية لن تحلها قمة عربية بل أولى خطوات حلها تأتي عبر توحيد الصف الفلسطيني.