الاقتصاد العالمي رصد 1.5 تريليون دولار لخطط الإنقاذ من أزمة المال ...

القاهرة - هالة عامر

على رغم أن أزمة المال العالمية بدأت منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2007 واستكملت تداعياتها المأسوية مع نهايات 2008، لكن التوقعات تشير إلى أن عام 2009 سيكون عام الأزمة الحقيقية، سواء في مصر والبلاد العربية أو في العالم. ومن هذه الحقيقة يكتسب الحوار مع وزير المال المصري ورئيس لجنة السياسات المالية والنقدية في صندوق النقد الدولي الدكتور يوسف بطرس غالي، أهمية خاصة، فهو، بحكم منصبه الدولي، مسؤول عن حركة الاقتصاد العالمي إلى جانب مسؤوليته عن اقتصاد بلاده.
بداية أكد غالي لـlaquo;الحياةraquo;، أن الاقتصاد العالمي قادر على أن يتجاوز تداعيات الأزمة، الأسوأ منذ مئة سنة، فهو يتمتع بقواعد أساسية ومؤسسات تؤهله الى الخروج منها، مشيراً إلى أهمية أن تنسق الدول والمؤسسات الدولية بين سياساتها وضرورة أن تتخذ سياسات ملائمة لمواجهة تداعيات الأزمة، التي كشفت عن الحاجة الى إعادة النظر في فاعلية الرقابة على أسواق المال والمصارف الاستثمارية التي تسببت في الأزمة ، معرباً عن تفاؤله في هذا الاتجاه. وقال إن الأفكار والمبادئ التي تبنتها اللجنة المالية والنقدية الدولية في صندوق النقد، وحزم المساندة التي أعلنت عنها الدول وتجاوزت حتى الآن تريليون ونصف تريليون دولار، تشكل الأساس لمواجهة الأزمة، وإن كان مبكراً القطع بمدى كفاية الإجراءات.
وتوقع غالي أن يسجل معدل النمو العالمي 3 في المئة السنة الحالية، تشكل البلدان الناشئة القوة الدافعة له، في حين أن معدل النمو في الدول الكبرى يتوقع أن يسجل صفراً أو ما دونه.
وقدَّر وزير المال المصري، معدل نمو لبلاده بين 6 و7 في المئة نتيجة تداعيات أزمة المال، وهو معدل آمن كون تراجعه ناتجاً عن تباطؤ الطلب العالمي على السلع والخدمات، وليس لأسباب داخلية، ما يؤثر سلباً في نمو البلدان بنسب مختلفة. فمعدل النمو المستهدف في الصين كان 12 في المئة وصار متوقعاً 9 في المئة بسبب الأزمة وينتظر أن يسجل نمو الاقتصاد الأميركي صفراً، خصوصاً أن تباطؤه بدأ منذ 2007.
وأكد غالي أن يشهد العام الجديد حزمة إجراءات وتيسيرات ضريبية وجمركية، تهدف إلى تنشيط الاقتصاد المصري ليواجه آثار الأزمة العالمية، وينتظر أن يصدر الرئيس المصري حسني مبارك، خلال أيام، تعديلاتٍ جمركية تشجع على الاستثمار، فتُعفَى الآلات والمعدات الرأسمالية من الرسوم الجمركية، مدة سنة من أجل تشجيع المستثمرين على استكمال مشاريعهم الصناعية.
وأفاد الوزير بأن الربع الأول من السنة المالية الحالية، الذي احتك خلاله الاقتصاد المصري للمرة الأولى، مع الأزمة، شهد نمواً بمعدل 5.8 في المئة. وتوقع أن يتحسن الأداء مع بدء تنفيذ حزمة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لضخ نحو 15 بليون جنيه (نحو 3 بلايين دولار)، منها 13 بليوناً استثمارات عامة، وزيادة مخصصات صندوق مساندة الصادرات بنحو بليوني جنيه ليبلغ إجمالي تلك المخصصات نحو 4 بلايين، إلى إعفاءات من ضريبة المبيعات والرسوم الجمركية، والإسراع في تنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأمل بأن تسهم هذه الإجراءات، إلى حد كبير، في تقليل الآثار السلبية للأزمة.
وأوضح غالي أن الاقتصاد المصري، قادر على أن يتجاوز تداعيات الأزمة بفضل برامج الإصلاح الاقتصادي والتنوع الكبير في مصادر نموه النابعة من الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والسياحة وقناة السويس والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى إنتاج النفط والغاز. وأشار إلى نجاح مصر في تجاوز أزمة ارتفاع أسعار السلع الأساسية خلال الفترة الأخيرة التي رفعت فاتورة الدعم إلى نحو 84 بليون جنيه، الأكبر في تاريخ الموازنات المصرية، بعدما كان يبلغ 1.56 بليون جنيه فقط عام 1980/1981.
ودعا وزير المال المصري، الاستثمارات العربية إلى التوجه نحو السوق المصرية، مؤكداً أن الاقتصاد المصري يوفر فرصاً جيدة، إضافة إلى الاستقرار والأمان اللذين تتمتع بهما مصر في مقابل تقلب شديد تشهده الأسواق العالمية.
وحول مدى مساهمة القطاعات غير الضريبية في الموازنة العامة، قال غالي إن الإيرادات غير الضريبية الناتجة من فائض الهيئات الاقتصادية والشركات العامة، ارتفعت خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة المالية الحالية 2008/2009 بنحو 115.4 في المئة مسجلة نحو 28 بليون جنيه، أبرزها إيرادات هيئة قناة السويس، التي ساهمت بأعلى حصة في موارد الموازنة العامة السنة الماضية، فبلغت 26.8 بليون جنيه (15.1 بليون جنيه الفائض المحول إلى الخزانة العامة، 10.3 بليون جنيه ضرائب مدفوعة، 1.4 بليون جنيه إتاوة على القناة) بزيادة 4.6 بليون عن العام السابق توازي 20.6 في المئة.
وحول برامج الدعم التي تقدمها الحكومة المصرية إلى قطاع إسكان الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، أشار إلى أنه منذ موازنة 2006/2007 ، رُصد بليون جنيه سنوياً لتمويل مشاريع إسكان محدودي الدخل، فتقدم الخزانة العامة منحة لا ترد بقيمة 15 ألف جنيه لكل وحدة سكنية، في إطار برنامج تعهد خلاله الرئيس مبارك، بتوفير 5 بلايين جنيه لإسكان محدودي الدخل، إلى 712 مليوناً تتحملها الخزانة العامة في الموازنة الحالية تعويضاً عن فروق أسعار الفائدة الميسرة التي تقدمها وزارة الإسكان لتمويل إنشاء المساكن الشعبية.
وعن دوره في صندوق النقد الدولي، أكد غالي، أن دور رئيس اللجنة، تقريب وجهات الرأي بين الدول المختلفة وبلورة رؤية مشتركة لأعضاء اللجنة وصندوق النقد في مواجهة الأزمات العالمية.