يوسف الكويليت

عندما خاطب جمال الدين الأفغاني الشعب الهندي خلال الاستعمار البريطاني بقولته الشهيرة quot;والله لو كنتم ذباباً لآذيتم الإنجليز بطنينكمquot; كان يعني ما يقول ، وفي العالم الإسلامي والعربي لم يكن الاعتداء على غزة الاختبار الأول، وقد لا يكون الأخير، فهذا التجمع الهائل فقد قيمته السياسية والعسكرية، ومثلما الشعوب تتقدم وتقوى فالشعب الإسلامي تقيده عوائق سياسية ونظم لا تعترف بمقدراته وحرياته، أو الاهتمام بمصيره وكرامته..
فأيام تحرير الجزائر ساد شعور عام بالتفاعل العاطفي والمساهمات المادية والعسكرية وسط أجواء تضامن غير مسبوقة، وفي حرب السويس كان كل عربي مجنداً بكل طاقاته ضد العدوان، وكانت تدريبات المتطوعين تجري بعلم وقوانين الدولي العربية، وظلت فلسطين في حضور تام في أناشيد المدارس والأعلام والرأي العام، وسارت الأمور بواقع غير مزايد عليه، حتى إن وقفة العرب جميعاً أثناء الاعتداء الثلاثي ورفض الموانئ والمرشدين للسفن والعمال وكذلك في المطارات استقبال البضائع أو الركاب القادمين من بريطانيا وفرنسا، سبباً في تغيير كثير من النظرات السلبية للعرب..

وفي حرب 1973تم حظر النفط، وإعلان ما يشبه التعبئة العامة لكل طارئ ومن خلال تأثير تلك العمليات خرجت صحافة الغرب اعتبار تلك الحرب تدرج كثالثة مع الحربين العالميتين.

الآن وكل شيء يتساقط دم الإنسان وكرامته وممتلكاته، هل تأتي دعوة سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية بإنشاء قوة عسكرية عربية تحمي مقدراتنا ووجودنا، وتفعيل لأحد بنود نظام الجامعة العربية ممكناً وليست فقط صدى لحالته الراهنة، وإنما للمستقبل العربي وأمنه الذي تتواجد في داخله قوة إسرائيل التقليدية، وغير التقليدية ومثيلتها في إيران، وحشود بحرية على شواطئ العرب وقواعد متحركة وثابتة على أرضه وسمائه لكل القوى الكبرى؟.

أعرف، سلفاً في زمن هذه الأمة المحطم والمنكسر أن التفكير في مشروع كهذا إذا لم يتحقق على المستوى العربي، فإن نشوء قوات متحالفة موزعة على بلدان النيل والشام، والمغرب العربي والخليج، ليأتي دمجها في المستقبل في وحدة دفاع مشترك، وحده الطريق لخلق بيئة آمنة، ويكفي مهزلة احتلال العراق وتهديد السودان، والتواجد الغربي في لبنان أثناء حربه الأهلية، وكل مسلسلات الاعتداء والتوغل، والتهديد باستعمال القوة، ثم لا ننسى كيف يتعامل العالم مع الحرب على غزة وتجاهلها، واعتبارها مجرد صور إعلامية هزيلة لا تثير الرأي العالمي بأننا بالقول والفعل أمة خارج مدار التاريخ..