صنعاء - خالد الحمادي

أكد العديد من المهتمين والمتابعين للشأن اليمني أن العام المنصرم 2008 كان الأسوأ يمنيا من بين نظرائه السابقين، حيث شهد تراجعا ملحوظا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية وغيرها.
وذكرت مصادر صحافية يمنية أن 'العام 2008 رحل غير مأسوف عليه'، في إشارة إلى سوء المستوى الذي وصل إليه الحال في اليمن في كافة المجالات، على عكس الأعوام السابقة التي كان اليمن يشهد فيها تقدما نسبيا في مجال وتراجعا في مجالات أخرى.
وذكرت أن العام 2008 شهد نشوب حرب خامسة بين القوات الحكومية وأتباع حركة الحوثي التمردية المسلحة في صعدة، والتي كانت الأعنف من بين نظيراتها الأربع السابقة منذ اندلاع المواجهة بين الجانبين في العام 2004، والتي امتدت لأول مرة إلى محافظة عمران (70 كيلو متر شمال صنعاء) وإلى منطقة بني حُشيش القبلية المتاخمة للعاصمة صنعاء.
وشهد تعقّد الأزمة السياسية بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم وتكتل أحزاب اللقاء المشترك المعارض (الأحزاب الرئيسية في البلاد). وعزت المصادر أسباب نشوب الأزمة السياسية إلى إصرار أحزاب المعارضة على إصلاح النظام الانتخابي الذي يتضمن الكثير من الاعوجاج، في حين يصر الحزب الحاكم على الإبقاء عليها 'ولا يمكنه الاستمرار في الحكم بدونها'، حيث يعتبر النظام الانتخابي الحالي وسيلته الممكنة للاستحواذ على أغلبية المقاعد البرلمانية في الانتخابية النيابية القادمة المقرر إجراؤها في نيسان (إبريل) القادم.

عام 2008 الأمني

وذكر موقع (الصحوة نت) الإخباري أن أبرز الأحداث الأمنية التي شهدها اليمن خلال العام 2008 هو نشوب حرب خامسة بين القوات الحكومية وأتباع حركة الحوثي التمردية المسلحة في صعدة.
وأوضح أن القوات الحكومية شنت هجوما واسع النطاق ضد الحوثيين في جبال محافظة صعدة، وأنها استخدمت تلك المواجهات العسكرية في إطار التدريب والمناورات العسكرية لأفراد القوات المسلحة، 'حيث مثلت جبال صعدة أهدافا عسكرية واستراتيجية لهذه القوات لتقوم بهذه المناورات لاستعراض العضلات بغرض تهديد الخارجين عن الدستور والقانون'.
وأشار إلى أن الحرب الرسمية ضد الحوثيين 'عبارة عن أوهام وتخيلات في رؤوس البعض، وحاولت السلطة خلال هذا العام 2008 تحميل أحزاب اللقاء المشترك مسؤولية الحرب في صعدة، لأن الحوثيين في الأساس أعضاء في الحزب الحاكم، وصعدة كلها تصوت للحزب الحاكم، وأعضاء تنظيم الشباب المؤمن ـ الحوثيون ـ نالوا دعم الرئيس مباشرة في بداية تأسيس تنظيمهم وباعترافه الشخصي'.وتوقفت هذه الحرب بإعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في 17 تموز (يوليو) الماضي في احتفاله بالذكرى الثلاثين لتوليه السلطة انتهاء العمليات العسكرية في صعدة من جانب واحد، ورحّب بذلك الحوثيون، غير أن الفترة اللاحقة لذلك التاريخ شهد بعض المناوشات المتفرقة والاعتداءات الأمنية ضد القوات الحكومية.
ولوحظ ازدياد قوة شوكة الحوثيين عقب ذلك، الذين حرصوا على إحياء احتفالاتهم المذهبية كنوع من إبراز حضورهم في الساحة اليمنية، وأبرزها أعياد الغدير، وكانوا يتخذون من هذه المناسبات فرصة لإطلاق النار عشوائيا ابتهاجها وإبرازا لمكانتهم وحجمهم في البلاد.
وشهد العام 2008 تراجعا أمنيا كبيرا لصالح قوى التطرف والإرهاب على حساب هيبة الدولة التي خسرت رهانا كبيرا حيال حماية المصالح الغربية، إثر نجاح خلايا تنظيم (القاعدة) في ضرب السفارة الأمريكية بصنعاء في أيلول (سبتمبر)، كما أخفقت السلطة في وقف عمليات الخطف القبلي للرعايا الأجانب بوقوع أكثر من حالة عملية اختطاف، آخرها اختطاف ثلاثة مواطنين ألمان أحدهم خبيرة في العمارة. وامتدت موجة الاختطافات القبلية خلال 2008 لتشمل مواطنين يمنيين، حيث شهد وقوع نحو خمس حالات اختطاف ليمنيين أشهرها اختطاف نجل رجل الأعمال اليمني توفيق الخامري.

عام 2008 السياسي

شهد اليمن خلال العام 2008 تدهورا سياسيا لم يسبق له مثيل منذ انتهاء حرب 1994، حيث شهد أزمة سياسية خانقة بين الحزب الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك المعارضة، بسبب الخلاف المتصاعد بين الجانبين إثر عدم القدره على التوافق على آلية لتشكيل اللجنة العليا للانتخابات وإصلاح النظام الانتخابي وتصحيح سجلات الناخبين، وفشل العمل بتوصيات بعض المنظمات الدولية العاملة على رعاية الديمقراطيات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط واليمن أحدها.
وتبادل الطرفان الاتهامات حيال نشوب هذه الأزمة السياسية وتصاعدها واستمراريتها حتى الآن، والتي أدخلت البلاد في ضبابية حيال الانتخابات النيابية القادمة، حيث ظل الحزب الحاكم يتهم أحزاب المعارضة بالالتفاف على النظام الديمقراطي عبر المطالبة بإصلاح الوضع الانتخابي، في حين اتهمت أحزاب المعارضة الحزب الحاكم بالانقضاض على النهج الديمقراطي بإصراره على الخلل الانتخابي 'الذي يضمن للحزب الحاكم تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفقا لمزاجه ويضمن الالتفاف على صناديق الاقتراع وتزوير وشراء الأصوات، بل وصل الأمر إلى احتكار اللجنة العليا للانتخابات على أعضاء الحزب الحاكم'.
وأفشلت هذه الأزمة السياسية كافة الحوارات بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة ووصل الطرفان بشأن ذلك إلى طريق مسدود، وقام الحزب الحاكم إثر ذلك بالسير منفردا باتجاه إرساء النظام الانتخابي الذي أراده، وليس وفقا للنظام المعمول به في البلدان الديمقراطية.

عام 2008 الاقتصادي
الوضع الاقتصادي في اليمن خلال العام 2008 لم يشهد أي تحسن، بل كان الأسوأ بكل المقاييس، فقد شهد ارتفاعا حادا في ازدياد رقعة الفقر وارتفاع نسبة البطالة وانهيار الوضع المعيشي للغالبية العظمى من اليمنيين، وازداد الفقراء فقرا وتراجع مستوى محدودي الدخل إلى خط الفقر.
وعجز العاطلون عن العمل عن خلق أي فرص للعمل الخاص واضطر الكثير منهم إلى امتهان التسول، لسد رمقهم وتغطية الالتزامات المالية لأسرهم، في حين حاول الكثير منهم الهروب إلى الجارة الغنية المملكة العربية السعودية، عبر التهريب.
الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والصحة والتعليم كانت الأسوأ أيضا خلال 2008 لما شهدته من تراجع كبير وتدني ملحوظ خلال ذلك، في حين عجزت السلطة عن الوفاء بوعودها والتزاماتها لمواطنيها في هذا الشأن، لما ألقته الأزمة الاقتصادية العالمية وتراجع أسعار النفط من انعكاسات سلبية على الوضع الاقتصادي في اليمن.
وشهد العام 2008 ارتفاعا جنونيا في أسعار السلع الاستهلاكية والأساسية، صعب السيطرة عليه من قبل الحكومة وبررت هذه المشكلة بموجة الغلاء العالمي، ولكن المشكلة أنه عندما انخفضت الأسعار عالميا، لم تنخفض يمنيا ما عدا الحديد فقط.
وكانت الفيضانات وكارثة السيول التي ضربت محافظات حضرموت والمهرة والحديدة نهاية 2008، بمثابة 'القشّة التي قصمت ظهر البعير' في الاقتصاد اليمني، حيث أصبحت الحكومة تعلّق عليها كل إخفاقاتها الاقتصادية وتراجع قدراتها على احتواء الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، والتي أتت على الأخضر واليابس وشهدت بسببها أزمة نفطية خانقة وأجبرت الحكومة على تخفيض نفقاتها إلى 50% في الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2009.

الحقوق والحريات في 2008
شهد العام 2008 مستوى متدنيا في مجال الحقوق والحريات العامة وتراجعت لدرجة أصبحت مثارا للسخرية وعلّقت بعض المصادر الصحافية على ذلك بالقول إن 'الحزب الحاكم أكد في كل أدبياته وبرامجه الخاصة بالحقوق والحريات على حق المواطن اليمني في أن يأكل ويشرب ويخزّن (يمضغ القات)، وإذا كان لا يجد طعاما فمن حقه أن لا يأكل ولا يشرب، أو من حقه أن يتسول، كما أنه من حق المواطن اليمني أن يركب الباص إذا شاء، وإذا لم يعجبه الباص فمن حقه ركوب الحمار'.
وشهد 2008 العديد من حالات القمع للمظاهرات والاعتصامات لليمنيين ومنعهم من ممارسة الحق في التجمع للإعلان موقفهم حيال بعض القضايا الحقوقية الأساسية.
وشهد عام 2008 انتهاكات واسعة لحرية الصحافة وحرية التعبير وأحيلت العديد من الصحف والصحافيين والكتاب إلى المحاكم بسبب آرائهم المعارضة ومواقفهم المناهضة لتوجهات السلطة.

عام 2008 الثقافي
المشهد الثقافي اليمني خلال 2008 لم يكن أوفر حظا من نظرائه في المجالات الأخرى، فقد كان العام المنسي ثقافيا، إذا صح التعبير، لما لوحظ من ندرة واضحة في الانشطة الثقافية وتراجع كبير في المنتج الثقافي اليمني وتدن ملحوظ في الحراك الثقافي اليمني في مختلف المجالات، خاصة وأنه جاء بعد فترة كانت مفعمة بالحراك الثقافي اليمني خلال فترة قيادة وزارة الثقافة السابقة.