فؤاد الهاشم


.. زمان - وفي الكويت تحديدا - كان العشق لشخصية الرئيس المصري الراحل laquo;جمال عبدالناصرraquo; تصل الى درجة الالوهية - والعياذ بالله - واهل الكويت لم يكن لديهم ادنى استعداد لسماع كلمة انتقاد واحدة تمس هذه laquo;الكاريزماraquo; الساحرة للزعيم العربي! كنت صبيا في الخامسة عشرة قبيل حرب الايام الستة بقليل واستغرب كثيرا من اقوال بعض المواطنين المصريين حين يعلقون على هذا العشق الكويتي لرئيسهم قائلين.. laquo;والله ما انتو عارفين.. حاجةraquo;! ثم laquo;جاءت الهزيمة، وتحطمت الطائرات المصرية عند الفجر وهي رابضة في مطاراتها، واحتلت سيناء وغزة والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية، وحتى جزيرة سعودية صغيرة في البحر الاحمر كانت تستأجرها مصر، وكذلك مزارع شبعا اللبنانية، ليخرج علينا laquo;عبدالناصرraquo; بخطاب الاستقالة ومتحملا laquo;المسؤولية كاملةraquo; - كما قال - وlaquo;ينتحرraquo; الرجل الثاني laquo;المشير عبدالحكيم عامرraquo; - القائد العام للقوات المسلحة المصرية وهو على سريره في احد المستشفيات، ثم.. يموت laquo;عبدالناصرraquo; بعد ذلك بحوالي سنتين ونصف السنة ويأتي laquo;الساداتraquo; ويصطاد عصابة مراكز القوى في laquo;الحركة التصحيحيةraquo; بشهر مايو من عام 1971 ويفتح السجون والمعتقلات، ويطلق الحريات والمنابر - التي سميت لاحقا بالاحزاب - وتظهر مذكرات الساسة والضباط والفنانين و.. كل ضحايا نظام الزعيم، ولنشاهد - بعدها - افلام مثل laquo;الكرنكraquo; وlaquo;احنا بتوع الاتوبيسraquo; وlaquo;زوار الفجرraquo; - وغير ذلك كثير - والتي كشفت عن مقدار الظلم والجور والديكتاتورية التي حكم بها عبدالناصر ارض الكنانة منذ اندلاع ثورة - أو انقلاب - 23 يوليو عام 1952 حتى يوم وفاته في 1970/9/28، فعرفت - بعدها - وعرف معي كل الكويتيين معنى جملة المواطنين المصريين الذين عاشوا معنا في الكويت وقالوها لنا في زمن laquo;العشق الكويتي الخالد للزعيمraquo;.. laquo;والله ما انتو عارفين حاجةraquo;!! كانوا هم - اهل مكة وادرى بشعابها - laquo;وعارفين كل حاجةraquo;، لكننا - بمشاعرنا laquo;العربية التي يحكمها القلب لا العقلraquo;، وعيوننا laquo;المفتحةraquo; التي عماها laquo;حب عبدالناصرraquo; على اعتبار ان laquo;الحب اعمىraquo; وlaquo;مراية الحب.. عمياraquo;.. الى آخر الاقوال والامثال، لم نشعر بما شعر به اهل مصر، لأن ايدينا كانت في الثلج، واياديهم كانت في.. النار!! تكررت الحكاية ذاتها مع صدام حسين عندما كانت القوات الامريكية تدخل بجحافلها الى ارض العراق لاسقاطه، فخرجت الجماهير العربية laquo;ذات العيون المفتحة والقلوب العمياءraquo; لتهتف laquo;بالروح، بالدم، نفديك يا صدامraquo;، بينما كان الشعب العراقي يتلهف لسقوط رئيسه ويبكي دما وهو يشاهد اشقاءه العرب يدعمون الجلاد الذي تفوق حتى على laquo;ابليسraquo; في اذيته لهم، وكان لسان حالهم يقول.. laquo;يابا هاي غير حجاية، انتو ما تدرون هذا القندرة شنو سوى.. بيناraquo;؟! عندما شاهدت عددا من الكويتيين يتجمعون في ساحة laquo;الارادةraquo; - يوم امس الاول - عاد بي الزمن الى اكثر من اربعين عاما مضت، ورأيت فيهم laquo;صباي الطائش وعقلي الساذجraquo; وكذلك، عشق رجالات كويت الماضي لشخصية laquo;عبدالناصرraquo; والاحلام والامال والطموحات التي بنوها في خيالاتهم لموحد الامة العربية ومحرر اراضيها من الاستعمار حتى laquo;يدش الغارraquo;.. كما جاء في اوبريت laquo;بساط الفقرraquo; للفنان عبد الحسين عبد الرضا عن laquo;عمارة الزيادي.. حامي الديار اللي ما تنطفيله نار وطارد الاستعمار حتى خلاه يدش في.. الغارraquo;!! المجتمعون في ساحة laquo;الارادةraquo; - يوم امس الاول وlaquo;اللي ما يدرون ارضهم من سماهمraquo;.. لا يعلمون ان هذه الحرب الدائرة في غزة ليست حربا فلسطينية - اسرائيلية، بل حرب laquo;ايرانية - امريكية - اسرائيليةraquo; على ارض فلسطينية، ومثلما كانت حرب زعيم النصر الالهي عام 2006، حرب laquo;ايرانية - امريكية - اسرائيليةraquo; على ارض لبنانية، ومثلما هي الآن.. حرب laquo;ايرانية - امريكيةraquo; على ارض عراقية!! ايران تريد ان تقول للامريكيين.. laquo;نحن حزب الله في لبنانraquo; وlaquo;نحن حماس في غزةraquo;، وlaquo;نحن مقتدى الصدر وفيلق بدر وجيش الحكيم و.. و.. في العراقraquo;، laquo;فإما ان تتفاهموا معنا، والا.. سنجعل كل هذه المناطق - وغيرها في الخليج - تشتعل تحت.. اقدامكمraquo;!! الايرانيون يريدون ان تصبح laquo;طهرانraquo; هي laquo;قاهرة - العربraquo;، وlaquo;الجمهورية الاسلاميةraquo; هي laquo;جمهورية مصر العربيةraquo;، وlaquo;المرشد الاعلى للثورةraquo; يرغب في laquo;كاريزماraquo; جمال عبدالناصر، وثورة الخميني البديل laquo;الشرعي الجديدraquo; لثورة 23 يوليو.. المصرية!! laquo;ايران الثورة تريد وضع بصمتها على laquo;ازلامهاraquo; الذين يقاتلون اسرائيل، بدليل ان هناك اكثر من 50 فصيلا فلسطينيا - سياسيا وعسكريا - من تيارات حزبية وقومية وماركسية واشتراكية واجتماعية مختلفة، ومع ذلك، فإن تيارا واحدا - فقط - هو laquo;حماسraquo; الذي يتبناه الملالي!! كذلك في لبنان، فقد اختفت laquo;المقاومة الوطنية اللبنانيةraquo; التي حوت laquo;الشيوعي والسني والدرزي والشيعي والمسيحي والقومي السوري الاجتماعي وحتى الارمنيraquo;، وجعلتها محصورة بتيار حزب الله الشيعي.. فقط لا غير، وكأنه.. لا.. laquo;فتى - في لبنان - إلا حسن نصرالله، ولا سيف الا سيف حزب اللهraquo;!! اتفق الايرانيون مع الامريكيين على حركة laquo;طالبانraquo; في افغانستان حتى سقطت، ثم اتفقوا مع الامريكيين على صدام حتى اسقطوه، بعدها، دعموا laquo;طالبانraquo; ضد الامريكيين، ودعموا الزرقاوي والصدر وغيرهما ضد الامريكيين!! من المؤكد اننا لو نظفنا اذاننا جيدا، وازلنا تلك الغشاوة عن اعيننا - قليلا - فسوف نسمع ونرى صوت مواطن ايراني عاقل يقول.. laquo;هازا شنو كويتي وعرب ماكو.. مخ؟ والله - العزيم - انتو جماعات ما يفهم.. شيraquo;!! و.. انتظروا حتى يأتي اليوم الذي نشاهد فيه كلنا - فيلم laquo;كرنك - ايرانيraquo; وlaquo;احنا بتوع اتوبيس - ايرانيraquo;، وlaquo;زوار فجر.. ايرانيraquo;، و.. ما اشبه اليوم.. بالبارحة!

***

.. النائب laquo;البرغشraquo; يطالب الحكومة بوقف الحفلات والمهرجانات المزمع عقدها في يناير وفبراير تضامنا مع.. غزة!! laquo;يواش.. يواش، وعلى هونك يا ابن الحلالraquo;، فهذه الحرب ستتوقف قريبا جدا، وبعدها سيعود كل شيء الى سابق عهده وlaquo;خل اللي يغني.. يغنيraquo; وlaquo;اللي يبي يرقص.. يرقصraquo;!!

***

.. laquo;أم خالدraquo;.. سيدة كويتية لها حكاية؟ ما هي؟.. سنتحدث عنها غدا!!