محمد خلفان الصوافي

إذا جاز لنا نحن أبناء دول مجلس التعاون الخليجي أن نفخر بما حققه quot;المجلسquot; خلال الـ 29 سنة الماضية ونعتبره عملاً عظيماً، مقارنة بما تم على المستوى العربي، في العمل ضمن تكتل واحد، فجدير بنا، من جانب آخر، أن نتعامل مع تلك الإنجازات بواقعية ومنطق وإلا فإن الاستمرار بالفخر واعتبار ما تم بأنه ليس هناك أفضل منه، فإن العمل الخليجي، بالتأكيد، سيفقد ثقة الناس في المستقبل القريب إن لم يكن قد بدأ فعلا.

لا أحد من الخليجيين يريد أن تكون القمم الخليجية التي تعقد سنوياً عبارة عن أرقام تضاف إلى قائمة من الأرقام التي سبقتها في كل مرة وبالتالي ينطبق عليها حال القمم العربية بل يجب الالتفات بجد إلى ما تقوم به دول العالم الأخرى بما فيها الدول الكبرى ومنها الولايات المتحدة فهي تحاول العمل ضمن تكتلات وأحلاف سواء كان ذلك لأمر سياسي أو اقتصادي أو حتى عسكري، فمنطق العصر أن القوة الحقيقية لأي دولة تكمن في quot;التكتلquot; وفعاليته ولو لم يكن هناك ما يوحد من العوامل الجغرافية والثقافية فالمصالح عامل كاف لهذا التكتل، فما بالك عندما تتوفر كل عوامل التكتل كما هو في دول التعاون الذي نعتقد أنه لم يرق بعد إلى أن يكون قوة حقيقية.

والذي يتضح لنا أن كل طرف خليجي يعمل من خلال ملفات أو أجندة منفردة سواء فيما يتعلق بالموقف من إيران أو غير ذلك من القضايا السياسية. وكذلك تجاه الأجندة الاقتصادية مع العالم فالتحرك الخليجي يتم بشكل منفرد، ولو أخذنا النفط مثالا باعتباره سلعة مشتركة فإنه لا يوجد موقف موحد تجاه المستوردين. بل ويبالغ بعض المراقبين في القول إنه، إذا ما تتبعنا العمل الخليجي بشكل دقيق فسنجده أحياناً يعمل بشكل quot;أنانيquot; حيث تبحث كل دولة عن مصلحتها حتى ولو تسببت في الإضرار بباقي أعضاء المجلس. لذا نجد أن القمة العربية التي دعت إليها قطر بشأن أحداث غزة أيدتها بعض الدول الخليجية، لكنها في المقابل وجدت اعتراضاً من دول أخرى، كما أن طريقة التعامل الخليجي الانفرادي مع إيران ربما أضرت بمصالح دول داخل المجلس، وهكذا.

نحن الخليجيين بعد هذه الفترة الزمنية التي قاربت الثلاثين عاماً حين انعقدت القمة الـ 29 في مسقط، الأسبوع الماضي، بحاجة إلى قرارات حازمة وإلى تبني استراتيجيات واضحة تجاه العمل ضمن التكتل. ورغم ما نسمعه دائماً من باب التفاخر من أن أحد أبرز ما يميز مجلس التعاون هو استمرارية انعقاد قممه ووفائه بحاجات أبنائه مقارنة بالدول العربية، فإن هذا النجاح أو تلك الانجازات لم تعد كافية، فالنتائج الحالية للقمم الخليجية رغم أنها كانت في السابق محل إعجاب فإنها اليوم باتت باهتة وضعيفة وأقل مما يتوقعه الناس في الخليج.

النتائج الحالية للقمم الخليجية قد تكون مقنعة في بدايات قيامه واعتبارها إنجازات وهي كانت تناسب ذلك الزمن عندما كان مجرد حضور القادة الخليجيين واجتماعهم إنجازا، أما فالكل يبحث عن تكتل يعمل ضمنه، حتى من كان سبباً في قيام التكتل الخليجي نفسه، مثل إيران التي تبذل الآن مساعي للعمل ضمن أحلاف وتكتلات، بل يمكن القول إنها استطاعت من اختراقه نسبيا، لهذا فإن استمرار الاجتماعات فقط هو إنجاز يتجاوز المقارنة للتكتلات العربية باعتبار أنه عندما تقارن نفسك لا بد أن يكون ذلك مع نموذج أفضل وليس أسوأ.

الركون إلى هذا الإنجاز وترديده هو أمر مثير للانتباه ولا يخلو من تخوف باعتبار أنه لن يصمد طويلا أمام حالة الحماس المتراجع من مواطني الخليج الذين ما عادوا يهتمون بالقمم الخليجية كما كانوا في السابق، وكذلك بسبب تغير التحديات وأولوية العمل الجماعي الإيجابي التي أصبحت حقيقة واقعة فرضت نفسها على الجميع وكل دول العالم الآن تعمل ضمن تكتلات.

ما يتم خليجياً بعد مرور 29 عاماً يتطلب تغييراً شاملا في الرؤى والأفكار التي تحققت خلال الفترة الماضية بما يضيف للمجلس إنجازات نوعية ترضي فعلياً طموحات شعوبه.