واشنطن - سلامة نعمات

في ظل الكارثة التي حلت بقطاع غزة لأسباب من بينها إساءة laquo;حماسraquo; حساباتها السياسية، والشلل الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس، وقرب الانتخابات الاسرائيلية، تتطلع اوساط سياسية عربية واميركية واوروبية الى قيادة فلسطينية بديلة بعد انتهاء الاعمال العسكرية الاسرائيلية في القطاع لمحاولة استعادة المبادرة السياسية واطلاق عملية السلام من جديد.

وتقول مصادر دبلوماسية عربية تحدثت لـ laquo;أوانraquo; إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابلغ مقربين منه انه ينوي الاستقالة من منصبه والدعوة لإجراء انتخابات جديدة، مؤكدا عدم رغبته الاستمرار بقيادة السلطة الفلسطينية في ظل الظروف السياسية القائمة. وكشفت ان الرئيس الفلسطيني، في حال استقالته، سيغادر للإقامة في دولة عربية خليجية.

وفي ضوء استبعاد قدرة السلطة الفلسطينية، بتركيبتها الحالية، على استئناف مفاوضات السلام مع الجانب الاسرائيلي، بسبب الانقسامات التي تعاني منها وفشلها في اعادة laquo;حماسraquo; الى حظيرة السلطة، بدأت الانظار تتجه الى شخصيات فلسطينية مستقلة تتمتع بشعبية بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ابرزها الزعيم الفلسطيني مروان البرغوثي، الذي حكمت محكمة اسرائيلية عليه بالسجن مدى الحياة في العام 2004، بعد عامين من اعتقاله، بتهمة ضلوعه في قتل اسرائيليين خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي انطلقت في العام 2000. وكانت شعبية البرغوثي تزايدت في الضفة الغربية وقطاع غزة عقب توقيفه ومحاكمته وسجنه. وسعت laquo;حماسraquo; الى اطلاق سراحه في اطار صفقة لتبادل الاسرى مع الاسرائيليين شملت الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط. إلا ان اسرائيل رفضت في حينه إطلاقه، مشددة على ان أيديه ملطخة بدماء الاسرائيليين.

وتقول مصادر اميركية إن رئيس الدولة الاسرائيلي شمعون بيريز اشار الى انه على استعداد لإصدار عفو رئاسي بحق البرغوثي في حال تأكد بأن ذلك سيخدم التسوية السلمية، فيما واصل ناشطون اسرائيليون حملة لإطلاق سراحه على اعتبار انه يرفض استهداف المدنيين الاسرائيليين فيما يؤيد المقاومة المشروعة ويتمتع بشعبية لا مثيل لها في الاراضي الفلسطينية. وكان البرغوثي، الذي فاز بعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني للمرة الثانية فيما هو داخل السجن، سحب ترشيحه للرئاسة الفلسطينية حفاظا على الوحدة الفلسطينية رغم ان استطلاعات الرأي اظهرت انه كان سيفوز على محمود عباس.

وتؤيد حكومات اوروبية وعربية اطلاق البرغوثي من سجنه للقيام بدور يساهم في توحيد موقف الفلسطينيين وانهاء حال الانقسام بين فتح وحماس، وما بين الضفة الغربية وقطاع غزة. كما تؤيد واشنطن فكرة دعم اطلاق سراحه لإعادة فرض سيطرة السلطة الفلسطينية على الاراضي الفلسطينية واحياء عملية السلام المشلولة. وكانت واشنطن تراجعت عن دعمها القيادي الفلسطيني الغزي محمد دحلان بسبب ضعف ادائه خلال المواجهة بين فتح وحماس في قطاع غزة، فضلا عن اتهامه بالفساد في بعض الاوساط الفلسطينية.

وكان البرغوثي لعب دورا محوريا من سجنه لتوحيد الفصائل الفلسطينية في العام 2006. كما يحج اليه وزراء فلسطينيون ومسؤولون اسرائيليون للحصول على دعمه لمبادرات سياسية تستهدف دعم التسوية السلمية بسبب شعبيته الطاغية في اوساط الرأي العام الفلسطيني.

ويصف بعض الفلسطينيين البرغوثي، 48 عاما، وهو من مواليد رام الله، بأنه laquo;نابليونraquo; فلسطين، نسبة الى قصر قامته وذكائه السياسي الحاد وطموحه الكبير. وشارك البرغوثي في كثير من مؤتمرات السلام التي انعقدت بين اعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني ونظرائهم الاسرائيليين بعد اتفاقات اوسلو التي سمحت له بالعودة من المنفى في الاردن حيث امضى سبع سنوات حتى العام 1994. ومعروف ان البرغوثي، الذي درس التاريخ والعلوم السياسية، يجيد اللغة العبرية التي تعلمها خلال سنوات امضاها في السجون الاسرائيلية في اواخر السبعينيات.

غير ان اطلاق البرغوثي والسماح له بالترشح للرئاسة الفلسطينية قد يثير حفيظة الحرس القديم في السلطة الفلسطينية، والذين اتهمهم البرغوثي بالفساد، قبل ان يؤسس حزبا سياسيا جديدا باسم laquo;المستقبلraquo; وهو ما زال في السجن، يضم شخصيات مستقلة عن حركة laquo;فتحraquo;.

واشتهر البرغوثي بقوله إن الفلسطينيين laquo;جربوا سبع سنوات من الانتفاضة بلا مفاوضات، ثم جربوا سبع سنوات من المفاوضات بلا انتفاضة، وربما علينا ان نجرب الاثنين معاraquo;. كما اكد اكثر من مرة انه يعارض قتل المدنيين الاسرائيليين، لكنه يرفض فكرة القاء السلاح من جانب واحد.

ويرى مراقبون اميركيون ان اسرائيل تحتاج الى محاور فلسطيني يتمتع بصدقية لدى غالبية الفلسطينيين، وهو ما تفتقر اليه حماس، كما تفتقر اليه السلطة الفلسطينية في تركيبتها الحالية، ما لم يعاد صوغ الخارطة السياسية الفلسطينية، والتي يعتقد البعض ان البرغوثي سيكون على رأسها إن عاجلا ام آجلا.