جهاد الخازن

فوجئت بالسفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون وهو يقترح اعادة الضفة الغربية الى الأردن وقطاع غزة الى مصر، ولاحظت بعد ذلك ان السيد حسن نصرالله أشار الى اقتراح بولتون، وقال ان الهدف هو تصفية القضية الفلسطينية وانتهاء مقولة الدولتين.
بولتون متطرف من غلاة المحافظين الجدد ومن أحقرهم، حتى ان مجلس الشيوخ رفض تعيينه سفيراً لدى الأمم المتحدة، فكان أن عيّنه جورج بوش بقرار رئاسي خلال عطلة الكونغرس وقد هاجمته في كل مرة ورد اسمه في شيء كتبته، وقد خصصت له صفحات من كتابي عن المحافظين الجدد ودنته من فمه كما دينت إسرائيل، وسررت جداً ببهدلته مع إسرائيل بعد حرب صيف 2006.
مع ذلك أقول انني في هذه الزاوية كتبت مقالاً كاملاً بعد انفصال حماس في غزة والاقتتال الفلسطيني التالي أقترح فيه إعادة الضفة والقطاع الى السيطرة الأردنية والمصرية. الفرق بين ما اقترحت وما يقترح بولتون ان هذا يريد إنهاء فرصة قيام دولة فلسطينية، أما أنا فطلبت أن تتولى مصر والأردن المسؤولية موقتاً، الى حين يرشد الفلسطينيون بما يكفي لاعادة وحدتهم وبناء الدولة المستقلة.
طبعاً كل ما قال السيد حسن نصرالله في خطابه عن المشروع الأميركي - الإسرائيلي ضد الفلسطينيين صحيح، وبولتون إسرائيلي قبل أن يكون أميركياً، والى درجة أن laquo;الإسرائيليينraquo; في الكونغرس لم يتحملوا اسرائيليته.
غير أنني أترك بولتون يموت بغيظه وأكمل مع سماحة السيد، فهو أشار الى أن محامين مصريين يريدون مقاضاته لطلبه في خطاب له مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة فتح معبر رفح وأن يفرض الشعب والجيش ذلك.
الأمين العام لحزب الله قال إن المحامين يريدون رفع الدعوى أمام محكمة جنائية دولية، وهي نقطة مهمة، فهم لم يحاولوا رفع دعوى أمام محكمة مصرية، لأن القضاء المصري مستقل، وهو الذي أمر الحكومة أخيراً بوقف تصدير الغاز الى اسرائيل على رغم وجود عقود موقّعة، أما المحكمة الدولية فمجرد دعاية.
يبدو أن السيد حسن لا يعرف عن مصر غير ما يقرأ، وأريد أن تكون له أفضل علاقة مع مصر حيث له شعبية كبيرة كبطل مقاومة، فأقول له ان فتح معبر رفح هو في يد حماس بقدر ما هو في يد مصر، لأن الحكومة المصرية لن تقبل أي مسؤولية عليه غير مسؤولية السلطة الوطنية، ولو أن حماس قبلت هذا الشرط لفتح المعبر منذ سنة.
وأزيد لرئيس حزب الله معلومة ستنكرها الحكومة المصرية، مع انني سمعتها في مصر قبل ثلاثة أيام من الهجمة الهمجية الإسرائيلية على غزة، فالجانب المصري يعرف كل نفق عبر الحدود الى قطاع غزة، يعرف ذلك بأسماء الذين يديرون الأنفاق وبالأرقام، وكانت مصر تغض النظر عن التهريب، ليصل الى الفلسطينيين في القطاع المحاصر ما يحتاجون اليه، وبما يخفف الوطأة عنهم.
وأسأل السيد حسن، وهو أمهر من قاد مقاومة ضد إسرائيل، هل يصعب على مصر اغلاق الحدود بما يمنع الطير من عبورها؟ هو شريط ضيق يحتاج الى بضعة ألوف من الجنود، ومصر تستطيع وضع 50 ألف جندي فيه أو مئة ألف لو أرادت.
ثم أرجو من السيد حسن أن يلاحظ أن مصر في المفاوضات الأخيرة، سواء مع فرنسا أو مع أميركا أو مع أي طرف، رفضت رفضاً قاطعاً وجود مراقبين أجانب على الحدود أو أجهزة مراقبة.
وبغض النظر عن أي سبب رسمي تبديه مصر للرفض، فإن السبب الحقيقي هو انها لا تريد إغلاق القطاع على أهله، ولا تريد اغلاق الأنفاق كلها ووقف التهريب. وأريد لسماحة السيد أن يعرف الحقيقة ونحن معه ضد اسرائيل في جميع الأحوال.
طبعاً لا يناسب مصر الرسمية الاعتراف بهذا الوضع، وقد شكا إليّ مسؤول مصري من أن بلاده تركت الأنفاق تحفر، وأعمت نظرها عن التهريب، ولم تتلق كلمة شكر، بل تعرضت لحملات بسبب إغلاق معبر رفح وهو، مرة أخرى، سيفتح غداً لو كانت السلطة الوطنية تمثل الفلسطينيين فيه.
كل عربي ومسلم، وغالبية العالم من مسيحي وبوذي وكل دين، مع الفلسطينيين، وأنا شخصياً مع حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله ضد إسرائيل، ولكن إذا وقع خلاف في الرأي، فالسبب أن الآراء تختلف، لا أكثر ولا أقل.
بريد القراء يظهر انني من الأقلية، فغالبية القراء العظمى مع حماس، ويتجاوزون الخسائر في الأرواح التي توقفت عندها، وكانت سبب اعتراضي، وسأعود الى القراء غداً.
سمعت خطاب السيد حسن نصرالله على التلفزيون، وقرأته في laquo;الحياةraquo; وهو تضمن هذه الكلمات laquo;يجب أن نتصرّف على قاعدة ان كل الاحتمالات واردة ومفتوحةraquo;. الصحيح لغة أن تقول laquo;كل الاحتمالات وارد ومفتوحraquo; كما في القول الكريم laquo;كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيتهraquo;.