يوسف الكويليت

ماذا بعد صدور قرار مجلس الأمن، إذا كانت حماس تقول أنه لا يعنيها، ولا يلبي أبسط مطالبها، ونفس الأمر في الموقف الإسرائيلي والتي تريد أن تتصرف وفق ما يناسبها، في الوقت نفسه هناك من رحّب واعتبره تاريخياً، وآخرون امتنعوا عن التصويت، والبعض حاول تجميع المواقف؟
الحرب دائرة، وقد قُطّع محيط غزة وعُزل عن بعضه، وكل يتحدث بلغة إيذاء الآخر، لكن الخسائر الفلسطينية لا تقاس بما يحدث لإسرائيل، لفارق القوة والتجهيزات وإرادة القتل الذي بلورته أهداف الحملة، وعدم تفريقها بين عسكري وطفل وامرأة، إذا كانت إسرائيل ترى الجميع في خندق واحد معادياً لها، وحتى تنكشف النتائج، فقد لا تنهزم حماس رغم الدمار الشامل في المواطنين والمنشآت، وربما إذا لم تحقق إسرائيل انتصاراً يلغي إرسال الصواريخ واستمرار سلطتها الراهنة على غزة فإنها ستجد نفسها في موقف حرج لا يقل عن معركتها مع حزب الله، بل إن الحالة قد تنقلب إلى الضد بلومها وتجريمها على أفعالها وكسب حماس تأييداً عربياً وإسلامياً، ودعماً مادياً ومعنوياً..

خارج دائرة المنطقة، سوف تكون رحلة أوباما مع هذه القضية حرجة ومعقدة، لأن إسرائيل التي اعتادت التأييد المطلق لأي حرب تعلنها، وتجد الدعم العسكري، والسياسي حتى باتخاذ قرار الاعتراض (الفيتو) لأي شكل يدينها، ومن قبل جميع من تتالوا على البيت الأبيض يجعل التعارض معها مستحيلاً لأن مراكز القوى في الكونغرس والأمن القومي، وحتى الخارجية الأمريكية تبقى التأييد مطلقاً لا يقبل النقض من أي سلطة راحلة أو قادمة، وهذا الثبات الأمريكي في سياستها تجاه إسرائيل أمر لا يتغير أو يتبدل..

عربياً سوف تفرض أحداث غزة جدلاً يزيد من التباعد بين الدول وقد تظهر، كما تعودنا، استنكارات وتخوين، وادعاءات بمن كان على حق في موقفه، وآخر يناقضه، ولعل ديمومة الانقسامات ليست حالة طارئة، فكل طرف لديه آلياته السياسية والإعلامية الموظفة ضد أي إجماع عربي، وحتى ما يفترض أن يوحد العرب تجاه قضاياهم الحساسة مثل مأساة غزة فالطريق يبقى غير سالك لأن الارتهان إلى التبعية لقوى إقليمية، أو خارجية أضعف كامل الإرادة العربية، ولولا أن سمو الأمير سعود الفيصل وزير خارجية المملكة وعمرو موسى أمين الجامعة العربية، وإصرارهما على اتخاذ قرار لمجلس الأمن لما سجل الموقف العربي أي دور يتعامل مع الحرب بإيجابية في تقليل الخسائر وإيقافها..

الامتحان قاس، لأن الأرض العربية التي تحولت إلى ميدان رماية لكل غاز أو مفتعل حرب يستدعي إما أن نكون أو لا نكون، والأخيرة هي التي ستتحقق..