سعد عزيز السعيدي

ينتظر الكثير من المراقبين، ولاسيما الاقتصاديين منهم، انعقاد القمة العربية الاقتصادية في الكويت يومي 19 و29 يناير، باعتبارها القمة العربية الأولى التي تناقش الوضع الاقتصادي على المستوى العربي، في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، التي اجتاحت ولاتزال العالم، فدمرت الكثير من بنوكه العالمية العملاقة، وأفلست عددا من شركاته الكبيرة، وشردت الكثير من العائلات بعدما تم الاستغناء عن خدمات ملايين من الموظفين، فزادت بذلك نسب البطالة في دول العالم، وقلت الحيلة، وتنادى العالم من أجل التكاتف ضد رياح أزمة اقتصادية عابرة للقارات أخذت تضرب أركان نظام الاقتصاد العالمي، فجعلته يترنح من شدة سرعتها ومباغتتها لعدد من الدول، حتى وصل الأمر الى درجة إعلان دول إفلاسها لعدم وجود سيولة مالية تستطيع التحكم بها، أو صرفها على مواطنيها، ومرد ذلك عائد لأسباب كثيرة، لعل أهمها أزمة الرهن العقاري التي كانت شرارة الانفلات نحو الهاوية.

قمة الكويت الاقتصادية، إن أراد الجميع لها النجاح، يجب أن تعمل على تعزيز التعاون العربي المشترك، وفتح الباب أمام التكامل العربي الاقتصادي والانفتاح على الاقتصاد العالمي وجذب الاستثمارات. كما أن الأمر المهم ايضا، هو الابتعاد عن المزايدات وتوجيه الاتهامات واتباع سياسة تخوين الآخر، وإدخال السياسة في صلب أعمالها، وإن ساد ذلك الامر، فالنتيجة ستكون بشكل مؤكد هي الخسارة، وكمثل الخارج بسكين مقص أظافر لقتال مجنون بيده مدفع رشاش، أو كمن يتقي البرد القارس بجسد نصف عار.

الأزمات كبيرة والتحديات خطيرة، ولذلك فإنه ينبغي علينا كعرب أن نستفيد من دروس الآخرين، ونحرص كل الحرص على تحقيق الحد الأدنى من العيش الكريم لأبناء أمتنا العربية التي شبعت هما وغما، وجفّت دموعها وتبلّدت أحاسيسها من جراء ما فعلته قوى الشر بها على مر التاريخ.

ولذلك فإننا لا نريد من القمة العربية الاقتصادية الاولى أن تسير في المصير نفسه الذي ذهبت إليه قمم العرب السياسية جراء أفعال الآيديولوجيا والحسابات الخاصة والمزايدات، فلعل الاقتصاد يكون قائدا ومحفزا للتقارب السياسي بعد أن تصبح العلاقة مبنية على منافع متبادلة ينعكس تأثيرها على واقع أمتنا العربية (المغربلة) فتقترب المسافات وتعود المشاعر ويسود الدفء وتتحقق بعد ذلك الأمنيات التي تجول في خاطر كل عربي منذ زمن طويل، ولاسيما أن لدينا بلادا كالسودان مثلا، يمكنها أن تكون سلة للغذاء العربي في ظل أزمة الغذاء، التي أخرجت رأسها على العالم، فصارت أفريقيا قبلة العالم. ولذلك فإنه يمكن توظيف إمكانيات كل دولة لخدمة شقيقاتها الأخريات، وتحقيق المنفعة للجميع. كما يمكن أيضا أن يتم توفير صندوق مالي يدعم البنوك العربية في بقية بلداننا يمنعها من الإفلاس، ويحمي الشركات التي تقتات منها الملايين من شعبنا العربي، إضافة الى تبادل العمالة العربية وإحلالها مكان العمالة الأجنبية، وفي هذه الحالة يجب إنشاء مراكز تدريب وتأهيل للشباب العربي حتى يسهل انخراطه في سوق العمل العربي، ناهيك عن إقامة اتحاد جمركي، والعمل على تفعيل الاتفاقية العربية لتجارة الخدمات، وبطاقة المستثمر التي تسمح بسهولة انتقال رجال الأعمال بين الدول العربية.

بعيدا عن جدول الأعمال للقمة الاقتصادية المتضمن للعديد من القضايا وموضوعات التجارة والتكامل الاقتصادي والارتباط بمنظومة النقل بين الدول العربية من سكك حديد وطرق بحرية وقضايا التعليم والصحة والفقر والحد من البطالة وتحديات المستقبل ومتطلبات الأمن الغذائي والتغيرات المناخية، فإني أتمنى على المجتمعين، ومن بيدهم القرار، الموافقة على إنشاء بنك ليس لإيداع الأموال فيه واستثمارها، بل للموائد المرتجعة، أي بنك تكون مهمته جمع موائد الأكل بدلا من رميها في صناديق القمامة، من قبل فريق البنك وإعادة تصفيفه مرة أخرى وتوزيعه على المحتاجين من الفقراء في عالمنا العربي، وهم كثر، وذلك حتى نستطيع أن نوفر لقمة الغذاء كحد أدنى للجميع، وإني أطالب بذلك وأول جامع ودوار على البيوت يتشرف بذلك سيكون كاتب هذا المقال.