علي حماده

حصل ما كان يخشاه الجميع : لم تحل القمة الخليجية الطارئة التي دعا اليها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيزيوم الخميس دون انفجار الصف العربي بالاجتماع العربي - الاسلامي التشاوري الذي انعقد بالامس في الدوحة حيث بدا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد و كأنه المحور الحقيقي للانقسام العربي ، الذي تكرس فلسطينيا بإحلال قادة الفصائل الآتين من دمشق و في مقدمهم رئيس المكتب السياسي لحركة quot;حماسquot; خالد مشعل على مقاعد الشرعية الفلسطينية . و كما اعلن الرئيس السوري بشار الاسد quot;مبادرة السلام العربية بحكم الميتة وجب نقلها من سجل الاحياء الى سجل الامواتquot; ، فإن الصف العربي الذي كان ينؤ منذ 2005 عندما اغتال النظام السوري الرئيس رفيق الحريري تحت وطأة الخلافات العميقة ، فقد صار اليوم بحكم المفتت و الميت صراحة و جهارا . و بات الانقسام الذي دخلت ايران طرفا مركزيا فيه سمة المرحلة المقبلة .
و بصرف النظر عما ستؤول اليه الاوضاع في غزة بعد الكارثة التاريخية التي حلت بها، فإن الواقع الفلسطيني ذاهب الى تكريس انفصال واقعي جغرافي ndash; سياسي - اهلي بين quot;دويلة غزةquot; بقيادة quot;حماسquot; و المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير في الضفة الغربية ، و يُخشى مع تعمق الانفصال على جميع المستويات ، وازدياد ارتباط حركة quot;حماس العضوي بالمشروع الايراني الذي تصطف خلفه مجموعة من الدول العربية ان تترسخ ازدواجية في الهوية الوطنية الفلسطينية ينبثق منها مساران ، و تاليا شعبان فلسطينيا !
لقد شكل انزلاق quot;حماسquot; و معها بقية الفصائل الدمشقية الاقامة نحو حرب مباشرة مع اسرائيل نعيش نتائجها الكارثية ساعة بساعة اعظم الاخطاء في حق مليون و نصف المليون من ابناء قطاع غزة ما كانوا ليتصوروا ان شعار رفع الحصار بعد الانقلاب الدموي على الشرعية الفلسطينية سيكون مكلفا بهده الصورة . و مهما قيل عن صمود الناس ، و وقوفهم خلف المقاومة في غزة ، فالشعور الحقيقي للناس الذي ينقل بعيدا من الكاميرات يشير الى احساس كبير بالقنوط و الغضب اولا من الاجرام الوحشي الاسرائيلي ، و ثانيا من قيام حركة quot;حماس بدفع اهل غزة الى حمام دم محقق على جميع المستويات و الصعد بما يذكرنا بتجربة quot;حزب الهزquot; الذي ورط لبنان اهل الجنوب و اللبنانيين في حرب لم تبق و لم تذر تحت شعار إطلاق تسعة اسرى بينهم من كان تزوج في السجن ن و اكمل دراساته الجامعية ! و كان معلوما ان المزاج الحقيقي لمعظم الناس في لبنان سنة 2006 لم يكن مؤيدا لحصول حرب ايرانية ndash; اسرائيلية بquot;الريموت كنترولquot; على النحو الذي حدث...لكن هذا امر آخر.
في غزة اليوم كارثة و المشهد العربي اكثر قتامة، و قد دخل العنصر الايراني التقسيمي الى صلب المشرق العربي عبر البوابة السورية ، و وبوابات عربية اخرى هامشية .
فمن المؤسف استهداف الوحدة الفلسطينية بتخطي الشرعية الفلسطينية المتمثلة بمنظمة التحرير و الرئاسة ، و مؤسف ايضا ان تستعر الحرب السياسية و الاعلامية ضد مصر تحت شعار فتح معبر رفح ، في الوقت الذي تتقاطع كل المعلومات لتشير الى ان كارثة غزة هي نسخة جديدة لحرب ايرانية بquot;الريموت كنترولquot; ليس من اجل ابعاد شبح هجوم اسرائيلي محتمل على المنشآت النووية الايرانية ، بل كانت ايضا و خصوصا حرب على الشرعية العربية التي وقفت و تقف حائلا دون نجاح مشروع الهيمنة الايراني في المنطقة ، الذي يمثل الوجه الآخر لحروب اسرائيل الهمجية على العرب اكان في لبنان ام في فلسطين
بالامس قال السيد خالد مشعل ما معناه ان المقاومة في غزة لم تهزم ، و ان كل ما حدث فيها هو اذى عابر ! وغدا عندما تتوقف آلة القتل الاسرائيلية عن الدوران ، سيخرج مشعل ليقول انه انتصر . و السؤال الملح : ماذا عن اهل غزة ؟ وهل من سمع و يسمع استغاثاتهم من الوحش الاسرائيلي ، و من الحروب بالواسطة في آن معا!