صالح الأشقر

تعودنا كأمة عربية منذ (60) عاما مع جارتنا، وفي نفس الوقت عدوتنا التاريخية quot;اسرائيلquot; على نمط تعامل واحد لم يتغير وهو شبيه بحياة الاسد وقطعان الماشية في الغابات.
مع الاسف وفي نفس الوقت الاعتذار الشديد عن تشبيه الامة العربية بقطعان الماشية وتشبيه اسرائيل بالاسد، فهذه القطعان تبحث عن طعامها من المراعي.. بينما يظل الاسد مسترخيا حتى يشعر بالجوع فينقض على هذه القطعان لافتراس احداها بينما تلوذ بقية القطعان بالفرار بطرق مذعورة ومتخبطة يرثى لها ولكن لفترة قصيرة ثم تعود الحياة من جديد الى طبيعتها في الغابة.
هكذا العرب عودوا إسرائيل ان تكون اسد الغابة وهم قطعان الماشية رغم الشجاعة المثيرة التي نلاحظها اذا ما اختلف ثوران من هذه القطعان كيف يتناطحان بشجاعة رهيبة وقوة خارقة حتى يطيح احدهما بالآخر.
ومن خلال هذا التشبيه الذي اكرر اعتذاري لاستخدامه الا ان المؤكد وبقوة اذا ما ظلت هذه الامة على حالها القديم والراهن سوف تعاني كوارث متفرقة ومنفرة وخلال المستقبل القريب ما لم تجد لها خطة عمل مناسبة وطويلة الامد تحفظها من الاطماع والذبح بالجملة كما هو حال الشعب الفلسطيني في غزة.
منطقتنا العربية جاذبة ومغرية وسوف تظل كذلك للاطماع الاجنبية وليس لاسرائيل وحدها نظرا لما تمتلكه هذه المنطقة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي العالمي ومن الخيرات مثل ثروات الطاقة البترولية هذه الطاقة التي ستكون من الآن فصاعدا السلاح الاقوى اقتصاديا وعسكريا لمن يسيطر عليها اضافة الى كونها مصدر رفاهية عالي المستوى.
دور الاسد الاسرائيلي في المنطقة خطير جدا فهو يركز على القتل الوحشي والعنف الرهيب لتعميق الذل بين الكبار والصغار والحاكم والمحكوم لاقناع الانسان العربي باستحالة مجاراة هذا الوحش لدرجة ان بعض انظمتنا اخذ يتودد اليه تارة وتلجأ الى سيد هذا الوحش الاسرائيلي تارة اخرى خوفا على زعامة القائد من الانهيار.
وانطلاقا من مخاوف الانظمة العربية على مكاسبها القيادية من الاسد الاسرائيلي، فان الاطماع ستظل تدور حولها للاستيلاء عليها بمختلف الطرق مادامت على وضعها المتشرذم الراهن هذا الذي تدعمه وتغذيه القوى الظالمة والطامعة في ارضنا ومستقبلنا مما جعل هذا الموقع العربي الفريد من العالم يعيش فراغا سياسيا وعسكريا وتدنيا اقتصاديا نظراً لتخلف الأنظمة التي حرمت شعوب هذه المنطقة من التطور والنمو الاقتصادي والديمقراطي الذي يشهده العالم اليوم.
ويؤكد ما نشير إليه ذلك التخبط والاضطراب والرعب الذي اكتسح أوكار الأنظمة العربية في الوقت الذي خرجت الجماهير العربية والأجنبية تندد بقوة لم يسبق لها مثيل ضد أنظمتها وضد اسرائيل والداعمين لإسرائيل في حربها الإجرامية على غزة.
جريمة العصر الاسرائيلية في غزة سببها الاساسي لأننا حتى هذه اللحظة نسرح ونمرح ونسبح ضد التيار العالمي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وفوق ذلك مازلنا حتى الآن نحارب الديمقراطية والمؤسسات المدنية التي اعتنقها العالم من حولنا واقتنع بجدواها خاصة وقت المحن عندما تلتحم الجماهير والقيادة على خطط منسقة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لمواجهة العدوان بالطرق المناسبة.
المنطقة العربية ماتزال تتعامل مع الأحداث العدوانية والسياسية والاقتصادية ضدها وخاصة في فلسطين بعقلية المستهتر غير المسؤول معظم الأحيان لتضيف أنظمتها في النهاية خلافات جديدة غالباً ما تكون مصطنعة بل ويسعى بعضها إلى تعطيل أو تخريب المساعي الخيرة لبعض قادتها هذه المساعي التي تهدف إلى ما يمكن انقاذه في قطاع غزة المنكوب.
لقد تعود عدونا على استغلال أخطائنا واستغلال هذه الأخطاء للفتك بنا وقتلنا بالجملة وبطرق بشعة أخرها مجازر أطفال غزة الرهيبة وليس هذه ناتجة عن شجاعة العدو ولكنها ناتجة عن حقده العمق واطماعه البترولية المستقبلية مع أسياده بهذه المنطقة. لقد بذل سمو أمير دولة قطر كل جهوده الخيرة منذ وقوع الكارثة على غزة بهدف التحرك السريع لعلم شيء يؤدي إلى انقاذ الأطفال من الموت الرهيب من منطلق الانقاذ السريع وقبل تضخم حجم الكارثة وجعل مؤتمر القمة العربية الاقتصادية في الكويت تتفرغ لانجاز ما أعدت له منذ زمن طويل ولكن ما حدث من الاضطرابات والتخبطات على مستوى الأنظمة العربية آثار الاستغراب والألم عربياً وعالمياً ومع ذلك فقد أرضى أمير قطر ضميره وقام بواجبه الرجولي والقيادي وبارك الله له وفيما أنجزه.
ومع كل الأسى لما يحدث في غزة سوف ننتظر الخير ونجبر أنفسنا على التفاؤل لعل وعسى ان تتكلل مقترحات أميرنا المفدى بالنجاح إلى جانب بعض الانجازات الاقتصادية العربية المشتركة التي تعتبر أكثر من مهمة لتحقيق بعض التضامن العربي المفقود.