خالد القشطيني

المعهد النسائي من المؤسسات البريطانية العريقة. له فروع في كل المدن. أعضاؤه من السيدات المحافظات المحترمات. من فقدت زوجها بالموت أو الطلاق، أو فضلت العيش عزباء مستقلة تهرع إلى المعهد. يجتمعن مرة في الأسبوع في لقاء اجتماعي، شرب الشاي مع البسكويت وأداء بعض الخدمات لأغراض الخير. يقمن بالتطريز والخياطة وصنع الخزفيات ورسم الصور ونحو ذلك. يبعن منتجاتهن فيما بعد لمساعدة المحتاجين وخدمة المجتمع ومساعدة الشعوب الفقيرة.

من موارد المعهد إصدار روزنامة سنوية في نهاية كل عام تباع للأعضاء والجمهور. وكمعظم الروزنامات تزين عادة بصور ظريفة جذابة، ورود، طيور، قطط، خيل، ونحو ذلك. لاحظت إدارة المعهد أن مبيعات هذه الروزنامة أخذت تتناقص ولم يعد الناس يقبلون عليها. وكما الحال في أي معضلة في الغرب، كلفوا خبيرا لدراسة الموضوع وإعطاء التوصيات لمعالجة الصعوبة. جرى ذلك وجاءت التوصيات. رأى الخبير أن كساد روزنامات المعهد النسائي، يعود إلى كساد صوره. لم يعد الناس يقبلون على صور الورد والطيور. يريدون صور نساء عاريات وغانيات فاتنات!

بالطبع لم تكن بين أعضاء هذا المعهد من تستطيع أن تدعي لنفسها أنها غانية فاتنة. ولكن لهن جميعا جسما من الله عليهن به ككل النساء. اقترحت إحدى الأعضاء فقالت أنا ما عندي أي مانع في أن يصوروني عارية، وينشروا صورتي هذه في الروزنامة. فكلها طلبا للخير والخدمة. وتطوعت أخرى، وإذا بجميع أعضاء المعهد ممن أوتين بجسم لا غبار عليه، أعربن عن استعدادهن لطبع صورهن العارية على الروزنامة. شهر يناير السيدة جوليت على العشب. وشهر فبراير الآنسة افلين، وشهر مارس السيدة ديانا تمشط شعرها، وشهر أبريل الأستاذة فيرونيكا، وهكذا...

جئن بمصور محترف متخصص بتصوير الأجسام العارية. صورهن جميعا بأوضاع مغرية مختلفة، اختيرت منها 12 صورة للأشهر الاثني عشر، مما يثير الشباب ويحفزهم لشراء الروزنامة وتعليقها في غرف النوم. سمعت وسائل الإعلام البريطانية بالحكاية، فأسرع المراسلون والمعلقون والمصورون لتسجيل هذه المبادرة، واستجواب السيدات الفاضلات اللواتي أطلقوا عليهن الآن اسم laquo;بنات الروزنامةraquo;. قالت سكرتيرة المعهد إنهن قمن بذلك من أجل فعل الخير ودعم نشاط المعهد.

روزنامة عام 2009 في الأسواق الآن كاملة مع 12 تصويرا فوتوغرافيا فنيا لمجموع 12 سيدة فاضلة عارية. لا فائدة من إعطاء عنوان المعهد، فلن يسمحوا بدخول هذه الروزنامات إلى عالمنا العربي.

بيد أن الموضوع أثار تفكيري. كيف انحدر المجتمع الغربي إلى هذا الهوان، بحيث اضطرت حتى مؤسسة عريقة محافظة وسيدات فاضلات إلى الخوض في مستنقعات الجنس والخلاعة من أجل بيع مجرد روزنامة؟ أنا أفهم كيف يسوقون السيارات والتلفزيونات والمجوهرات بالصور الخلاعية والإيحاءات الجنسية، ولكنني لم أتصور أن فعل الخير والصدقة أصبحا يتطلبان ذلك أيضا.