بيروت - سعد الياس
تدور حرب سياسية واعلامية عنيفة بين القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع و'التيار الوطني الحر' بزعامة العماد ميشال عون قبل اشهر من موعد الانتخابات النيابية المقررة في 7 حزيران (يونيو) المقبل.
وفيما يسعى تيار عون الى الحفاظ على مكتسباته التي نالها في انتخابات 2005 وظهر فيها ممثلاً للمسيحيين بنسبة 70 في المئة، تدأب القوات اللبنانية على تحسين وضعيتها الشعبية لمنافسة خصمها المسيحي وايصال أكبر عدد من مرشحيها ومن مرشحي 14 آذار أو الكتلة الوسطية لكسر مقولة العماد عون عن أنه زعيم المسيحيين.
وفي اطار الاسلحة المستخدمة في هذه المعركة عمد الجنرال عون قبل فترة الى تركيز حملة على إلغاء عطلة الجمعة العظيمة من بين الاعياد الرسمية محملاً المسؤولية لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة وبالتالي للقوات التي كانت ممثلة في الحكومة والتي لم تدافع عن حقوق المسيحيين، ثم عمد في خلال الاضراب العام في 23 كانون الثاني (يناير) 2007 الى اظهار صورة تمثل عنصراً مسلحاً من القوات يصوب سلاحه في اتجاه الجيش اللبناني قبل أن يتبيّن أن هذه الصورة مركبة. في المقابل، كانت القوات اللبنانية تتحيّن اللحظة المناسبة للرد، فوضعت يدها قبل ايام على سبحات للصلاة عليها صور للعذراء وللقديس شربل وصورة للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وتزامن هذا الامر مع فيديو كليب قالت القوات إنه يؤله السيد 'حسن نصرالله' أمام مذبح كنيسة 'مار يوسف' في حارة حريك، فرفعت كتاباً مفتوحاً إلى جميع المراجع الدينية المسيحية ومن يدعي التمثيل المسيحي ترفض فيه التعرض للمقدسات المسيحية وتسأل عن موقفهم من هذا الموضوع، في تلميح الى الجنرال عون حليف حزب الله. وعقبت القوات على هذا الامر بتنظيم وفود الى بكركي لمطالبة البطريرك الماروني الكاردينال نصرالله صفير باتخاذ موقف من المسألة.
وقد ردّ 'التيار الوطني الحر' على القوات متهماً إياها بفبركة الاخبار والصور، ونفت محطة عون التلفزيونية OTV التعرض للمقدسات المسيحية، وذكرت 'أن تشويه الوقائع تناول هذه المرة مسألة طائفية تحريضية لا أساس لها وهي عرض فيلم مصور يتضمن صورة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمام مذبح كنيسة مار يوسف (حارة حريك) وفرقة إنشاد إدعى موقع القوات اللبنانية أنها تابعة لحزب الله تقف أمام المذبح نفسه'.
اما نائب رئيس المكتب السياسي في حزب الله محمود قماطي فأكد تعليقاً على ما جرى بأن السيد حسن نصرالله منع عرض الفيديو كليب على شاشة 'المنار'.
فيما مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله حسين رحال علّق على موضوع السبحات بقوله 'إن حزب الله لا يمانع أن يعتبر المسيحيون السيد حسن نصرالله قديساً، وإن هذا يعزز الوحدة الوطنية'.
في المقابل، ردّت القوات على التيار الوطني الحر وحزب الله بقولها 'إن البرتقاليين يسيرون بمنطق 'عنزة ولو طارت' وعلى خطى النعامة التي تخبئ رأسها في التراب على أمل ألا يراها أحد، يظنّ العونيون أن الجميع يفبرك الأخبار والصور كما حصل مع معلمهم بعيد أحداث 23 كانون الثاني (يناير) 2007'.
واضافت 'يحاول العونيون الآن التلطي وراء أصبعهم محاولين تكذيب الواقع الذي يحصل الآن بتعدي حزب الله على المحرمات الدينية المسيحية، وكان حرياً بتلفزيون الـOTV أن يدافع عن المقدسات المسيحية لا أن يدافع عن منتهكيها. وكان حرياً بهذه الشاشة العميلة لمشروع ولاية الفقيه ألا تلجأ الى محاولة دفاع فاشلة وساقطة عن مدنسي كنيسة القديس يوسف - حارة حريك، هم أنفسهم أيضاً من يسهّلون 'التجارة' بمسبحة الوردية المنزوعة الصليب ومن يطالبون بالإعلان عن 'قداسة' حسن نصرالله'. وتوقفت القوات عند كلام محمود قماطي عن منع بث الفيديو كليب على تلفزيون 'المنار' فرأت أنه 'مضحك' ويعكس دهاء ليس بغريب عن نصرالله، وذلك منعاً للإحراج المباشر.
اما موقف الكنيسة فجاء مهدئاً لعدم افتعال مشكلة طائفية، ودعا البطريرك صفير امام الوفود التي زارته الى 'فصل الدين عن السياسة، وتغليب المحبة ونبذ الفتن ومعرفة استعمال الحرية باحترام'. وقال 'هناك شواذات كثيرة تعرفونها ولا حاجة الى ذكرها اليوم، وبين الحين والحين تظهر مفاجآت'. اضاف 'لبنان فيه طوائف عديدة وهو صغير بالنسبة لغيره من البلدان التي تحيط به، ولكن على صغره لا يزال وطن الحريات، ولكن هذه الحريات يجب ان لا تستعمل لارتكاب القباحات، ولذلك يجب ان نستعمل الحرية كما يجب ان تستعمل باحترام وعن وعي تام وكامل، ويجب ان يكون بينكم وأنتم رجال الغد تفاهم وتعاون ومحبة ليبقى لبنان وطن الحريات ووطن الاديان والتعاون بين المسلمين والمسيحيين، واذا حدث ذلك فإننا نأسف له ونأمل ان يزول والا يتكرر، هذه هي توصيتنا اليكم وأن يعمل القيمون على ذلك اي على فصل الدين عن السياسة وهذا شيء مهم يجب على الجميع ان يتقيدوا به، انني اشجب مثلكم ما يجري في هذه الايام ولكن يجب ان نلتزم جميعاً جانب الرصانة والوعي والادراك لئلا تتعثر الامور وتقودنا الى ما لا نريده'.
ودان المركز الكاثوليكي للاعلام 'بدعة ظهور زعماء سياسيين على سبحات الصلاة وبالقرب من صور القديسين'، واصدر بياناً ابدى خلاله 'إستنكاره البالغ للخلط الذي جرى بين صور زعماء وطنيين ورموز وشعارات دينية مسيحية مقدسة'، واعتبر 'ان هذه التصرفات، وبمعزل عن الجهة التي تقف وراءها، مرفوضة بالمطلق ومن شأنها إثارة النعرات الطائفية وهي لا تخدم إلا أعداء لبنان'.
وناشد 'الجميع الإمتناع عن المساس بالرموز والشعارات الدينية سواء أكانت مسيحية أم غير مسيحية'، ودعا 'الى سحب المصنوعات المشكو منها فوراً والاحجام عن التداول بها مع الإحتفاظ بحقه بالملاحقة القانونية'.
وتمنى 'على جميع السياسيين الإقتداء بسير القديسين الأبرار واستلهام قيم المحبة والتواضع والخدمة، وتعزيز ثقافة الحوار والسلام واحترام الآخر'. وفي ختام البيان دعا المركز 'الجميع الى عدم إستغلال هذا الموضوع او المتاجرة به وترك أمر معالجته للسلطات الكنسية المختصة'. اما كلمات الاغنية التي أنشدتها فرقة الولاية وصوّرت فقرات منها داخل الكنيسة فعنوانها 'للسيّد ربّ يحميه' وجاء فيها: للسيد رب يحميه من أيدي الأشرار له شعب حر يفديه له حب ووقار، هو صوت القلب الى القلب إن يأمر فالكل يلبي، بطل في السلم وفي الحرب هو أسد كرار، للسيد رب يحميه من أيدي الأشرار. يتجلى الصبح بلهجته هو أصدق من قال، بدر والليل بعمّته إشراق وجمال، هو صوت القلب الى القلب إن يأمر فالكل يلبي بطل في السلم وفي الحرب هو أسد كرا'.













التعليقات