زيّان

ما من لبناني أو عربي يجهل حجم الأزمات والتعقيدات اللبنانية المتداخلة مع انقسامات المنطقة وخلافاتها، والتي يحاول الرئيس ميشال سليمان وسائر المسؤولين معالجتها بروية وصمت، وتجنّب مطباتها الكثيرة والمرور بين نقاطها وصواريخها وافخاخها.
حتى الشرعية الدولية والشرعية العربية تعلمان جيدا ان العوامل العربية والاقليمية، وخصوصا الايرانية منها، لا تزال تشكل عائقا كبيرا في طريق المصالحات والتفاهمات المحلية، كما لا تزال تضع العصي في الدواليب اللبنانية اعتقادا منها ان quot;شفاءquot; لبنان من الازمات، او من بعضها على الاقل يشكل عائقا في وجه مخططاتها وطموحاتها الاقليمية.
وما حصل في الكويت والدوحة على هامش العدوان الاسرائيلي يقدم البراهين والادلة لمن لا يزال يعتقد ان العصي الايرانية قد سُحبت من دواليب عربة المصالحات اللبنانية والعربية.
وبوضوح تام. وعلى رؤوس الاشهاد. وعبر بعض المتضررين من العرب، سواء على جبهة القضية الفلسطينية وانقساماتها، ام على صعيد الخلافات العربية واللبنانية التي تمر بدورها في النفق الفلسطيني المتصل حكما بالنفق الايراني.
على هذا الاساس، وانطلاقا من هذه التعقيدات التي quot;تطرطشquot; لبنان في الذهاب والاياب، يجتهد المسؤولون اللبنانيون، ويجاهد الرئيس سليمان الجهاد الحسن لتمرير الاستحقاقات والقطوعات بأقل ضرر ممكن.
وبالسعي الى تجنيب لبنان الوقوع في الفخ والتجربة مرة اخرى، وتكون له الحصة الكبرى من الغُرم والفاتورة والذيول... استنادا الى التجارب السابقة التي لا يزال طعمها تحت الاضراس، والى المحاولات المستجدة والراغبة في جر الوطن الصغير الى المواجهات على انواعها.
وفي كلامه امام لبنانيي الكويت حرص رئيس الجمهورية على ان يصارح القاصي والداني بان ظروفا صعبة مرت على لبنان خلال السنوات الاخيرة، لذلك كان لا بد ان نطلّ على العالم من جديد بصورة الدولة الموحدة المدنية، والتي تتمتع بسلطات دستورية، وتمثل ارادة اللبنانيين جميعا.
ولم يفته ان يطمئن الناس الى ان الحوار بألف خير، والاستراتيجية الوطنية تأخذ وقتها، quot;ريثما نتمكن من التخطيط لاستراتيجية تجمع قوة لبنان وقدراته، من المغتربين الى المقاومة مرورا بالاقتصاد والجيشquot;...
اما المصالحة اللبنانية الداخلية، فهي باقية مقدم الاهتمامات الرسمية والمساعي الحثيثة لرئيس الجمهورية.
قال ابو القاسم الزجّاجي: اذا قيل لك ان المطر غزير والعواصف هوجاء، فلا تستهن بما قيل، والا اقتلعتك العواصف.