وزير الدولة اللبناني في حديث لـ laquo;النهارraquo; استبعد إمكانية إلغاء الطائفية السياسية

جان أوغاسابيان في حوار: الديموقراطية التوافقية تعني laquo;فيتواتraquo; الطوائف

بيروت ـ غنوة غازي

اعتبر وزير الدولة في الحكومة اللبنانية جان أوغاسابيان انه laquo;لغاية الآن، كل المؤشرات تدل على ان هذه الحكومة لن تكون حكومة متاريس، بل ستكون حكومةً منسجمة، متضامنة، فاعلة ومنتجة، ترعى نقاشاً معمّقاً للقضايا الخلافيةraquo;، معلّقا على الوثيقة السياسية لحزب الله بالاشارة الى ان laquo;فيها تناقضات يجب توضيحها وفيها استباق لنتائج طاولة الحوارraquo;، لافتاً الى ان laquo;وجهة نظر حزب الله من الديموقراطية التوافقية تعني laquo;فيتواتraquo; الطوائف، فالسيد حسن نصرالله يحذّر من الفدرلة من جهة، ومن جهة ثانية يكرّس نظام فيدرالية الطوائف والمذاهب ويؤكد laquo;فيتواتraquo; المذاهب. وفيتوات المذاهب بحد ذاتها نوع من فدرلة النظامraquo;!
وقال اوغاسابيان في حديث خاص لـ laquo;النهارraquo; من مكتبه في وسط بيروت ان laquo;توازن القوى في لبنان هو لصالح فريق واحد اليوم وليس ثمة عدالة، لان ثمة فريقا مسلّحا وأقوى من غيره ويمكنه ان يفرض ما يشاءraquo;، معتبراً انه laquo;اذا دخلنا في الامور الميثاقية، مثل الغاء الطائفية السياسية او تعديل اتفاق الطائف، يمكن لهذا الفريق ان يفرض ما يشاءraquo;.
ورأى ان laquo;الجزء من اتفاق الطائف المتعلق بالغاء الطائفية السياسية ليس قابلاً للتنفيذ اليوم، لكن ثمة أجزاء أخرى منها اللامركزية الادارية يجب تطبيقهاraquo;!

تفاصيل الحديث مع الوزير أوغاسابيان في الحوار الآتي نصه:

كيف قرأ الوزير جان أوغاسابيان ما ورد في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة؟ ما هو الجديد في هذا البيان؟ وما رأيك بالاعتراضات التي أثيرت حوله؟

الجديد في هذا البيان هو الجزء المتعلق بأولويات المواطنين، وهو أمر يظهر للمرة الأولى مقارنة مع كل البيانات الوزارية للحكومات السابقة، بحيث توجهت الحكومة الحالية الى المواطنين بالحديث عن أولوياتهم وحاجاتهم في هذه المرحلة. انا أعتبر ان هذه النقطة هي النقطة الأساس التي سوف تميز هذه الحكومة عن سابقاتها، لتكون بالفعل حكومة انجاز وانماء وتتمكن من مواجهة مسائل كبيرة عجزت الحكومات السابقة عن مقاربتها في الماضي لأسباب عدة سياسية وأمنية، ونتيجة لعدم توافر المناخات المناسبة لذلك. أما هذه الحكومة الحالية، فقد وضعت أسسا لمقاربة هذه المسائل وايجاد الحلول لها، ومنها بشكل خاص موضوع الأمن على انواعه، مكافحة الجريمة، أزمات السير، أزمة الكهرباء في لبنان التي تنعكس على المواطنين من جهتيْن، الأولى عدم حصولهم على الكهرباء بانتظام، من جهة ثانية تكبدهم دفع مبالغ كبيرة مقابل تأمين الكهرباء من مصادر خاصة، ومن جهة ثالثة أيضاً زيادة الاعباء عليهم لان عجز الكهرباء يؤدي الى ارتفاع عجز الموازنة والديون في لبنان، خصوصاً ان ديون الكهرباء في لبنان هائلة.كما تناول البيان الوزاري الجديد موضوع الضمان الاجتماعي، الطبابة، البيئة في لبنان، وغيرها من مواضيع شائكة وكبرى تتطلب تركيزاً من قبل الحكومة لكي تجد حلولاً دائمة لها تتخطى الحلول المرحلية المؤقتة.وهذا لا يعني ان الجدل السياسي لن يستمر، بل يجب ان يكون هذا النقاش السياسي راقيا وحضارياً داخل المؤسسات الدستورية القائمة، او ان يكون نقاشا سياسيا وامنياً على طاولة الحوار الوطني، فيما يتعلق بالاستراتيجية الدفاعية الوطنية، او ان يكون بالتعبير عن الرأي. ونحن نتمسك بهذا النظام اللبناني وبالديموقراطية والحريات فيه. وشخصياً، اعتبر ان لا لبنان من دون حريات وديموقراطية، لذلك يجب العودة الى الاصول الديموقراطية في التخاطب. من هنا، علينا كلبنانيين ان نفتح صفحة جديدة في التعامل مع بعضنا البعض وان نستفيد من اللحظة التاريخية المؤاتية الآن، التي توفر للبنان أموالاً طائلة. فلدينا اليوم فائض في ميزان المدفوعات، نسبة نمو عالية، ودائع ضخمة في المصارف اللبنانية، احتياط العملات الاجنبية في مصرف لبنان مزدهر... وبالتالي، اذا لم نستفد من هذه اللحظة واذا لم نحصن الموقف الداخلي من الناحية السياسية، واذا لم نترك الخلاف السياسي يأخذ مجراه بطريقة حضارية، نقود البلد بالفعل الى الهلاك والى المجهول. من هنا اقول ان البيان الوزاري ومنطق التعامل مع هذه الحكومة مختلف عن السابق. وبالفعل فإنه ولغاية الآن، كل المؤشرات تدل على ان هذه الحكومة لن تكون حكومة متاريس، بل ستكون حكومةً منسجمة، متضامنة، فاعلة ومنتجة، ترعى نقاشاً معمّقاً للقضايا الخلافية.

اذاً انت متفائل بان هذه الحكومة سوف تنجح فعلاً بالابتعاد او الترفع عن الخلافات السياسية لمقاربة القضايا الاقتصادية والمعيشية المهمة التي وردت في بيانها الوزاري؟

لا أقول انها ستترفع او تبتعد، بل انها سوف تقارب القضايا السياسية الخلافية بمنطق المؤسسات والديموقراطية، الذي يبتعد عن منطق ولغة السلاح والشارع. الخلاف موجود ويتطلب نقاشاً وحواراً، لكن على طاولة الحوار وداخل المؤسسات، لان هذا الخلاف، عندما انتقل الى الشارع، خرب البلد، وخسر اللبنانيون جميعاً. هذا لا يعني ايضاً ان حركة 14 آذار سوف تتخلى عن المبادئ والثوابت والقيم والتوجهات السياسية ووجهة النظر والسلوكية والمنهجية وادبيات التعامل بالسياسة، بل سوف تتمسك بها أكثر، لتعبر عن رأيها خارج الشارع.

ما الضمانة لتحقيق كل ذلك اليوم، خصوصاً ان اياً من البيانات الحكومية السابقة لم يشرّع لغة السلاح والشارع، ومع ذلك كان يتم استخدامها في كل مرة يحتدم فيها النقاش السياسي؟

الضمانة الوحيدة هي الوعي والادراك لمخاطر هذه المرحلة.

وهل هذا الوعي موجود لدى كل الفرقاء برأيك؟

باعتقادي انه موجود لدى الجميع نعم، لأن الخسارة تطال الجميع والربح للجميع. ونحن ملزمون بالتعاون ولا خيارات أخرى لدينا، خصوصاً بعد ان تبين لنا اننا عندما نتجه الى الانقسامات انما نتجه الى الهلاك.

شهد البيان الوزاري ما سمّي بـ laquo;زوبعةraquo; تحفظات واعتراضات على البند المتعلق تحديداً بسلاح المقاومة. لماذا تراجعت عن قرارك الاول بالتحفظ على هذا البند؟

سبق ان اتخذت موقفاً يطالب بوجوب تعديل هذا البند او الفقرة الثالثة من البيان المتعلقة بمرجعية الدولة وحصرية القرارات المصيرية فيها. وكنت قد طرحت عدة تعديلات، منها اقرار حصرية اتخاذ القرارات السياسية بالدولة اللبنانية، لا سيما في ما يتعلق بالشؤون الامنية. وقد اعتبرت ان هذا التعديل يعوّض التركيز عن تسمية قرار السلم والحرب في يد الدولة اللبنانية. بعض الامور أُخذت بعين الاعتبار والبعض الآخر لم يؤخذ به. لكن انا وكل 14 آذار توحّدنا حول مبدأ مهم وهو عدم اعطاء شرعية لسلاح حزب الله او اية صفة قانونية أو معنوية لهذا السلاح. بعض الزملاء عبروا عن رأيهم بالتحفظ، لكن هذا السلاح موجود، ولا يمكن انكاره. لذلك أضيفت جملة في نهاية الفقرة السادسة من البيان، تقر بوجوب العودة الى طاولة الحوار الوطني للوصول الى توافق حول الاستراتيجية الدفاعية، التي تتضمن علاجاً لمسألة السلاح. وهذه الفقرة مهمة جداً لانها اكدت ان ثمة تبايناً في وجهات النظر حول مسألة السلاح. وانا اعتبرت ان هذا الأمر كافٍ، فيما استمر بعض الزملاء بالتحفظ عليه. هذه هي اللعبة السياسية وهذا هو النظام الذي نتمسك به في لبنان والقائم على الديموقراطية والحريات.

هل تتوقع ان تستكمل هذه التحفظات بخطوات لاحقة في مجلس الوزراء؟

لا طبعاً. فثمة قرار موحد من قبل الجميع بضرورة التعاون والحفاظ على التضامن الوزاري، بدليل ان اكثر الناس تحفظاً هم أكثرهم تمسكاً بالتضامن الوزاري.

قلت ان الفقرة السادسة من البيان الوزاري اكدت ان سلاح حزب الله موضوع خلافي في لبنان. هل ترى ان ثمة قبولاً لمناقشة هذا السلاح من قبل حزب الله، بما يضمن الوصول الى حل نهائي له؟

الجواب على هذا السؤال يتطلب العودة الى الوثيقة السياسية لحزب الله، لان الموضوع ليس سهلاً، ولا أعلم اذا كان بعده محدوداً بلبنان ام انه أبعد من لبنان. لكن الكلام الذي ورد في وثيقة حزب الله السياسية في موضوع السلاح، تحدث عن laquo;محورية المقاومة ودورها الوظيفي في ردع العدو، وتأمين حماية لبنان وسيادته والدفاع عن شعبهraquo;، أي انه أعطاها مهام استكمال تحرير بقية الأرض. وهنا ثمة نقطة مهمة جداً، اذ ان حزب الله يعتبر ان مهمة المقاومة هي الدفاع عن الوطن. وأعطى الجيش اللبناني بالمقابل مهمة ثانية على انه جيش وطني يحمي الوطن. وبالتالي نلاحظ المزاوجة والتمييز في المهام. كما تحدث حزب الله في وثيقته عن laquo;التكاملraquo;. وبالتالي هو لا يتحدث عن جسم واحد، بل عن مؤسستيْن يجب التكامل فيما بينهما. كذلك، قال حزب الله انه طالما ان هذا العدو الاسرائيلي موجود، فهذا سبب كافٍ لكي تفعّل المقاومة قدراتها وتعزز امكاناتها، وبالتالي فان لدى الحزب نية بمتابعة منهجية التسلّح. وانا أعارض كل هذه المسائل. فهذه المقاومة تمكنت من تحرير لبنان وانتصرت على العدو الاسرائيلي واستعادت كرامات اللبنانيين والجنوبيين بشكل خاص. فقد كان ابن الجنوب اللبناني في الماضي يعيش في ذلّ وخوف من الاسرائيلي الذي يمكن ان يعتدي عليه في أية لحظة. أتت المقاومة وانتجت شبكة امان. لكن المرحلة تغيرت، وعلى المقاومة ان تحافظ على امكاناتها وقدراتها، لكن ان تُستوعب من قبل الدولة اللبنانية تلقائياً وان يعود قرار وطبيعة استعمال سلاحها بيد الدولة اللبنانية وان يكون قرار السلم والحرب بيد الدولة وحدها، والا يستمر التمايز في المهام بين هذا السلاح وسلاح الجيش اللبناني.

هل تعتبر اذاً ان ثمة ازدواجية في خطاب حزب الله الذي وافق من جهة على البيان الوزاري لحكومة هو شريك فيها، واصدر من جهة ثانية وثيقة سياسية تحدد خياراته الكبرى؟

كلا. لدى كل فريق قراءته للبيان الوزاري، لكننا متفقون على ان السلاح موضوع خلافي يجب العودة به الى طاولة الحوار لايجاد حل له.

لكن بعض مسؤولي حزب الله في خطاباتهم يفصلون بين السلاح والاستراتيجية الدفاعية ونائب أمين عام الحزب الشيخ نعيم قاسم قال ان السلاح ليس مطروحاً لا على طاولة الحوار ولا في البيان الوزاري، بل المطروح هو الاستراتيجية الدفاعية للبنان. ماذا يعني هذا الكلام برأيك؟

وهل توجد استراتيجية من دون سلاح؟ لا يمكن البحث في استراتيجية من دون سلاح. هذا السلاح هو جزء من هذه الاستراتيجية الدفاعية او العسكرية. وبرأيي يجب تسميتها استراتيجية عسكرية وليس دفاعية، لان الدفاع عن لبنان قد يكون بالهجوم مثلاً وليس فقط بالدفاع.

في المقابل كيف تفسر انفتاح حزب الله على الدولة اللبنانية بشكل أوسع مؤخراً؟

حزب الله هو جزء من الدولة اللبنانية. ولا شك انه، في الوثيقة السياسية، يحاول لبننة الحزب بخياراته وتوجهاته السياسية وبمبادئه وثوابته اكثر مما كان عليه في العام 1985. وهذا امر جيد. وهو يقول ان من اهم الشروط لقيام الوطن هو ان تكون له دولة عادلة وقادرة وقوية، ونظام سياسي يمثل حق ارادة الشعب وتطلعاته الى العدالة والحرية والامن. ونحن نقول ايضاً اننا جميعاً نريد دولة عادلة وقادرة وقوية وفاعلة ومنتجة ومنسجمة، لكن هل يمكن ان تقوم هذه الدولة طالما ان بداخلها فريقا سياسيا يمتلك قدرة عسكرية اقوى من الدولة؟ وكيف تكون الدولة قوية اذاً؟ هذا السؤال مطروح، وكل يحلله على طريقته، لذلك نشدد على ضرورة العودة الى طاولة الحوار. المسألة ليست سهلة، وصعوبتها تكمن في ربط استمرارية المقاومة بالتهديدات الاسرائيلية، واسرائيل كيان قائم على الاجرام والحرب. وبالتالي فان هذا الكلام يعني ان هذه المقاومة موجودة طالما ان اسرائيل موجودة، واكثر من ذلك انها سوف تعزز قدراتها. وبالتالي فان السيد حسن نصرالله يحسم بكلامه هذا نتائج طاولة الحوار. وثمة نقطة ثانية مهمة أيضاً، وهي ان السيد نصرالله يعتبر ان مبادرة السلام والتسوية هي خدمة لاسرائيل، وبالتالي فهو يضع لبنان بمواجهة كل محيطه العربي، وضمنه سورية، رغم انه في مكان ما امتدح موقف سورية التي سجلت موقفاً مميزاً في الصراع ودعمت حركات المقاومة، لكن سورية وافقت على المبادرة العربية وهي جزء من جامعة الدول العربية التي وافقت على المبادرة، وأكثر من ذلك ان سورية تسعى الى مفاوضات مع اسرائيل. وبالتالي، هل يعني هذا الكلام ان سورية تخدم المصلحة الاسرائيلية؟ كل هذه النقاط تحتاج للتوضيح وفيها تناقضات.

لست راضيا عن وثيقة حزب الله السياسية اذاً؟

هذه الوثيقة فيها تناقضات يجب توضيحها وفيها استباق لنتائج طاولة الحوار. وبالاضافة الى ذلك، لا أعلم الى اي مدى من مصلحة لبنان ان يدخل في لعبة المحاور والصراعات العربية والاقليمية، ويقول حزب الله في انتقاده للنظام العربي، ان معارضة السياسة الايرانية في العالم الاسلامي تخدم مصالح اسرائيل. فاذا كانت ثمة خلافات وصراعات مع المشروع الايراني في المنطقة، هل هذا يعني خدمة مصالح اسرائيل بنظره؟ كيف ذلك؟ هذا الامر يعطي بعداً للحزب يتعدى حدود الاراضي اللبنانية. كذلك، لم يتحدث الحزب ابداً عن نهائية الكيان اللبناني. وهذه النقطة اقترحتها شخصياً للبيان الوزاري بان تضاف كلمة laquo;نهائيraquo; ليكون لبنان وطناً نهائياً لجميع أبنائه. هذه الامور ليست سهلة، بل هي تعابير مهمة تفسّر نظرتنا للبنان ككيان حر مستقل سيد نفسه، وليس امتداداً لأية قوة عربية او اقليمية.

لم يتطرق حزب الله او السيد حسن نصرالله في اعلانه عن الوثيقة السياسية لاي امر يتعلق ببناء الدولة الاسلامية. لكن ثمة وجهة نظر تتخوف من التأكيد على الوثيقة الاولى للحزب في العام 1985، بالاشارة الى امكانية استمرار ورود هذا المشروع في ذهنية الحزب. ما رأيك بهذا الأمر؟

لا أعتقد ان هذا المشروع ما زال وارداً، ولقد أعلن حزب الله تخليه عنه .. ودعا ايضاً الى الغاء الطائفية السياسية وهو امر مهم للغاية..

نعم، وقال انه اذا كانت الاجواء اليوم غير ملائمة لالغاء الطائفية السياسية، او لمقاربة هذه المسألة، فلنبقَ على مبدأ الديموقراطية التوافقية. لكن مفهوم حزب الله للديموقراطية التوافقية يتناقض مع دستور الطائف. فالسيد حسن نصرالله يحذّر من الفدرلة من جهة، ومن جهة ثانية يكرّس نظام فيدرالية الطوائف والمذاهب ويؤكد laquo;فيتواتraquo; المذاهب. وفيتوات المذاهب بحد ذاتها هي نوع من فدرلة النظام. فبالنسبة لحزب الله، التوافقية هي منطق laquo;الدوحةraquo; اي منطق الاجماع. كيف تسير الدولة اذا كان كل قرار يحتاج الى اجماع كل القوى الموجودة في البلد السياسية والطائفية والمذهبية؟ هذا الامر يتنافى مع الدستور الواضح، الذي يقول باتخاذ القرارات بأكثرية الثلثين واذا لم تتأمن هذه الاكثرية بالتوافق يصار الى التصويت. منطق التوافقية لدى حزب الله يلغي هذا النظام. وحزب الله في وثيقته تحدث اما عن الغاء الطائفية السياسية بالكامل والذهاب الى نظام الاكثرية او اعتماد الديموقراطية التوافقية. وهذا الكلام جيد وثمة اجماع حوله تقريباً، لكن وجهة نظر حزب الله من الديموقراطية التوافقية لا إجماع حولها، خصوصاً انها تعني laquo;فيتواتraquo; الطوائف. فاذا ذهبنا الى الغاء الطائفية السياسية والنظام الاكثري يعتبر حزب الله ان المذهب الذي يمثله هو الاكثرية في لبنان وبالتالي يجب ان تكون له الكلمة الفاصلة، واذا اتجهنا الى الديموقراطية التوافقية التي هي بنظره منطق الدوحة، فله هو ايضاً الكلمة الفاصلة. وبالتالي لا يمكن انجاز اي شيء في لبنان من دون الحصول على موافقة الحزب.

وما هو المخرج من هذا الواقع؟

اي مخرج يجب ان يكون ديموقراطياً، حضارياً، بعيداً كل البعد عن لغة التخوين والاستكبار ولغة السلاح والشارع ولغة الازمات والصراعات والتفجير والاغتيالات والاعتصامات. اي مخرج يجب ان يكون بالفعل حضارياً. لذلك فلنتحاور. وقد تكون بعض الامور مرتبطة بالتحولات في المنطقة ككل من مبادرة السلام والصراع النووي الايراني والصراعات الاقليمية والدولية الأخرى، لذلك يجب ان يستهلك هذا الموضوع النقاش الواسع، لكن ضمن الاطر الحضارية.

لماذا اعتبرت ان الوقت ليس مؤاتياً اليوم لالغاء الطائفية السياسية؟

لانه بمجرد الاعلان عن نية لمقاربة الأمر، حصلت البلبلة. فكيف اذا دخلنا في طرح المسألة على مستوى التطبيق؟!

لماذا عارضت طرح مداورة الرئاسات بين الطوائف ايضا؟

لانه موضوع شائك يفتح الابواب على مشكلات كثيرة. ثم ان توازن القوى في لبنان هو لصالح فريق واحد اليوم وليس ثمة عدالة. ثمة فريق مسلّح وأقوى من غيره ويمكنه ان يفرض ما يشاء. واذا دخلنا في هذه الامور الميثاقية، يمكن لهذا الفريق ان يفرض ما يشاء. هذا واقع لا يمكن تجاهله. لذلك، انا لا أعتقد ان المعطيات الحالية الداخلية والاقليمية والخارجية تسمح بقاربة اية مسألة ميثاقية.

اذاً يستمر لبنان بالالتفاف على ميثاقه ودستوره لكي يرضي الطوائف التي تحكمه؟

علينا ان نحافظ على الصيغة الحالية، وهو ما قاله السيد حسن نصرالله، اي المحافظة على الصيغ الحالية التي تشكل صيغاً سياسية ملائمة لمشاركة حقيقية، لكن فلنبحث مفهوم التوافقية، الذي نختلف حوله. وكل هذه الأحكام والمعطيات التي تمنع الدخول في عملية الغاء الطائفية السياسية او المداورة، هي نفسها تمنع فتح باب التعديلات الدستورية، لان فتح اي باب يأخذنا الى مكان آخر، ربما الى المثالثة، الى صلاحيات الرؤساء، الى آلية اتخاذ القرارات داخل مجلس الوزراء، الى حل المجلس النيابي وغير ذلك. اتفاق الطائف كلّف مئة وخمسين ألف شهيد في لبنان وحرباً اهلية دامت خمسة عشر عاماً، وتعديله ليس بالامر السهل. ربما ثمة ثغرات بسيطة يمكن اتخاذ اجراءات لتعديلها، منها صلاحيات رئيس الجمهورية، لكن هذا الامر أيضاً هو باب كبير.

هل يعني كلامك استحالة تطبيق اتفاق الطائف في لبنان اذاً؟

اقول ان الجزء من اتفاق الطائف المتعلق بالغاء الطائفية السياسية ليس قابلاً للتنفيذ اليوم، لكن ثمة أجزاء أخرى منها اللامركزية الادارية يجب تطبيقها.