مالم يقله البيان السعودي

داود الشريان

الموقف الذي أعلنه بيان مجلس الوزراء السعودي، اول من امس، لجهة ضرورة laquo;البُعد عن التسويف وتأجيج العواطف ونبذ سياسات المحاور، والتصنيف والتأليب، والتنبه للأطماع الإقليمية والخارجية التي تتستر وراء الادعاء بدعم قضايا العرب والمسلمينraquo;، لخص المشكلة، وانطوى على حل الأزمة التي خلقتها الحرب على غزة. وانطلاقاً من هذا البيان يمكن القول ان الحرب على غزة خلقت ظروفاً سياسية فلسطينية شبيهة بتلك التي ظهرت على الساحة اللبنانية بعد حرب تموز (يوليو)، ولهذا فإن استمرار الحديث عن التهدئة، ومهمة المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط، وآلية العمل العربي المشترك في إطار المبادرة العربية للسلام، والتعاطي مع الإدارة الاميركية الجديدة لن يفضي الى حل الأزمة التي تواجهنا. فالمشكلة اليوم ليست هنا، فضلاً عن ان الحديث عن إحياء عملية السلام في هذه الظروف لا يختلف عن الحديث عن ضرورة حل مسألة مزارع شبعا عشية توقف الحرب على لبنان. وما جرى سابقا في لبنان، ويجري الآن في غزة، تزييف سياسي حان وقت فضحه والوقوف ضده.


المثل الشعبي يقول laquo;الكلمة التي تستحي منها بدهاraquo;، والكلمة التي استحى العرب ان يبدوا بها القول والحل في حرب تموز على لبنان، هي ان تلك الحرب قامت بدعم من طهران بهدف تغيير موقع laquo;حزب اللهraquo; على الساحة السياسية اللبنانية، وليس تحرير الجنوب. لكن بشاعة الحرب ووحشية القتل حالت دون قول كلمة الحق. والمشهد يتكرر اليوم في غزة لتغيير موقع حركة laquo;حماسraquo;. انها مغامرة سياسية جديدة باسم القضية الفلسطينية، هدفها العبث بأمن المنطقة ودولها، وتسهيل laquo;الأطماع الإقليمية والخارجية التي تتستر بشعارات الدفاع عن العرب والمسلمينraquo;. وطهران انتصرت في لبنان بتواطؤ حلفائها العرب، وصمت الدول العربية الكبيرة عن تسمية الاشياء بأسمائها، وهي ربما تنتصر في الساحة الفلسطينية اذا استمر العرب متمسكين بهذا الحياء السياسي.
حان الوقت لمواجهة. لا بد من التصدي بقوة وحزم لحملة تخوين مصر والسعودية. لا بد من كشف زيف التهليل لزيارة، وان شئت لجوء، خالد مشعل الى طهران في هذه الظروف ووصفها، وهي التي تحتل جزءا من الأرض العربية، بالحليف. نحن لم نعد نواجه اسرائيل وحدها على الساحة الفلسطينية، فإيران صارت هناك، تستخدم جثث اطفالنا في سبيل أطماعها، وبدعم وتواطؤ من قيادات فلسطينية وعربية. و يجب ان لا تغرنا اللحى المخضبة، وجوقة الانتهازيين والباحثين عن حجم وسلطة.

(الحياة اللندنية)