منظمة مغربية تنتقد الفساد الانتخابي وشراء أصوات الناخبين


الرباط - محمود معروف

قالت منظمة مغربية تنشط في ميدان حماية المال العام ان الانتخابات البلدية التي جرت الشهر الماضي كشفت عن كارثة سياسية متجددة تعيشها البلاد وأفرزت مؤشرات خطيرة لسياسة الردة التي رسمتها الدوائر المتحكمة في البلد والتي تنوي فرضها على الشعب المغربي وقواه الحية لعدة عقود قادمة.

وقالت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب في تقرير حول الانتخابات التي جرت يوم 12 حزيران (يونيو) الماضي حصلت القدس العربي على نسخة منه ان ظاهرة الحكومة السرية عادت إلى البروز وتحولت التوجيهات إلى تدخلات مباشرة وحصل التراجع الصريح عن العديد من المكتسبات، وتم فرض الاستمرار في اللعبة الخاسرة وعاد تفعيل سياسة التيئيس وقتل الأمل بافلات العديد من تجار الانتخابات من العقابquot;
وقالت الهيئة ان الانتخابات الجماعية عرفت عودة الفساد الانتخابي والتلاعب بأصوات وضمائر المواطنين وعاد المخزن (السلطة) إلى تحريك آلياته القديمة منها والجديدة بعودة المافيات بأموالها الفاسدة والضخمة وبظهور حزب التراكتور، في اشارة الى حزب الاصالة والمعاصرة الذي يتزعمه فؤاد عالي الهمة الوزير السابق في الداخلية وصديق الملك محمد السادس.

واتهمت الهيئة حزب الاصالة والمعاصرة الذي احتل المرتبة الاولى من حيث عدد المقاعد وعدد الاصوات بـquot;صرف أموال طائلة لا أحد يعلم مصدرها ودعم مكشوف للسلطات العمومية والحياد السلبي للسلطات الإدارية.quot; وقالت: لقد حقق الحزب في 6 أشهر ما لم تحققه أحزاب تأسست منذ خمسة عقودquot;.

وشكلت هيئة حماية المال العام في شباط (فبراير) مرصدا وطنيا لمراقبة استعمال المال العام اثناء الحملات الانتخابية اعد المتطوعون تقريرا حول الخروقات التي عرفتها العملية الانتخابية ابتداء من التقطيع الانتخابي الى اعلان النتائج مرورا باللوائح الانتخابية والترشيح والحملة الانتخابية ويوم الاقتراع.

وسجل المرصد quot;لجوء العديد من الاحزاب الى ترشيح ذوي السوابق الامنيةquot; وارتفاع نسبة المرشحين الاميين وهو مخالف للقانون الذي يشترط حيازة المرشح على الشهادة الابتدائية كحد ادنى لمستوى التعليم واعتبر quot;رفع العتبة الى 6 في المائة قلل نسبيا من حظوظ الفوز حتى بالنسبة للأحزاب التقليدية التي استعانت بالأعيان وأصحاب المال، وكل الذين أكدت الأيام فساد ذمتهم وصلاحيتهم الانتخابية في الماضي والحاضر والمضارعquot;. وقال ان وزارة الداخلية تساهم quot;منذ عقود وبشكل مباشر في افساد العمليات الانتخابية من خلال تسترها على المنتخبين الفاسدين.

وكشف التقرير ان الجرائم الانتخابية حسب الدعاوى القضائية تراوحت بين استعمال المال والمنافع للتأثير على الناخبين (295 شكاية) وتسخير الأدوات والوسائل العامة واستغلال الوظيفة (77) واستعمال العنف أو التهديد للتأثير على الناخبين (52) والحملة الانتخابية السابقة لأوانها (49) والإخلال بضوابط التقييد في اللوائح الانتخابية (42 ) والإخلال بضوابط الحملة الانتخابية (39).

وقال التقرير ان معظم الخروقات والتجاوزات التي توصلت بها الهيئة تتعلق بتسخير موظفي الجماعة في الحملات الانتخابية، وتوزيع إعانات مادية من مؤخرات ميزانية الجماعة، وتسلم شيكات موقعة على بياض قصد ضمان الأصوات، إلى جانب توزيع بقع مخصصة لجمعيات الأعمال الاجتماعية لمسؤولين لا علاقة لهم بالسكن الاقتصادي.

كما أن دعم الحملات الاعلانية وتحمل تكاليف المقار الانتخابية لبعض المرشحين، احد اوجه استخدامات المال المعلنة، أما الاستخدامات غير المعلنة فيأتي على رأسها ظاهرة شراء الاصوات التي تنشط عند كل انتخابات بشكل كبير هناك شراء اصوات في جميع الدوائر وقالت ان هذا أمر يسيء الى الديمقراطية ويؤثر على نتائج المرشحين.

وقالت هيئة حماية المال العام ان مختلف التجارب الانتخابية التي عرفها المغرب منذ 1962 تميزت باجرائها في اطار دستور غير ديمقراطي، وبلوائح مغشوشة تستعملها وزارة الداخلية للتحكم في النتائج وتقديم مساعدات مالية للأحزاب التي تقبل المشاركة في انتخابات غير نزيهة وبعيدة كل البعد عن الديمقراطية مقابل تدعيم السلطة للمرشحين المفضلين الطيعين وتزوير نتائج الانتخابات بشكل مفضوح أو متستر.

وقالت انه أمام مظاهر الفساد التي لم تعد خافية على أحد، أصبحت معه الديمقراطية مهددة في العمق، فانعدام المصداقية وقيم النزاهة وسيطرة المصالح الشخصية على مصالح الوطن والشعب كلها عوامل تدفع نحو العبث والفوضى والتلاعب بمصير الوطن والأمة.

ودعت الى فتح تحقيق في كافة ملفات الخروقات واطلاع الجمهور على ما تم تخزينه من معلومات، والتحقيق بالاستعمال المفرط لاسم الملك في الانتخابات والاختطافات والزام مرشحين على توقيع اعترافات بدين والكشف عن مصادر الأموال المستعملة وتدقيق حسابات الاحزاب. وتفعيل دور الاعلام للقطع مع سياسة التخويف والتجهيل والتيئيس والتضليل والتذكير ببطولات المواطنين في الستينات والذين حموا أصواتهم وحموا الديمقراطية بالمراقبة الشعبية.

ودعت الهيئة في ختام تقريرها الى ندوة يشارك فيها فاعلون سياسيون وحقوقيون وجمعويون ونقابيون تهدف اضافة الى تقييم الانتخابات الى إقرار دستور ديمقراطي والقيام بإصلاحات سياسية تكرس الفصل الحقيقي للسلط وتمكين السلطة القضائية من القيام بدورها بكل ما يلزم من نزاهة واستقلالية وإحداث مؤسسات للمراقبة المالية قوية وقادرة على المراقبة الفعالة للمال العام ومتابعة المتورطين في نهب وتبذير المال العام والمخططين والموجهين والمشاركين والمنفذين وإرجاع الأموال المنهوبة ومصادرة ممتلكات وأموال المدانين، على قاعدة عدم الإفلات من العقاب والاسراع بسن قانون لحماية كاشفي جرائم الرشوة ونهب المال العام من أية متابعة قضائية ومن كل أشكال التعسف والانتقام وإرجاع المطرودين والموقوفين لعملهم وجبر ضررهم وإلزام الدولة بحرمان ناهبي المال العام من الحقوق الوطنية والسياسية ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم.