10/08/2009

إذا كانت التهديدات الإسرائيلية من الأسباب الموجبة لحكومة وحدة وطنية


هل يصير اتفاق على وضع سلاح quot;حزب اللهquot; بإمرة الدولة ؟

اميل خوري



تساءل مرجع ديني هل تكون مواجهة التهديدات الاسرائيلية بلسان اكثر من مسؤول، التي تعتبرها قيادات لبنانية جدية وخطيرة، بالخلافات الحادة والانقسامات على تشكيل حكومة وحدة وطنية وبالتزاحم على الحقائب السيادية والخدماتية، ام بالاتفاق سريعا على اختيار الوزير المناسب للحقيبة المناسبة؟ واذا كانت هذه التهديدات الاسرائيلية المتكررة تبرر قيام مثل هذه الحكومة ليكون موقفها واحدا موحدا في مواجهتها والتصدي لها، كما يبرر عدم تشكيل حكومة من الاكثرية فقط عملا بالنظام الديموقراطي، فلا ينبغي ان يكون تشكيلها كسبا لمغانم، ورغبة في تحويل بعض الوزارات مزارع للقيمين عليها، بل ينبغي ان يتم تشكيلها بسرعة لمواجهة التحديات والاستحقاقات في مرحلة دقيقة وحساسة قد يمر بها لبنان والمنطقة. ويرى المرجع نفسه ان تشكيل حكومة وحدة وطنية في كل دولة تضطلع بمسؤولياتها حيال شعبها، تفرضه ظروف امنية وسياسية واقتصادية، كي لا تستأثر فئة بالقرارات المهمة من دون مشاركة فئة اخرى. وما دام لبنان قد يكون مهددا بخطر عدوان اسرائيلي، فإن على حكومة الوحدة الوطنية الواجب تشكيلها بسرعة لمواجهة هذا الخطر، ان تبحث في الوسائل التي تنأى بلبنان عنه او تتفاداه لئلا يظل ساحة مفتوحة للصراعات والاقتتال، بل واحة للراحة والاستراحة. فالشعب اللبناني عانى ما فيه الكفاية من تداعيات هذه الصراعات على ارضه سياسيا وامنيا واقتصاديا.
اما كيف يمكن تجنيب لبنان المخاطر والاخطار، فان المرجع نفسه يدعو الى البحث بمسؤولية في عدم اعطاء اسرائيل اي ذريعة تبرر اعتداءها على لبنان كما حصل في حرب تموز 2006 ، اذ انها بررت تلك الحرب بإقدام quot;حزب اللهquot; على خطف جنديين اسرائيليين، ولا ينفع القول ان اسرائيل لا يعوزها مبرر لحربها، لانه عندما تكون هي البادئة بالاعتداء على لبنان من دون مبرر شيء، وعندما يكون لبنان هو البادئ فيعطي اسرائيل مبررا للرد، شيء آخر في نظر المجتمع الدولي.
لذلك ينبغي الاتفاق داخل حكومة الوحدة الوطنية العتيدة على عدم اعطاء اسرائيل اي ذريعة تفتش عنها كي تعتدي على لبنان، لان اي طرف لبناني يعطيها هذه الذريعة سوف يعرض البلاد لانقسام داخلي حاد يحقق لاسرائيل اهداف عدوانها. فكما انه لا يجوز استئثار اي فئة في اتخاذ القرارات حتى العادية منها، فكيف في اتخاذ القرارات المهمة التي تهدد مصير لبنان، وهي قرارات ينبغي ان تتخذ بالتوافق وبالاجماع كي يتحمل الجميع المسؤولية ونتائج اتخاذها.
وهذا لا يتطلب بالضرورة تخلي quot;حزب اللهquot; عن سلاحه او تسليمه الى الدولة، بل وضع هذا السلاح بإمرتها فلا يستخدم الا بقرار يصدر عن مجلس الوزراء الذي يشارك فيه quot;حزب اللهquot; مع حلفائه في المعارضة، وهذا هو المعنى الحقيقي للشراكة الوطنية التي يطالب بها الحزب وللمشاركة في اتخاذ القرارات ليس من اجل تعيين حاجب في الدولة بل من اجل تعزيز كيفية مواجهة الاخطار المحدقة بلبنان.
وعندما يصبح سلاح quot;حزب اللهquot; في كنف الدولة او بإمرتها والحزب يشارك في اتخاذ قرار في شأنه داخل مجلس الوزراء، فلا يعود ثمة خوف او تخوف من استخدام هذا السلاح في غير مكانه او في غير زمانه كما كان يحصل سابقا، وان يستأثر حاملوه بقرار استخدامه بدون اخذ رأي الشريك اللبناني الآخر الذي يتحمل عندئذ مكرها عواقب هذا القرار. فهل quot;حزب اللهquot; مستعد لان يوافق على ذلك كي يكون لتشكيل حكومة وحدة وطنية مبرر واسباب جوهرية موجبة، ام انه يريد المشاركة في قرارات ويرفض مشاركته في قرارات اخرى ولو مهمة؟! وهذا ما ينبغي الاتفاق عليه مسبقا لتضمينه البيان الوزاري.
وهناك خطر آخر يتهدد لبنان وقد يحوله ساحة، هو خطر توجيه اسرائيل ضربة عسكرية لايران تستهدف مفاعلها النووي، هل يرد quot;حزب اللهquot; على هذه الضربة باطلاق صواريخه على اسرائيل فيأتي الرد عندئذ بضرب البنى التحتية في لبنان وتدميرها وهو ما يكرر مسؤولون اسرائيليون التهديد به، ويقولون انهم اذا كانوا قد تجنبوا في حرب تموز 2006 ضرب هذه البنى بكاملها، فذلك استجابة لطلب الولايات المتحدة الاميركية، اما في حرب مقبلة محتملة فلن يستجيبوا احدا...
لذلك ينبغي الاتفاق مع quot;حزب اللهquot; قبل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، على ما سوف يفعله اذا ما تعرضت ايران لضربة عسكرية اسرائيلية. هل يرد عليها بصواريخ يطلقها على اسرائيل ويقول انها قد تبلغ تل ابيب، فيتحول لبنان عندئذ ساحة للدمار والخراب لا قيامة له منها، وقد لا يجد بعدها من يساعده، كما في الماضي، على اعادة اعمار ما تهدم فتقع عندئذ الكارثة الاقتصادية والمالية التي لا خلاص منها؟ ولا معنى من جهة اخرى للقول إن توازن الرعب قد يمنع اسرائيل من المغامرة بضرب لبنان لان التدمير قد يكون متعادلا، فانه لا تصح المقارنة بين اسرائيل التي تبقى قادرة على اعادة بناء ما تهدم بما تملك من طاقات ومساعدات تأتيها من كل جهة، ولبنان الذي يبقى غير قادر على ذلك، خصوصا انه ينوء تحت اعباء ديون تفوق الخمسين مليار دولار.
ان هذا الوضع المقلق يتطلب جوابا من quot;حزب اللهquot; حول موقفه في حال اقدمت اسرائيل على توجيه ضربة عسكرية الى ايران، هل يتفرد بالرد ام ينسق موقفه مع شريكه اللبناني ومع سوريا ايضا، حتى اذا شاركت في الرد على الضربة العسكرية الاسرائيلية شارك الحزب فيها بموافقة الحكومة، واذا امتنعت امتنع.
وفي المعلومات ان اسرائيل لم تقرر بعد اذا كانت ستسبق ضربتها العسكرية لايران بضرب quot;حزب اللهquot; سواء باعطائها ذريعة تبرر ضربه او بعدم اعطائه اياها، كي تتفادى ردة فعل هذا الحزب عند ضرب ايران، ام انها تبدأ بضرب ايران وتنتظر ردة فعل quot;حزب اللهquot; او سوريا او اي دولة اخرى كي ترد عليها، فاستباق ضرب ايران بضرب quot;حزب اللهquot; في لبنان هو حكم مسبق على النيات من شأنه ان يجعل لبنان موحدا مع quot;حزب اللهquot; في الرد على اسرائيل، ويحظى ذلك بدعم الاشقاء والاصدقاء.
لذلك ترجح المعلومات في حال قررت اسرائيل توجيه ضربة عسكرية خاطفة الى ايران، ان تبدأ بها وتنتظر ردود فعل quot;حزب اللهquot; وغير quot;حزب اللهquot; عليها، كي يبنى على الشيء مقتضاه. لكن الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد الاوروبي لا يزالان يحذران اسرائيل من عواقب إقدامها على مثل هذه الضربة، وانهما لا يزالان يأملان بالتوصل الى تفاهم مع ايران حول ملفها النووي حتى آخر السنة حداً اقصى، وهو انتظار لا بد للبنان ان يكون مستعدا خلاله لمواجهة كل الاحتمالات بموقف موحد.