يبدأون يومهم بمقهى الشابندر ويقضونه في آثار بابل وينتهون بـlaquo;المسكوفraquo;


بغداد - الشرق الأوسط

يحفل العراق، الذي شهد ترابه ولادة أول حضارة في تاريخ الإنسانية يرجع تاريخها إلى ستة آلاف سنة، بمواقع تاريخية خصبة وتراث عظيم يقدمه للسائحين الذين يرومون زيارة هذا البلد على الرغم من الهجمات التي تقع هنا وهناك بين الحين والآخر. وفي الوقت الذي يتراجع فيه العنف في العراق بشكل لم يشهده منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 فإن المسلحين لا يزالون قادرين على شن الهجمات مما يجعل البلاد مقصدا خطيرا للغاية للجميع باستثناء السائحين من عشاق المغامرة.
وكان أول فوج من السائحين الغربيين منذ الإطاحة بنظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين قد وصل العراق في مارس (آذار)، لكن هجمات شهدتها البلاد وأخرى في بغداد قتلت في أغسطس (آب) نحو 393 شخصا في واحد من أكثر الأشهر دموية خلال العام الحالي.

وإذا تحسن الوضع الأمني وتراجع العنف فسيجد السائحون المهتمون بالشرق الأوسط بشكل خاص في بلاد ما بين النهرين مكانا رائعا للزيارة. وبحسب تقرير لوكالة laquo;رويترزraquo; فإن على السائح الغربي مراعاة جوانب عدة قبل أن يبدأ مغامرته في العراق، وهي مثلا أن على السائح الذي لا يجيد اللغة العربية التنقل مع سائق عراقي يتحدث الإنجليزية ولديه علم بالوضع الأمني في البلاد.

وفي فترة الظهيرة بالإمكان زيارة سوق الكتب الذي يقام كل جمعة في شارع المتنبي، شاعر العربية العظيم في القرن العاشر الميلادي. وكانت بغداد في يوم من الأيام عاصمة الخلافة في العصور الوسطى والمكان الذي يوجد فيه الكثير من شعراء وكتاب العربية العظام.

وكان الشارع الذي يعود للعصر العثماني مركز الحياة الثقافية الثرية في العراق. وبالإمكان اصطياد الكنوز الأدبية من متاهات متاجر الكتب.

وفي الثانية ظهرا بالإمكان الاستراحة من شراء الكتب والتمتع بشرب الشاي العراقي بنكهة الهيل الطازج مع تدخين نارجيلة بطعم الفواكه في قهوة الشابندر ملاذ المفكرين العراقيين.

ولإلقاء نظرة على التاريخ الاستعماري في العراق يمكن الذهاب في الخامسة عصرا إلى حي باب الشورجة بالقرب من المقبرة الأرمينية التي دفنت فيها غيرترود بيل التي يطلق عليها laquo;ملكة بغدادraquo; أو كما تعرف عراقيا بـlaquo;مس بيلraquo; أو الآنسة بيل.

وعينت غيرترود في منصب سكرتير الشرق وهي باحثة ومستكشفة وكاتبة وعالمة لغويات بريطانية ينسب إليها الفضل في رسم حدود العراق الحديث بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى. وتوفيت عام 1926.

وبالعودة في السابعة مساء إلى العاصمة بالإمكان التوجه إلى أحد المطاعم الكثيرة في حي الكرادة المزدحم في وسط بغداد وتناول طبق القوزي العراقي الشهير.

وبعد ذلك يمكن للسائح أن يقصد جسر الأئمة الذي يصل بين حيي الأعظمية والكاظمية في بغداد ويستقي اسمه من مرقد الإمام الكاظم في الجانب الغربي من النهر ومرقد الإمام أبو حنيفة النعمان في طرفه الشرقي.

وأعيد افتتاح الجسر في أواخر 2008 بعدما أثارت شائعات بوقوع تفجير انتحاري عام 2005 ذعر آلاف من الشيعة كانوا يعبرون الجسر في أحد الاحتفالات الدينية وأدى تدافعهم إلى مقتل ألف شخص. وفي التاسعة من صباح اليوم التالي يمكن للسائح التوجه إلى مدينة بابل الأثرية حيث توجد الحدائق المعلقة الشهيرة إحدى عجائب الدنيا السبع القديمة. ولا تزال هناك آثار باقية في المدينة على الرغم من نهب ثرواتها بأيدي اللصوص والقوى الإمبريالية الأوروبية قبل أزمان بعيدة ثم تحولها إلى قاعدة عسكرية لقوات التحالف بعد عام 2003.

ويعمل المسؤولون على الحفاظ على بابل حيث ظهرت دعائم الحضارة الأولى مثل الزراعة والكتابة والقانون المدون والعجلة. وأثناء تفقد أطلال المدينة الأثرية بالإمكان القيام بجولة في القصر الذي بناه صدام عام 1988 على تلة صناعية تشرف على بابل. ويذخر القصر بقاعاته التي فرشت أرضياتها بالرخام، وإطلالة على نهر الفرات والكتابات المنقوشة على جدرانه.

وتعرضت كثير من أجزاء القصر للإهمال بسبب الحرب لكن دار الضيافة التابعة له تستقبل الزوار ولا تزال حدائقه قائمة. وتصل تكلفة الإقامة في إحدى غرف القصر لليلة واحدة 170 دولارا.

وفي الواحدة ظهرا وبعد العودة إلى بغداد بإمكان السائح التوجه إلى حي المنصور غرب العاصمة، لتناول الغداء في مطعم laquo;زرزورraquo; للكباب العراقي. ثم بالإمكان زيارة سوق الشورجة أكبر سوق في بغداد والذي يشتهر ببيع مجموعة كبيرة من التوابل الهندية والسيراميك والهدايا التذكارية المصنوعة يدويا. ويشتهر السوق أيضا ببيع الزي العربي التقليدي المطرز يدويا.

وبالقرب من سوق الشورجة يقع سوق الصفافير الذي يبيع مجموعة متنوعة من المنتجات النحاسية مثل الأباريق والقدور وأواني الماء. ومن هنا بالتأكيد سيمر السياح بشارع الرشيد وهو واحد من أقدم الشوارع في العاصمة العراقية. وفي الخامسة عصرا بالإمكان التمتع بالسير في شارع أبو نواس الذي تزينه أشجار الكافور الذي يحمل اسم الشاعر الشهير أبو نواس. ويطل الشارع على نهر دجلة، وتوجد فيه مطاعم للأسماك وملاه ليلية وحديقة.

وفي الثامنة بالإمكان تناول طعام العشاء في أحد المطاعم المطلة على النهر في شارع أبو نواس، التي تقدم طبق سمك المسكوف العراقي الشهير وتشوى فيه أسماك الشبوط النهرية فوق نيران الأخشاب. وفي اليوم التالي بإمكان السائح أن يتوجه إلى مزار العسكري في مدينة سامراء وهي على بعد نحو ساعة بالسيارة شمالي بغداد. وكان تفجير مسجد العسكري الذي يعرف أيضا باسم المسجد الذهبي في فبراير (شباط) 2006 قد فتح الباب أمام سلسلة من أعمال العنف الطائفي التي لم تهدأ إلا في الأشهر الثمانية عشرة الأخيرة. وجرت أعمال مكثفة لترميم المسجد.

وبني المسجد عام 944 وهو واحد من أربعة مزارات شيعية كبرى في العراق. واستكمل بناء قبة المزار عام 1905 وتمت تغطيتها بقطع ذهبية قدر عددها بنحو 72 ألف قطعة.

وتقع في منطقة قريبة المئذنة الملوية التي تتميز بها سامراء وتعود لعصر الخلافة العباسية. وبالعودة لبغداد في المساء ربما بالإمكان زيارة حديقة الزوراء في وسط المدينة وهي من أشهر أماكن تجمع العائلات العراقية والمحبين. وتقع حديقة حيوان بغداد هناك بجانب مكان للترفيه حديث إلى حد ما. وعلى السائح استئجار زورق في بحيرة صناعية هناك ليشاهد بأم عينيه.. العراقيين وقد عادت حياتهم إلى طبيعتها من جديد.