أتوقع أن laquo;السما تشتي طحين والأرض تنبع بنزينraquo;

جهاد الخازن

أتوقع أن يشهد عام 2010 انقلاباً كاملاً في شخصية بنيامين نتانياهو فبعد أن كان دجالاً مجرماً سيصبح مجرماً دجالاً.
كنت سمعت كثيراً عن نوستراداموس وتوقعاته حتى كدت أصدق ما سمعت، ثم قرأت كتابه وصدمت، فالكلام مكتوب بشكل رمزي عام أو مائع ويمكن أن نفسر النبوءة على أنها عن ديك فوق مزبلة أو وزير في سراي الحكم، وعن قن دجاج أو دولة.

نوستراداموس خلفه الفلكيون في كل بلد، ولعل الإسم المشتق من الفعل المجرد الثلاثي laquo;فَلَكraquo; يعني أيضاً العيش في الفلك أو القدوم من الأفلاك لتصديق ما نقرأ من شطط.

أتجاوز الفلكيين الخواجات، وأكتفي ببلادنا، فقد قرأت أن الفلكي التونسي الذي توقع يوماً وفاة أميرة ويلز، الأميرة ديانا، في حادث سير، ووفاة أبو عمار بعدها، يتوقع لعام 2010 أن يحاكم جورج بوش الابن وأن يثبت أن أسامة بن لادن توفي سنة 2006 وكانت وكالة الاستخبارات المركزية تصدر البيانات باسمه.

أتوقع أن هذا وذاك لن يحدث وجورج بوش مجرم حرب إلا أن إدانته تعني إدانة النظام الذي أفرزه، وهناك 12 شهراً مقبلة ستثبت أين كانت توقعاته أكثر دقة.

ربما اقتضت السلامة ألا يتحدى صحافي غلبان عالماً فلكياً مشهوراً، غير أنني أكمل مع عالم الأرقام اللبناني محمد فنيش الذي قرأت ضمن توقعاته للعام الجديد أن تشهد سورية انتعاشاً اقتصادياً واجتماعياً وأن تشهد السعودية خراباً.

ويبدو أن السيد فنيش يتوقع تمنياته، وشخصياً أتمنى لسورية ازدهاراً على كل صعيد، إلا أنني أجد التوقعات السعودية أضغاث أحلام والحسابات والمعادلات التي بنيت عليها كما يقول صاحبها خرافات، الأرجح أن تكون ايرانية.

في لبنان يظل ميشال حايك أشهر الفلكيين وله توقعات مشهورة أصابت، وغطت على ألف توقع آخر لم تصب، ككل فلكي في كل بلد.

هذه المرة قرأت توقعات لميشال حايك في السياسة والاقتصاد لعام 2010 بعضها محدد وبعضها laquo;نوستروداميraquo; الصيغة، وكثير منها عن لبنان أتجاوزه لأكتفي بتوقعين محددين، الأول عن مخطط انقلابي في سورية وإلقاء القبض على الرؤوس المدبرة، والثاني عن اكتشاف مادة توازي في أهميتها النفط.

وأقول إنه لن تقع محاولة انقلابية في سورية ولن نكتشف مادة في أهمية النفط، وهناك 12 شهراً للحكم بين الصحافي الغلبان إياه والفلكي المشهور.

أستطيع أن أتوقع أن laquo;السما تشتي طحين والأرض تنبع بنزينraquo; كما توقع عمر الزعني يوماً على لسان مرشح للانتخابات في لبنان، إلا أنني لن أفعل لأن السماء والأرض لن تفعلا، ومَن توقع ذلك فعلاً كان يرجو أن ينسى الناس ما توقع لا لأنه ينتظر حدوثه فعلاً.

لو كنت فلكياً لاستطعت أن أعلن تكهنات وتوقعات وترجيحات للعام الجديد كلها مضمون. ومثلاً فأنا أتوقع

أن تستمر الأزمة المالية العالمية،

أن يبقى واحد في المئة من العرب على ثرائه وأن يبقى 99 في المئة على فقرهم،

أن تمارس القاعدة مزيداً من الإرهاب، وأن يمارس العرب والمسلمون مزيداً من الانكار، وأن يبقى الاحتلال.

أن تواصل ايران برنامجها النووي، وأن تقول إنه سلمي، وتقول اسرائيل إنه حربي، ولا دليل قاطعاً على هذا أو ذاك.

أن يستمر العرب في بيع النفط أكثر من حاجتهم، وفي شراء سلاح لا حاجة اليه ولا يستعمل ضد عدو.

أن يبقى الخلاف بين الفلسطينيين، مع ترجيحي أن يزيد عرضاً وعمقاً.

أن تواصل اسرائيل سياسة القتل والتدمير واستهداف النساء والأطفال، وأن يشكو العرب والمسلمون أمرهم الى الله.

أن يزداد الاستيطان وأن يزداد الانكار الإسرائيلي لأي استيطان، وأن يضيع ما بقي من القدس.

بكلام آخر، أتوقع أن يزيد الفشل العربي أضعافاً في السنة الجديدة وكيف لا يزيد وقد كان الفشل شنشنة عربية منذ سنوات وعقود وقرون وألفية أو اثنتين.

وأترك النكد العربي لأهله، وأنصح كل قارئ ألا يتجاوز جدران بيته، فهو يستطيع أن يتوقع أن زوجته لن تسكت في العام الجديد، لأنها لم تسكت في أي عام سابق، لذلك فهو يحمل في جيبه صوراً لأولاده واسطوانة لزوجته.