الهادي شلوف

من الذي أعطى الحق للأزهر بان يشرع جريمة إنشاء جدار فولاذي ضد أهالي غزة، وهل الأزهر هو الوصي على الإسلام، وهل يوجد في الإسلام وصاية وأين منطق القانون الذي كان يجب أن يكون الفيصل الأساسي في التعامل بين الأفراد والمجتمعات، وأين من منطق القانون الإسلامي الذي يرى أن ارض الإسلام هي ارض لجميع المسلمين، والا ما الذي يدعو المؤتمر الإسلامي والدول الإسلامية لأن تطالب بتحرير الأراضي الفلسطينية وتحرير القدس؟
هل فقد الأزهر قراءة القانون الإسلامي من منطق أن قرار الحكومة المصرية هو فوق القواعد الشرعية التي حددها الإسلام؟
اليس الإسلام هو الذي يحدد في قواعده ان الخير واضح وبين والشر واضح وبين أي أن الإنسان بطبيعته يميز في ما بين الخير والشر وهي قواعد أوهبها الخالق عز وجل للإنسان أينما كان ومهما اختلف في تكوينه الديني أو غير الديني.
إذن وفقا لهذه القواعد الطبيعية البشرية فإن محاصرة أناس مسلمين أو غير مسلمين من اجل تجويعهم وقتلهم وقهرهم هو امر في حد دانه يكون اكبر جريمة واكبر شر تجرمه كل الطبائع البشرية.
أليس الإسلام هو الذي وضع قواعد تتعلق بمعاملة البشر معاملة خاصة واحترام إنسانيتهم عند الحروب مثل عدم حرق المزارع وأساسيات الحياة مثل الماء ويدعو الى الحفاظ على حياة الأطفال والعجزة الخ، وهي قواعد تقوم عليها الآن قوانين الحرب والسلم في القانون الدولي. أليس الإسلام هو الذي حدد بان الناس شركاء في الماء والهواء؟
ندعو الأزهر بأن يقوم بتكوين حزب سياسي للعمل داخل مصر وأن يترك الإسلام بعيدا عن المغالطات والمهاترات التي تلحق الضرر بالإسلام.
يمكن للأزهر أن يستمر في إعطاء الفتاوى للمصريين والمتقاعدين المصريين الذي يعملون بجامعة الدول العربية برضاعة المسنين لبعضهم البعض ورضاعة السياسيين الخ، ولكن نؤكد هنا بان الأزهر ليس له أي حق في أن ينتهك القواعد البشرية والإنسانية والإسلامية في التعامل بين البشر،
بالرغم من أننا لا نتفق مع السياسة غير المسؤولة والرعناء التي انتهجتها حماس في تعاملها مع الأحداث والتي أدت الى هلاك أهل غزة وتدمير البلاد والعباد حيث أعطت بسياستها غير العقلانية الفرصة للاحتلال الإسرائيلي لأن يقوم بقتل وتدمير أهل غزة وتأخير غزة لمدة ألف سنة.
ولكن هنا علينا أن ننظر الى واقعة إنشاء الجدار الفولاذي من قبل الحكومة المصرية بنظرة قانونية بعيدا عن العواطف أو السياسة وبعيدا عن محاكمة زعماء حماس.
الكل يعلم بان محكمة العدل الدولية بلاهاي أدانت الجدار الذي قامت إسرائيل بإنشائه لفصل الأراضي الفلسطينية، والكل يعلم بان محكمة ننتير بضاحية باريس بفرنسا أصدرت حكما في نيسان/ابريل 2009 بان الشركات التي قامت بالتعامل مع إسرائيل مثل شركة الستوم لإنشاء خطوط الأنفاق (المترو) بالأراضي الفلسطينية وخصوصا القدس هو انتهاك للمبادئ القانونية الفرنسية والأوروبية والدولية.
إذا كانت الدول في القانون الدولي العام هي حرة في سيادتها على أراضيها ولها السيادة بان تقوم بما يحلو لها فإن هذه المبادئ العامة تجاوزها الزمن مند مدة طويلة، حيث استحدث بما يسمى بقانون التدخل الإنساني من اجل حماية الإنسان من الانتهاكات والحروب الخ،'ولقد عرف القانون الدولي الحديث من التداخلات الإنسانية في أفريقيا مثل الصومال وتشاد والكونغو ورواندا وبوروندي.
بل ان المجتمع الدولي يحاول أن يقوم بمنع بعض الدول من الحصول على التقنية النووية العسكرية كما هو الحال في موضوع كوريا الشمالية او إيران معتبرا أن القانون الدولي الانساني من حقه أن يفرض العقوبات التي يرى أنها مناسبة من اجل تحقيق السلام والأمن الدولي.
حتما أن القانون الدولي الإنساني لم تحترمه إسرائيل والدول الصديقة لها في نزاعها مع الشعب الفلسطيني ولكن هذا لا يعطي العذر لمصر بان تقوم بنفس ما تقوم به إسرائيل ضد الشعب العربي الفلسطيني.
اذن مصر لم تنتهك فقط مبادئ ميثاق جامعة الدول العربية أو قواعد الشريعة الإسلامية بل انها انتهكت بإنشائها لهذا الجدار مبادئ القانون الدولي الإنساني الذي يلزم الدول التي لها حدود مشتركة بان لا تقف حائلا ضد مرور وعبور كل المساعدات الإنسانية وعدم وضع عوائق مادية من شأنها الإضرار بالقانون الدولي الإنساني. القانون الدولي الإنساني يذهب الى أن أي دولة لا تحترم التزاماتها الدولية فهي تنتهك القانون الدولي وتعتبر من الدول المخلة بالتزاماتها مما يرتب عليها كافة المسؤوليات. لا نعتقد أن مصر نسيت تطبيقات القانون الدولي الإنساني عندما قامت منظمة الصليب الأحمر بإدخال الأدوية للجيش الثالث المصري المحاصر في سيناء'من قبل القوات الإسرائيلية عام 1973 .
ندعو الحكومة المصرية الى احترام مبادئ ميثاق جامعة الدول العربية ومبادئ الشريعة الإسلامية واحترام القانون الدولي الإنساني وندعو الأزهر وحماس للكف عن التلاعب بالإسلام.