عبدالله خليفة الشايجي

يعتقد كثيرون أن عام 2009 شكل استمرارية لحصاد العقد الأول من الألفية الثانية، فلم يكن مستغرباً أن نرى تراكم الكثير من التطورات والأحداث المخيبة للآمال والمحبطة في المجالات الأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقد ابتلينا بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وزادت من الضائقة أيضاً إنفلونزا الخنازير التي تم النفخ فيها إعلامياً، وبهمّة.

وفي هذا العام أتت الحرب السادسة مع الحوثيين بما تعنيه من تهديد لأمن واستقرار اليمن، وأمن السعودية، ومن خلاله الأمن الخليجي.
وانتهى العام بإيقاظ المخاوف مجدداً من عودة خطر quot;القاعدةquot; بمحاولة تفجير طائرة ركاب أميركية فوق ديترويت عشية الكريسماس، مما يوقظ مجدداً الهواجس الأمنية، ويعيد صورة العربي والمسلم quot;الإرهابيquot; ممثل في الشاب النيجيري الذي فشل في تفجير الطائرة.

ولم تغير الانتخابات على كثرتها وتعددها في دول المنطقة الكثير في المشهد الداخلي المحتقن. أما انتخابات إسرائيل فقد اختار الناخب هناك، الذي لا يبدو أنه يتعلم من دروس وعبر التاريخ، أن يعيد المتطرفين والمتشددين quot;الليكوديينquot; وحلفائهم من عتاة اليمين بقيادة نتنياهو وزمرته المتعصبة، التي اكتمل تشنجها بتعيين ليبرمان، الأكثر تطرفاً وعنصرية في منصب وزير الخارجية. أما الانتخابات البرلمانية في لبنان فلم تغير من التركيبة والأوضاع المحتقنة في تلك الدولة. ولم يكن غريباً لمن يعرف وعورة تضاريس السياسة اللبنانية أن تولد الحكومة اللبنانية ولادة قيصرية صعبة في خريف العام الماضي بعد نصف عام من المفاوضات والتنازلات والمماحكات، إلى أن أتى الضوء الأخضر من خارج حدود الجمهورية على خلفية توازنات وترتيبات إقليمية ودولية. ومع نهاية العام تم تطبيع العلاقة بين لبنان وسوريا بزيارة بارزة لسعد الحريري إلى دمشق في خطوة مهمة على طريق التطبيع بين البلدين.

خليجياً، لم تُخرج انتخابات مجلس الأمة في الكويت البلاد من المأزق السياسي الحاد الذي أبقاها فوق صفيح ساخن. وأُضيفت إلى ذلك في العام الماضي صراعات، وتخندق مناطقي وطائفي وقبلي أججه الإعلام الخاص. كما تم استجواب رئيس الوزراء وبعض وزراء السيادة في سابقة في العمل السياسي والبرلماني الكويتي. واستمرت دول الخليج، عموماً، في موقع الدور القيادي والمحرك الأساسي والقاطرة والرافعة للنظام العربي عن طريق ما تشكله الدول الخليجية من دعم وتوظيف وتنمية ومبادرات ومصالحات مع الأطراف العربية. وأتت القمة الخليجية الثلاثون في الكويت لتؤكد أن موسم حصاد إنجازات العقود الثلاثة من عمر المجلس قد حان في المجلس النقدي والربط الكهربائي ومشروع سكك الحديد الخليجية. ويبدو أن دول الخليج في طريقها أيضاً لتحقيق فوائض مالية بسبب ارتفاع أسعار النفط الذي اقترب مع نهاية العام من 80 دولاراً للبرميل.

ولا يبدو أن عام 2010 سيشهد اختراقات كبيرة في الملفات الأكثر إلحاحاً مثل الصراع العربي/ الإسرائيلي، والعراق، وإيران. كما لا نتوقع تحسناً في أوضاع ورشة التفتيت الإقليمي وتراجع قدرات الدول التي تشهد صراعات وتحولات مثل اليمن والسودان والعراق ولبنان، ناهيك عن استمرار تراجع الدور العربي بشكل كبير في مقابل استمرار التقدم في المشاريع الإقليمية الأخرى على حساب الأمن والمصالح العربية. وفي المجمل، فنحن أمام حصاد محبط ومخيب للآمال لعام مضى، وتطلعات ليس فيها الكثير من التفاؤل في العام الجديد، على رغم ما نسمعه الآن من تفاؤل لدى كثيرين مثل أوباما الذي يتوقع مستقبلاً مشرقاً خلال العام الجديد.