يوسف الكويليت

هناك حالات استنفار عالمي، وأمريكي أكثر، والسبب أن إرهابياً نيجيرياً كاد أن يفجر طائرة تحمل مئات الركاب، والصورة تم تعميمها بالاتهام على العالم الإسلامي برمته ولو رأينا الحادثة من زاوية المنفعة والضرر، لتأكدت الخسائر المعنوية، بماذا نجني من قتل مئات تحت ذريعة أنهم يقتلون مسلمين في باكستان وأفغانستان والعراق؟ ومع أن سقوط القتلى في كل الأمكنة جرائم تختلف في غاياتها وأسبابها، فإن الجناية على العالم الإسلامي أكبر وأخطر، لأن من يملك القوة وبوزن أمريكا المؤثرة عالمياً يستطيع استنفار العالم، واتخاذ إجراءات لا يستطيع المسلمون موازاتها أو الرد عليها، بل إن كل النتائج المتلاحقة في حرب الإرهاب، جاءت من مخلفات الحادي عشر من سبتمبر..

فقد كان المسلمون يدخلون ويخرجون من كل مدن العالم بدون ملاحقات أو منع، أو رفض من قبل سفارات تلك الدول، وحتى الجاليات الإسلامية هناك تضررت وصارت عنصراً مرفوضاً، وتطورت إلى الأسوأ عندما رُفض النقاب، وبناء المآذن في المساجد، واستحداث سجون طائرة وثابتة ، ومحاكمات بعضها صوري، وبعضها الآخر قانوني، بينما ظلت جاليات أخرى خارج هذه التدابير والإجراءات..

الحرب الدائرة لا تُحسم بالضربات العسكرية، ولا بردات الفعل المقابل بالإرهاب وتصيّد الأهداف البشرية، أو المادية، بل لابد من النظر إلى الأسباب بجملتها، وإحداث تغيير في المفاهيم، لأنه مهما تقوّت أمريكا أو غيرها، فإنها لا تستطيع إدامة حرب مع فصائل لها جذور إسلامية، ومؤيدون وداعمون يتزايدون أو ينقصون وفق حالات ما يجري بين طرفيْ العلاقة المتوترة..

صحيح أن الشعوب لا يمكن أن تستمر في نشر عداواتها من خلال الدين أو العرق والتاريخ، لأن كل الأمم مرت بموجات غزو أو غزو مضاد، وكفاح من أجل التحرير، وهي دورات فرضتها وقائع الحياة، لكن التطور الراهن فرض أن يصل التعايش إلى منطق المصالح المختلفة، وإلا أعدنا جدليات الماضي..

فلا الأديان السماوية التي جاءت لتنظيم حياة البشرية وفق سياق يحمي المال ودم الإنسان، ويرفض الاعتداء أياً كانت وجاهته، يمكن استلهامها في عودة طبيعية لحق الإنسان في الحياة والحصول على كل ما قررته تلك الرسالات السماوية.

الإسلام صان حقوق أصحاب الأديان، وكان حامياً لليهود من مجازر أديان أخرى، ومع ذلك جاءت إسرائيل لتكون العدو متناسية التاريخ ، ومتحالفة مع أديان ودول دخلت في صميم المعارك السياسية والعسكرية سواء لحقوق الفلسطينيين من الديانتين الإسلامية أو المسيحية، أو بتطرف ضد الجنس العربي أياً كان انتماؤه الروحي، وهي التي طورت وعممت العمل الإرهابي كأخذ ثأرٍ مِن كل من ساهم في أسس وصنع العداء للإسلام والمسلمين..

لسنا في حاجة للقول بأن ما يجري هو دورة عنف لا يمكن التغلب عليها، لكن أن تتزايد أو تتجه إلى أهداف ليس لها في واقع الأمر أي دور أو سبب فإننا قد نشهد واقعاً آخر حيث إن مثل هذه الاتجاهات قد تبعث خلايا أخرى نائمة تستيقظ حتى في بلدان ديمقراطية تبيح الحرية في نقد الأديان، وهو ما أثار صنفاً جديداً من المتطرفين عندما استخدموا هذه الحرية بإثارة المسلمين في تشويه صورة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو رد فعل سلبي لا يتفق مع أبسط المبادئ وأخلاقيات التعايش..