مظفّر عبدالله

لم تحظ دول في المنطقة مثل اليمن وإيران والعراق بأي ترتيب للمصالح مع منظمة مجلس التعاون الخليجي على قاعدة مؤسسية رغم إنشاء الأخيرة في مايو 1981. ويجر هذا التبعثر في العلاقات مع هذه الدول المهمة حالة من التوتر المستمر على استقرار منطقة الخليج التي تضم 36% من احتياطي النفط الخام في العالم، ويكفي القول إن أهم حروب القرن الماضي الإقليمية والدولية جرت على رمالها ومياهها.

نكتب اليوم تحديدا عن اليمن وما يحدث فيه من مشاكل أمنية وسياسية داخلية (الحوثيين- المعارضة)، وهو بلد غازل دول المنظومة الخليجية سنوات لكي يحظى بالعضوية لكنه فشل، وعجز لاحقا عن الحصول على معاملة من الدرجة الأولى. اليوم وقعت الفأس في الرأس وصار اليمن السعيد مصدر تعاسة لجيرانه في المنطقة بسبب إهمال الدول الغنية له طوال عقود، وإن كان البعض لا يحبذ الربط بين تحرك الحوثيين وفشل التنمية على اعتبار أن مخططهم سياسي وإيديولوجي ولا علاقة له بالتحرك المطلبي، فإنه يجب التفكير في أن الفقر أودى بأكثر من نصف تعداد السكان في اليمن، وأن 18% من منهم لا يكادون يحصلون على دولارين في اليوم (تقرير وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية- 2005).

التدخلات الدولية التي تقودها أميركا وبريطانيا اليوم لمنح قوة عسكرية إضافية للقوات اليمنية لمواجهة الحوثيين هي محاولة للتكفير عن الذنب الذي شاركت في خلقه حكومات دول الخليج طوال عقود من الصد واللامبالاة لهذا البلد الغني بتاريخه، والغارق في مشاكل البطالة والأمية والفقر، ومما يؤسف له أن الدول العربية لم تتعظ من الحالة الصومالية التي نتج عنها حظيرة خطرة لوجود الإرهابيين والقراصنة منذ سقوط الدولة فيها عام 1991.

إن على الدول الكبرى خصوصا الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا واجبا أخلاقيا لدعم مشاريع التنمية، كاهتمامها بالدعم العسكري لمواجهة القلاقل الأمنية التي أجبرت المملكة العربية السعودية على الدخول في معركة هددت حدودها، كما يجب على دول الخليج العربية تقديم الدعم التنموي لضمان جار آمن ومستقر وشعب يعيش بكرامة، وأما الواجب الأهم فهو في الجهد المنتظر من النظام اليمني في الانفتاح على جميع القوى السياسية الداخلية وضمان المشاركة السياسية الحقيقية لها، فهي المفتاح الحقيقي للاستقرار.