طارق محمد الناصر

الرسالة التي أكد عليها وزير الخارجية التركي أحمد اوغلو في مؤتمره الصحفي في الرياض الأحد الماضي كانت واضحة المغزى. إذ كان يمكن اختصار كل المؤتمر بعبارة وردت على لسان الوزير: quot;هذه المنطقة منطقتنا ونحن معنيون بالدرجة الأولى بحل مشاكلهاquot;.

حديث الوزير جاء تتويجا لنشاط تركي متزايد يصب في اتجاه تأكيد محورية تركيا كقوة إقليمية. فقد اتجه الأتراك أولا إلى الاهتمام بالقضايا العربية والإسلامية والتواجد في المناشط التي تقام في ذلك الإطار. أعقب ذلك نشاط مبادر توج بالوساطة السورية - الإسرائيلية. تبع ذلك انغماس مباشر في القضايا العربية والإسلامية.

ورغم أن بنية النظام التركي تجعله حليفا طبيعيا للدول المعتدلة في الإقليم إلا أن المرء يلاحظ العكس. فالعلاقات التركية - السورية مثلا تحولت إلى شراكة إستراتيجية تتقصد إشراك الشعوب. ومثل ذلك، التقارب التركي - الإيراني الذي أنتج عشرات الاتفاقيات خلال عام واحد فقط.

البعض يشدد على أن ما يجمع تركيا بسورية وإيران هو مواجهتهم لتهديد مشترك يتمثل بالمسألتين الكردية والعراقية، وان الدول الثلاث من مصلحتها توثيق العلاقات فيما بينها تلافيا لاستفراد طرف خارجي بتوجيه الأمور في اتجاه لا يتواءم مع مصلحتهم.

البعض الآخر يجادل بأن المكاسب التي جنتها إيران وسورية من فرض نفسيهما في موقع من يملك التأثير على بؤر التوتر وعلى قرار الحركات التي تهدد استقرار الإقليم كله جعلت منهما رقما صعبا لابد من اخذ حسابهما في كل ترتيب يجري لأوضاع المنطقة ... هذه المكاسب قد تكون قدمت إغراء للسياسة التركية لنهج مسلك مشابه.

غير ان فريقا ثالثا ينظر إلى الانعطافة التركية من الزاوية الأوربية. فإدارة أنقرة ظهرها لأوربا وإعاقة الجهود الأوربية الرامية لتشديد الضغوط على إيران وعزلها، قد يكون هدفه وضع الأوربيين في صورة إمكانات أنقرة من حيث تأثيرها على السياسات الأوربية. بعبارة أخرى، ترغب أنقرة في جعل الأوربيين يدركون بأن تركيا يمكنها أن تسبب لهم إزعاجا كبيرا في حال لم يضموها لاتحادهم.

مهما كانت حقيقة الدوافع التركية فقد لعب الأتراك أوراقهم بمهارة واستطاعوا حتى الآن أن يربحوا. إذ هم استطاعوا إضافة حلفاء جدد دون خسارة حلفائهم القدامى. هل يجب علينا كعرب أن نخشى الانعطافة التركية أم نرحب بها، وهل يكون الدور التركي على حساب نظيره العربي أم يكون مكملا له؟ هذا هو السؤال.