انتقادات لعمل laquo;سي آي إيهraquo; بأفغانستان

عمان -محمد الدعمة

فرضت السلطات الأردنية طوقا أمنيا على مقر إقامة عائلة همام خليل البلوي (الانتحاري المشتبه في تفجيره نفسه في قاعدة أميركية متقدمة لـlaquo;سي آي إيهraquo; في خوست بأفغانستان) في حي النزهة الشعبي القريب من مخيم الحسين للاجئين الفلسطينيين في العاصمة عمان.
وزارت laquo;الشرق الأوسطraquo; حي النزهة الشعبي أمس, حيث قال شقيق همام إن شقيقه الأصغر ما زال معتقلا لدى السلطات الأمنية وأرجو أن تقدروا موقفنا، ولا نريد الحديث للصحافة أكثر من ذلك لأننا بحاجة إلى ترتيب أنفسنا، وقال لـlaquo;الشرق الأوسطraquo;: laquo;إننا لن نقيم مجلس عزاء لشقيقي حتى الآنraquo;. من جانبه قال أحد أقاربه الذي طلب عدم ذكر اسمه إنه laquo;لا يوجد سوى شخص واحد في العالم اسمه همام خليل البلوي، وهو قريبيraquo;، لكنه رفض الإدلاء بأي تصريحات إضافية، امتثالا لطلب السلطات الأردنية، واكتفى بالقول: laquo;نحن لا نتهرب من استحقاق الموت فيraquo;.

كذلك امتنع شقيق همام الأكبر الشيخ أيمن، إمام مسجد السنجقية المجاور، عن التحدث للصحافيين. الشيخ أيمن، الحاصل على الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، بدا بشوشا دون انفعال. وأكد أحد جيران الطبيب همام، أنه استغرب الأنباء التي تحدثت عن ضلوع الطبيب همام في التفجير الذي أودى بحياة سبعة عملاء أميركيين، وضابط ارتباط أردني.

وقال: laquo;أعتقد أن همام آخر شخص قد يقدم على عملية كهذه، فهو لا يتحدث في الدين أو السياسةraquo;. إحدى شقيقات همام أكدت هذه الصورة عنه، إذ قالت إنه laquo;كان هادئا دائما ويحب مساعدة الناسraquo;. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن والدة الطبيب الأردني شنّارة فاضل البلوي قولها إنها لا تعرف عن مصيره شيئا منذ انقطعت أخباره قبل عشرة أشهر. وأكدت أنه laquo;كان يصلي ويقرأ القرآن، لكنه لم يكن متطرفا قطraquo;. وهمام المولود في 25 ديسمبر 1977 له ستة أشقاء وثلاث شقيقات. انتقلت عائلته من الكويت عام 1991، في غمرة حرب الخليج الثانية.

وقالت شنارة فاضل البلوي (64 عاما) والدة همام خليل محمد البلوي: laquo;لم نتأكد بعد من صحة هذه الأخبار ولم يأتِنا شيء رسمي حتى الآن في هذا الخصوصraquo;.

وأضافت وقد بدا عليها التأثر الشديد أنه laquo;غادر إلى تركيا أواخر فبراير (شباط) الماضي كي يحضر النسخة الأصلية من شهادة الطب التي كان قد حصل عليها من جامعة تركية لأنه كان ينوي إكمال دراسته التخصصية في الولايات المتحدةraquo;، مشيرة إلى أن laquo;أخباره انقطعت منذ ذلك الحينraquo;. وتابعت شنارة: laquo;ابني إنسان معتدل ولم تكن لديه ميول دينية أو أي شيء، كان يصلي ويعبد ربه ويقرأ القرآن في البيتraquo;. وبحسب الوالدة فإن همام خليل laquo;متزوج بتركية كانت تترجم الكتب من اللغة العربية إلى اللغة التركية ولديهما بنتان هما ليلى وليناraquo;. وذكر أحد أقارب البلوي أن الطبيب خدعهم جميعهم، بشأن نياته ومعتقداته حيث أخبر عائلته أنه كان مسافرا إلى تركيا للحاق بزوجته التركية وأطفاله واستكمال دراسته.

وأضاف أنه بدلا من ذلك توجه إلى قاعدة تشابمان في أفغانستان حيث نفذ أسوأ هجوم ضد مسؤولي وكالة الاستخبارات الأميركيين منذ الهجوم على السفارة الأميركية في بيروت عام 1983. وكانت مصادر أميركية قد قالت إن laquo;البلوي كان عميلا لثلاث جهات مختلفةraquo;.

وحسب المصادر الأميركية فقد جُنّد همام البلوي بعد اعتقاله من قِبل الاستخبارات الأردنية للعمل لحسابها، ثم حُوّل للعمل مخبرا لوكالة laquo;سي آي إيهraquo;، بيد أنه يبدو، حسب وسائل الإعلام الأميركية، أنه لم يتخلَّ قط عن ولائه لتنظيم القاعدة التي كان يتلقى منها الأوامر أيضا.

وإذا ما تأكد أن البلوي كان فعلا عميلا ثلاثيا، فإن التساؤل يثور حول قدرة laquo;سي آي إيهraquo; على اختراق صفوف أتباع القاعدة وتغيير ولائهم أو الطمع بتجنيدهم عملاء لديها، ونقلت صحيفة laquo;واشنطن بوستraquo; عن مسؤولين سابقين في الحكومة الأميركية قولهما إن الانتحاري قد استدرج ضباط وكالة الاستخبارات الأميركية إلى اجتماع على وعد بتقديم معلومات جديدة عن قيادة القاعدة. وكان مسؤول أميركي رفيع المستوى أوضح أن العميل المزدوج وصل إلى القاعدة الأميركية في مدينة خوست القريبة من الحدود الأفغانية الباكستانية لحضور اجتماع في الثلاثين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال المسؤول إن الرجل الانتحاري كان عميلا استخدمته الاستخبارات الأردنية والأميركية في الماضي، وقدم معلومات تتعلق بأهداف مهمة وقيّمة للغاية. وأوضح عميل الاستخبارات الأميركية السابق قائلا: laquo;بالفعل، إن مصدرا أردنيا أميركيا مشتركا قدم طوال الفترة الماضية الكثير من المعلومات الدقيقة والمفصلة كانت ذات أهمية كبيرة على المستويات كافة لدى الحكومة الأميركيةraquo;. ووقع الخرق الأمني لأن الانتحاري كان قد التقى خارج القاعدة مسؤولين في الاستخبارات الأميركية الذين لم يفتشوه قبل أن يركبوا في السيارة معا ويتوجهوا إلى داخل القاعدة، بحسب العميل السابق في الاستخبارات الأميركية. ووجه هذا الاختراق الأمني ضربة قاسية لـlaquo;سي آي إيهraquo; التي وسعت نطاق عملياتها لملاحقة مقاتلي طالبان والقاعدة في أفغانستان والمناطق القبلية بباكستان ومن ذلك شن هجمات بطائرات بلا طيار.

إلى ذلك وجّه رئيس المخابرات العسكرية الأميركية في أفغانستان انتقادات شديدة إلى عمل وكالات المخابرات هناك ووصفها بالجهل وقال إنها بمنأى عن الشعب الأفغاني، مطالبا بتغييرات جذرية في عملياتها. وفي تقرير صدر أول من أمس، قدم اللواء مايكل فلين نائب رئيس الأركان لشؤون المخابرات في أفغانستان لدى الجيش الأميركي ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو) تقييما سلبيا لدور المخابرات منذ اندلاع حرب أفغانستان قبل أكثر من ثماني سنوات. وقال فلين إن مسؤولي المخابرات الأميركية بأفغانستان laquo;يجهلون الاقتصاد المحلي وملاك الأراضي ولا يعلمون الأشخاص المؤثرين في المجتمع وكيفية التأثير فيهم، كما أنهم بعيدون عمن هم في المواقع الأمثل لمعرفة الإجاباتraquo;.

ونقل التقرير الصادر عن مؤسسة مركز الأمن الأميركي الجديد للبحوث عن ضابط عمليات وصف الولايات المتحدة بأنها laquo;تجهل ما يدورraquo; لأنها تفتقر إلى المعلومات اللازمة عن أفغانستان.

وحث التقرير الذي سلط الضوء على التوتر بين الجيش وأجهزة المخابرات, على إحداث تغييرات مثل التركيز على جمع المزيد من المعلومات من الأفغانيين في عدد أكبر من القضايا. ويأتي التقرير بعد أقل من أسبوع على مقتل سبعة من ضباط وكالة المخابرات المركزية الأميركية laquo;سي آي إيهraquo; في هجوم على قاعدة أميركية في خوست شرقي أفغانستان، في ثاني أكبر هجوم تتعرض له الوكالة طوال تاريخها.

من جهة أخرى أفاد أحد أشقاء البلوي أن شقيقه كان laquo;غاضبا جداraquo; من العمليات الإسرائيلية في غزة مطلع العام الماضي. وقال شقيق همام خليل البلوي، الذي يعمل مهندسا في دبي، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية: laquo;همام كان غاضبا جدا من العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وكان يرغب في التطوع عبر نقابة الأطباء الأردنية لتقديم الخدمات الطبية في غزةraquo;.

وأوقع الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي كان هدفه المعلن الحد من عمليات إطلاق الصواريخ الفلسطينية على إسرائيل، أكثر من 1400 قتيل فلسطيني، وتسبب في دمار هائل في القطاع بين شهري ديسمبر (كانون الأول) 2008 ويناير (كانون الثاني) 2009. وأكد البلوي أن عائلته أعلمت بوفاة همام في الهجوم عبر مكالمة هاتفية مجهولة من أفغانستان. وأوضح: laquo;تلقى والدي اتصالا هاتفيا من أفغانستان الخميس الماضي الساعة السابعة صباحا (05:00 بتوقيت غرينتش) من شخص يتكلم لغة عربية ضعيفة، أخبره خلالها بأن شقيقي فجّر نفسه في قاعدة للاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) في أفغانستانraquo;. وأضاف: laquo;لقد قال المتصل لوالدي: أعلم أن الأمر صعب، لكن عليكم أن تتحملواraquo;.

ولم يحدد البلوي كيف تسنى له معرفة أن المكالمة من أفغانستان، ولكن خليل البلوي، والد همام قال: laquo;ليس لدينا معلومات أكيدة، ولا نستطيع أن نجزم بأي شيء حتى الآن، نسمع معلومات متضاربة في الإعلامraquo;.