عدنان السيد

القمة اللبنانية- الفرنسية في مطلع العام الجديد، بحثت في ملفات مشتركة بين البلدين، إنها ملفات قديمة ومتجددة، وتصل بأبعادها إلى قضايا الشرق الأوسط المضطرب، بدءاً بقضية فلسطين والصراع العربي- ldquo;الإسرائيليrdquo;، ومروراً بدور لبنان في شرق المتوسط وعلاقاته التاريخية مع فرنسا .

هذه القمة بين الرئيسين نيكولا ساركوزي وميشال سليمان ليست الأولى بعدما سبقتها قمم أخرى، ناهيك باللقاءات اللبنانية- الفرنسية على غير مستوى، ثمة توجه لبناني عام نحو باريس للتعاون والانفتاح تؤكده الأنشطة الفرنكفونية المشتركة، والاتصالات الجارية من خلال مؤسسات الاتحاد الأوروبي .

ماذا حملت القمة اللبنانية- الفرنسية في مطلع العام الجديد؟ وما أبعادها في منطقة الشرق الأوسط؟

الجانب الفرنسي مهتم بالشأن اللبناني بعدما جرت الانتخابات النيابية، وتشكلت حكومة وحدة وطنية واسعة التمثيل، وعادت الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى طبيعتها ولو تدريجياً، وهو يحضر لزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى باريس بين 20 و22 من الشهر الجاري .

في المقابل، يجد الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن العام الجديد 2010 سيكون (عام التجدد) في لبنان، أو بتعبير آخر، عام النهوض اللبناني على كافة المستويات، وفي المجالات المتعددة، والتجدد يجب أن يكون سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ناهيك بموضوع الأمن الذي يحتل حيزاً مهماً في الشأن اللبناني .

والجانبان يبحثان معاً العملية السلمية في الشرق الأوسط، وكيف وصلت إلى حال من المراوحة، ويجدان أن ملف العلاقات السورية- ldquo;الإسرائيليةrdquo; أساسي في هذه العملية المتعثرة . فالعاصمة الفرنسية تجد في سوريا بلداً منفتحاً في السنوات الأخيرة على تغييرات مهمة في السياسة كما في الاقتصاد، ولبنان يدرك حقيقة دور سوريا في المشرق العربي، وفي العمل العربي المشترك، بدءاً من مواجهة أزمة العراق، مروراً بقضية فلسطين وملفاتها المعقدة، وصولاً إلى الاستقرار اللبناني المنشود .

كانت فرصة جديدة في باريس كي يؤكد الرئيس اللبناني مراراً على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن، الرقم ،1701 الذي تخرقه ldquo;إسرائيلrdquo; دائماً . وإذا كان هذا القرار بمثابة المرجعية الدولية الأهم بعد الانسحاب ldquo;الإسرائيليrdquo; من معظم الأراضي اللبنانية في العام ،2000 فإنه بمثابة التزام لبناني أكيد على كافة المستويات المسؤولة، حيث لعبت فرنسا دوراً مركزياً في إقراره، ثم في تنفيذه من خلال المشاركة الفاعلة في قوات ldquo;اليونيفيلrdquo; العاملة في جنوب لبنان .

على ذلك، تتسع مساحة التعاون المشترك اللبناني- الفرنسي، سياسياً واقتصادياً وثقافياً من خلال المنظمة الفرنكفونية . وهناك تطلع مشترك لدفع العملية السلمية في الشرق الأوسط، حيث تتمركز دمشق على مواقفها منذ سنوات . وطالما أن دمشق ساعدت لبنان في السنتين الأخيرتين على تجاوز عقبات سياسية ودستورية فإنها مدعوة إلى استئناف التفاوض مع ldquo;إسرائيلrdquo;- من وجهة النظر الفرنسية- وهي التي قطعت خطوات متقدمة في العلاقات مع تركيا، وفي ملف التفاوض غير المباشر مع ldquo;إسرائيلrdquo; .

في العام الجديد ،2010 لبنان عضو في مجلس الأمن الدولي، وعليه فإنه مطالب بالتنسيق مع فرنسا، العضو الدائم في هذا المجلس . تنسيق أمني في الدرجة الأولى حيال قضايا السلم الدولي، ومواجهة الأزمات الإقليمية والعالمية، وتنسيق سياسي في غير قضية بدءاً من العملية السلمية في الشرق الأوسط . وفي الوقت عينه، يستمر التعاون الثقافي اللبناني- الفرنسي، ثنائياً ومن خلال مؤسسات الاتحاد الأوروبي . وتبقى بيروت منبر العرب في العلاقة مع الغرب الأوروبي بدءاً من فرنسا، ومدينة التواصل الثقافي بين المجموعة الأوروبية والمجموعة العربية في مرحلة الثورة العالمية في الاتصالات والتفاعل بين الأمم والشعوب .