حمود الحطاب

أين كان العلماء عن تحريم الربا في الأيام الخوالي قبل أن يزجوا بأنفسهم في السياسة؟
حتى الطيور في الفضاء تسير بقائد خبير حكيم أعلم منها, هذا ترونه كل يوم في أسراب الطيور لا تحاجون فيه, حكماء الأمة قادتها . هل يختلف على هذا اثنان؟ العلماء البشريون قيادة ثقافية وفكرية واجتماعية وروحية ; وهم أيضا قيادة سياسية, هل يجادل في هذا معتدل النفس والفكر؟
ترى ما مصير أمة الطيور في الفضاء أو أمة البهائم في الأرض لو همشت دور خبرائها? هل تعيش حياة متوازنة تكفل لها العيش الطبيعي ؟
أمم الدواب لا تفعل هذا بحكم الفطرة فالهداية الخلقية كفيلة برحمة هذه الكائنات التي لا تفكر فهي ترشدها إلى الصواب فهم يسيرون خلف المرشد الخبير منهم , ومن هذه الطير والدواب ما يكون قدوة للإنسان , أو ليس الغراب وهو اسوأ الكائنات في نظرنا هداية ؟ كان أستاذ الإنسان حين جاء الأخير هذا إلى الأرض؟
أمم الحيوانات لها قيادات وتتميز هذه القيادات بسلوك مختلف عن سلوك أفرادها فلديها خبرة تراكمية غريزية تميزها , فما بال عالم الإنسان المتميز بالقدرة العقلية على الفهم والانتقاء والتفكير , أو ليس هو أولى من البهائم في أن يكون له قيادة ترشده يطيعها ويقدرها؟
هذا هو مكان القيادة الدينية في المجتمعات البشرية ومنها المجتمع الإسلامي , هي قدوة للبشر بحكمتها وعلمها واحترام مقدرات عقولها . ولكن ماذا لو أن المجتمعات الإسلامية همشت دور القيادات الدينية الحكيمة العاقلة , أو ألغت هذا الدور لأي سبب كان ; ما النتيجة لهذا التهميش أو الإلغاء? هذا من جانب , لكن , ما رأيكم لو أن رجال الفكر ورجال الدين همشوا أنفسهم بأنفسهم نتيجة لأطماعهم الدنيوية , أو نتيجة للخوف أو لأي سبب كان ; كيف ستكون الأحوال العامة للباقي الذين يسترشدون بهم؟
صعب على نفسي أن أرى علماء quot;الأزهرquot; اكثرهم أصبحوا مطية السياسة ولا رأي حر لديهم . هم يقولون ما يملى عليهم, إذا قالوا لهم القتل للمظلوم حلال قالوا حلال quot;يا أفندمquot; ! وإذا قالوا نبني سدودا بيننا وبين المستضعفين قالوا :quot; ده هو الواجب الرباني يا سادتنا! quot;علماء الدين في الكويت أصبحوا أصعب حالا منهم رغم أنهم مهمشون محليا وعربيا ودوليا ;هم أيضا تحت الأوامر!
آلمني جدا موقف المشايخ الكويتيين الأخير من القروض ولا تهمني هذه المسألة من قريب ولا من بعيد سوى مسألة الشرعية لها حين كانوا مجرد تبعا للرأي ولا مبادرة مسبقة لديهم .
علماء الكويت ومشايخها يزجون في السياسة ليكونوا مطية القرار السياسي فيفتون في الوقت الذي يؤمرون فيه بالإفتاء ليسدوا حلوق المؤمنين بالدين وباحترامهم من أجل الدين فيصدقوهم ويخضعوا لرأيهم الذي يظنونه دينيا أكثر الأحيان, ليفتوا برأي يرجح كفة رأي في الموقف السياسي. علماء الدين قالوا إن فوائد القروض حرام بملء أفواههم الآن عندما حركوهم بوخزهم من جنوبهم!
السؤال : أين كان هؤلاء العلماء أصحابquot; البشوتquot; عن الانطلاق في الحديث عن تحريم الربا دينيا في الأيام الخوالي قبل أن يزجوا في الرأي لمصلحة تغيير موازين حائرة ومغلوبة على أمرها في السياسة؟
أتذكر جمال عبد الناصر في مقولة شهيرة له عن علماء الدين الذين باعوا أنفسهم وكرامتهم رخيصة ثمنا لحاجاتهم وشهواتهم; قالها جمال عبد الناصر : quot;تدي له فرخة... يرقعك بفتوىquot;.