لندن - أدريان بلومفيلد

على الرغم من أن الضباط البعثيين الذين فرّوا من العراق بعد الغزو الأميركي، كانوا يخوضون قتالا ضد الأميركيين كأعداء، يعمل الطرفان الآن معاً في اليمن لمواجهة القاعدة. ووفق مصادر عسكرية ودبلوماسية، فإن فشل أجهزة الأمن والاستخبارات اليمنية أدى إلى التقاء العدوين. وعلى الرغم من الشكوك المتبادلة بين الطرفين، يقال إن التعاون بينهما أسفر عن تحقيق نجاحات استخباراتية، وساهم في رفع كفاءة ومهنية أغلبية فرق مكافحة الإرهاب اليمنية.
يتوقع لهذا التعاون بين الضباط البعثيين السابقين والأميركيين أن يصبح ملموساً أكثر بعد المحاولة الفاشلة لتفجير الطائرة الأميركية في سماء ديترويت. وكانت كل من بريطانيا والولايات المتحدة وعدتا بدعم الجهود اليمنية لضرب القاعدة في شبه الجزيرة العربية، بعدما أعلنت مسؤوليتها عن محاولة تفجير الطائرة في أعياد الميلاد.
وكان هذا التحالف الأميركي-العراقي نشأ بسبب الخيبة الناتجة عن العجز وعن الشكوك بتعاطف كثيرين داخل إدارة الأمن السياسي اليمني مع القاعدة. يقول أحد الديبلوماسيين الغربيين laquo;لا نعرف، يدين كثير ممن يعملون في هذا الجهاز الأمني بالولاءraquo;. ووفق كثير من المراقبين اليمنيين، كان لإدارة الأمن السياسي دور بارز في زيادة قدرات القاعدة، بعدما اتهمت بالتواطؤ في عملية هروب 23 متهما بالإرهاب من أحد سجونها في العام 2006. وكان من بين هؤلاء الهاربين القيادي البارز ناصر الوحيشي، وعدد من المتهمين على صلة بتفجير المدمرة الأميركية كول في عدن العام 2000.
وكان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح اضطر، تحت تأثير الضغوط الأميركية بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، لإنشاء هيئة الأمن الوطني كمنافس لإدارة الأمن السياسي. وهي التي نسب لها الفضل في تأمين المعلومات الاستخبارية التي أدت إلى ضربات جوية الشهر الماضي نتج عنها مقتل العشرات من تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وفق المعلومات اليمنية.
لقد تم تجنيد عدد من ضباط مخابرات صدام للمشاركة في هذه الأعمال. ويقول ضابط أمن يمني سابق laquo;إنهم يشاركون في التدريب وجمع المعلومات الاستخباراتية. وكان هؤلاء فروا إلى سورية مع بدء عملية استئصال البعث وحل الجيش العراقي، إثر غزو العراق العام 2003. وفيما بعد استدعاهم الرئيس اليمني إلى اليمن، كما يقول محللون وضباط يمنيون. ويقول المحلل البارز فارس السقاف: laquo;بعد انهيار البعثيين في العراق، جاء كثير منهم إلى اليمن، فاعتبرها بعضهم محطة عبور، بينما استقر آخرون وأصبحوا خبراء حكوميينraquo;.
ومعروف أن الرئيس اليمني كان حليفاً لصدام، ويقال إنه كان يعتبره معلّمه، بل إن البعض يطلق عليه لقب laquo;صدام الصغيرraquo;، لأنه يقلّد صدام في بعض سلوكه. وقد وفّر الرئيس صالح اللجوء لعائلات كبار مسؤولي نظام صدام، ومنهم عائلة نائب رئيس الوزراء السابق طارق عزيز وعائلة عزة الدوري.
هناك عدد من السلفيين بين حلفاء الرئيس صالح. وهؤلاء يشتركون مع القاعدة في فهمهم المتشدد للإسلام. كما أن كثيراً منهم حارب السوفييت في أفغانستان خلال الثمانينيات، وهو ما جعل بعضهم على صلة بأسامة بن لادن.
ومع أن غالبيتهم تنكر مبدأ العنف الذي يتمناه بن لادن، فإن وجود كثير من السلفيين في الحكومة اليمنية يفسر لماذا لم تقدم وكالة المخابرات المركزية الأميركية على إعلام الحكومة اليمنية بما حصلت عليه من معلومات تتعلق بما تنوي laquo;القاعدة في شبه الجزيرة العربيةraquo; القيام به.
على الرغم من الاعتراف بعمل الأميركيين والعراقيين معاً، يقول دبلوماسي غربي إن العلاقة لاتزال غامضة، مضيفا laquo;لا ينبغي تضخيم هذه العلاقة، لكن مع ذلك يبدو أن هناك قدراً من التلاقيraquo;.

إعداد ـ محمد جمول
عن laquo;ديلي تلغرافraquo; البريطانية