جدة- نجلاء الحربي

سعيدة فتاة ليس لها من اسمها نصيب ، فهي قاصر لا يتجاوز عمرها 16 عاماً ،تحمل بين أحضانها طفلتها التي يتجاوز عمرها الشهرين بقليل وتدور هائمة على وجهها في شوارع جدة المزدحمة. فهي خلاصة ونتاج أسرة مفككة لوالدين منفصلين بالطبع ، وزوجة أب قاسية دفعتها لاختيار الهروب من المنزل للمرة الأولى وهي في سن الخمس سنوات ، قبل أن ينجح والدها في إعادتها للمنزل من جديد.
تحكي سعيدة قصتها لـ quot;الوطنquot; بعد أن حضرت لجريدة quot;الوطنquot; قائلة : أنا ضحية الحياة والظروف ونتاج أسرة مفككة ، وزوجة أب أذاقتني العذاب ألواناً،حاولت الانتحار أكثر من مرة بسبب زوجة أبي التي لا تعرف معنى الرحمة ، آثار تعذيبها تسجل مراحل حياتي على جميع أنحاء جسدي ، لجأت لدار الحماية طلباً للأمان، حيث لقيت التهديد من الدار بإرجاعي لكنف الأسرة، بعدها حاولت الانتحار اعتراضاً على القرار بالقفز من الدور الثالث ، دخلت إثر ذلك للمستشفى لتلقي العلاج بعد أن حدث لي كسر بالظهر والقدم.
وتمضي سعيدة في سرد واقعها المرير بقولها: بالمستشفى رأتني إحدى السيدات وعرضت علي أن تقوم بتزويجي لكي أتخلص من هذا العذاب، وكان عمري حينئذ14 سنة ,حيث تزوجت رجلاً يكبرني سناً وحضر والدي للمستشفى وتم الزواج لتبدأ مرحلة جديدة من المعاناة لم تدر بخلدي وقت اتخاذ القرار.
وتضيف وقعت في شباك رجل لا يقدر المسؤولية ويقوم بإطلاق الألفاظ علي وبمعايرتي بكل شيء وبالعاهات التي سببتها لي زوجة أبي ، وبجسدي الذي أفشى أسراره،عندها قررت الهروب من المنزل لحماية جنيني الثاني، بعد أن طلب مني زوجي إجهاض الحمل الأول ، اتخذت من المراكز التجارية والأسواق وطوارئ المستشفيات مكاناً للجوء والمبيت بها، عملت خادمة للحصول على المال مشيرة إلى أنها أصبحت تجوب الشوارع في جدة للتسول أثناء الحمل بالإضافة إلى عملها في مرافقة المرضى الذين يحتاجون ذلك مقابل المال .
وأضافت وضعت طفلتي التي أحملها الآن في الشارع ، إلا أن أهل الخير هبوا لطلب الإسعاف ونقلي لمستشفى الملك عبدالعزيز . زوجي وأسرتي يرفضون الاعتراف بي وبابنتي ، ونحن نعيش حالياً مع أسرة سعودية زرع الله في قلبها الرحمة بالضعفاء والمساكين والمشردين من أمثالي الذين لم يجدوا الحنان والعطف في بيوتهم ومع ذويهم. من ناحيتها طالبت الناشطة الحقوقية وعضو منظمة العفو الدولية quot;سعاد الشمريquot; الجهات المسؤولية بسرعة التدخل وحل مشكلة سعيدة مع مراعاة شعورها بالخوف من إرجاعها لدار الحماية وهي ليست سجناً وليست إصلاحية بلا فترة مؤقتة للمعنفة حتى أن تضع الشؤون الاجتماعية صاحبة الميزانية الأعلى في الدولة حل مستقبلي لهذه الحالة،بما أن أوراقها موجودة في دار الحماية وتابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية فلا بد أن يصرف لها راتباً شهرياً ولطفلتها، ويلزم الزوج بدفع نفقة وتأمين سكن لها ويسمح لها بإكمال دراستها وتؤمن لها وظيفة تستطيع أن تصرف على ابنتها من خلالها ،وليس الحل أن تعود لدار الحماية فهو ليس أمراً إجبارياً . ومن جهته أكد مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكة المكرمة الدكتور علي الحناكي أن سعيدة معنفة وتعاني من اضطراب نفسي بسبب العنف الذي تعرضت له وتنتمي إلى أسرة مفككة ووالدها متخاذل لا يشعر بمسؤوليته تجاهها.
وأشار الحناكي حاولت سعيدة الانتحار داخل الدار بإلقاء نفسها من الطابق الثالث مما أحدث لها كسراً بظهرها وقدمها ، وقد عارضت زواجها الذي تم بالمستشفى لأنها غير مؤهله لذلك ووجدنا والدها يأتي على وجه السرعة لكي يشاركها في قيمة المهر. وأضاف أن وزارة الشؤون الاجتماعية لديها الاستعداد للوقوف معها أولاً في العلاج النفسي ثم إدخالها مركزاً لتأهيل الإناث وتدريبها على إحدى المهن وتقوم بأخذ برامج الإرشاد والتوجيه النفسي حتى نستطيع توظيفها في إحدى الجمعيات الخيرية وضمها في الضمان الاجتماعي وتوفير المأوى.