سمير عطا الله

بقيت العربية إحدى أكثر لغات العالم صفاء رغم المتغيرات والأحوال التي مر بها العرب. أخذت منها لغات كثيرة، وبعضها أخذ الكثير، كالإسبانية أو السواحيلية، وبقيت هي حاجزا، إلا في اللهجات العامية في مصر والمشرق والعراق. الأولى بسبب حملة نابليون ثم الهجرة الإيطالية واليونانية، إلى الدولة المتوسطية المجاورة. والمشرق بسبب المرحلة الاستعمارية. والعراق بسبب قرون من التلاقح التركي والفارسي. وبقيت بلدان مثل السعودية واليمن محمية عن التأثير الخارجي. ولم نذكر بلدان المغرب لأنها حالة خاصة وتاريخ خاص.

لم يكن هذا حال الإنكليزية، لغة العالم الأولى منذ عقود. ويسميها كتاب جديد لجون ماكهورتر laquo;اللسان الزنديقraquo;. لقد حمل كل غاز إلى بريطانيا لغته. في البداية حملت القبائل الجرمانية، اللغة الأنجلوسكسونية، التي عرفت بـlaquo;الإنكليزية القديمةraquo;.

ثم كانت هناك ثلاث مراحل من التحول: الأولى عندما بدأ الفايكنغ من النرويج والدنمارك، بغزو البلاد نحو عام 1787. وكان هؤلاء يتكلمون laquo;النورسية القديمةraquo; القريبة من الإنكليزية القديمة. وقد تلاقحت اللغتان، ودخلت على الإنكليزية كلمات لم تكن فيها من قبل مثل laquo;سعادةraquo; وlaquo;أخذraquo; وlaquo;لهمraquo;. وجاءت الجولة التالية عندما استولى laquo;وليم الغازيraquo; الفرنسي على إنكلترا، وأصبحت الفرنسية هي اللغة الرسمية في البلاد، فدخلت كلمات كثيرة أخرى، منها laquo;الجيشraquo; وlaquo;المنطقraquo; وlaquo;الأدواتraquo;، كما هي في اللفظ الفرنسي.

التأثير الثالث حصل خلال حرب المائة عام بين إنكلترا وفرنسا، عندما عادت الإنكليزية لغة الحكم مرة أخرى، وراح الكتاب الإنكليز يستعيرون بكثرة من اللاتينية. إضافة إلى الموجات الكبرى، دخلت على الإنكليزية بعض الكلمات العربية، إما مباشرة وإما عبر لغات أخرى، كالإسبانية والفرنسية. ودرجت أخيرا بعض الكلمات اليابانية، خصوصا في أسماء الأطعمة.

ما من لغة آمنة أو محصنة كليا. أكثر من نصف اللغة اليابانية صيني، ونصف اللغة الأردية عربي وفارسي، و60% من اللغة الألبانية يوناني، لاتيني، روماني، تركي، صربي، ومقدوني.

تعتبر الإنكليزية إحدى اللغات الجرمانية المتشابهة، وتعتبر العربية إحدى اللغات السامية. وقد انقرضت معظم تلك اللغات ولم تعد سوى مادة دراسية في الجامعات. أما العربية فتزداد رسوخا وانتشارا، يحميها بالدرجة الأولى أنها لغة القرآن. لذلك لم تؤثر فيها خمسة قرون من الحكم العثماني، ولا موجات الاستعمار أو الإبادة.