مذبوح على الطريقة الإسلامية ويحظى بدعم المرجعية وإشرافها

بغداد - العرب

أثار الدجاج المستورد quot;المذبوح على الطريقة الإسلاميةquot;، منذ ظهوره في أسواق العراق، مثل دجاج quot;الكفيلquot; أو quot;الأميرquot; أو quot;الهدىquot; أو quot;الوكيلquot;، الكثير من الجدل في الأوساط العراقية، بسبب الدعم الذي يتلقاه بعض أنواعه من المرجعية الدينية في النجف، ونتيجة إقبال الناس على نوع محدد منه، صار يحظى بشعبية لا يمتنع كثيرون عن مقارنتها بشعبية بعض المرشحين في الانتخابات.
وبلغت أسطورة هذا الدجاج المستورد من البرازيل والهند وتركيا، إلى حد دفع المواطنين للاعتقاد بأنه يذبح في العراق، وبإشراف المرجعية، فيما يخشى مواطنون من استغلال اسم المرجعية في القضايا الاقتصادية، كما جرى استغلال اسم المرجعية سياسيا في الانتخابات السابقة، أما البعض الآخر فيتساءل quot;هل من مهمة المرجعية الدينية رعاية مشاريع الدجاج، أم هي طريقة جديدة لغسيل الأموالquot;.
وحسب شبكة quot;السومرية نيوزquot; فإن ممثل آية الله علي السيستاني في كربلاء أحمد الصافي، رد على سؤال لها حول مشروعية دجاج الكفيل، قائلا: إن quot;مشروع دجاج الكفيل ينفذ تحت إشراف قسم الاستثمار في العتبة العباسية المقدسة، وهو إشراف فعلي متمثل بوجود كادر متخصص له خبرة في هذا المجالquot;.
ويوضح أمين عام العتبة العباسية أحمد الصافي، أن quot;الذبح شرعي ويدوي بالسكين، وليس عن طريق القرصquot;. وتتنافس المحال التجارية والغذائية على بيع الدجاج المستورد، مستفيدة من الطلب على هذا المنتج المرخص من قبل المرجعية.
ويقول صاحب محل السلام للمنتجات الغذائية حسين علي (42 سنة) إن quot;الناس تفضل دجاج الكفيل، وترغب به، لأنه مذبوح على الطريقة الإسلامية، كما أنه مدعوم من المرجعية الدينية في النجفquot;.
ويضيف علي أن quot;الناس يعتقدون أنه يذبح في العراق، وليس في البرازيل، وذلك لأن المرجعية تشرف عليهquot;. ويلفت علي إلى أن هناك أنواعا أخرى من الدجاج المستورد، مثل دجاج quot;المرادquot;، لكنه quot;أقل رواجاً من دجاج الكفيل لافتقاره إلى الدعاية والإعلانات، رغم أنه تحت إشراف العتبة الكاظمية، والتي هي أيضا تحت إشراف المرجع السيستانيquot;، بحسب قوله.
ويبين صاحب محل السلام للمنتجات الغذائية أن quot;من المشاكل التي يواجهها باعة دجاج الكفيل هي تصرفات بعض الوكلاء الذين يفرضون أنواعا أخرى من منتجات الكفيل، مع الدجاج، بأسعار غير تنافسية ولا يمكن شراؤهاquot;.
وزاد أن quot;الوكيل يفرض علينا صدر دجاج الكفيل مثلا، أو الدجاج المسحّب، الذي يبيعه لنا بثمانية آلاف دينار (7 دولارات تقريبا)، والناس لا يشترونه لأن سعره أغلى من المعقول، لكننا نضطر لأخذه كي لا يحرمنا الوكيل من حصتنا من الدجاجquot;.
ويعتقد البائع علي جبار (24 سنة) أن quot;دجاج المراد لن ينجح، فسعر الطن منه 2700 دولار بينما سعر الطن من دجاج الكفيل 2500 دولار، ومع أن دجاج المراد برازيلي، مثل دجاج الكفيل، فإنه ليس مرغوبا مثله بسبب توصية السيستاني بهquot;، حسب قوله.
ويرى جبار أن quot;من يبحث عن الحلال والحرام يشتري دجاج الكفيل، أو الدجاج العربي مثل الأردني أو العماني، لكن التركيز يبقى على الكفيل، فالكيلوغرام منه يباع بثلاثة آلاف دينار لأنه مدعوم من السيستاني، بينما سعر الكيلو من دجاج الأمير المدعوم من الشيخ بشير النجفي يباع بأربعة آلاف دينارquot;.
ويعتقد جبار أن quot;السبب في غلاء سعر دجاج الأمير هو أنه لم يتوفر في الأسواق بعد، توجد إعلاناته فقط، ثم إنه ليس له وكلاء رئيسيون في العراق ومحافظاتهquot;، مشيراً إلى أن quot;الأمر المهم، في النهاية هو أن الناس ترغب بالدجاج المدعوم من قبل السيستاني أكثر من غيرهquot;.
وزاد جبار، quot;لو أن دجاج الكفيل ترشح للانتخابات لربما فاقت شعبيته شعبية بعض المرشحينquot;.
من جانبها، تقول عضو اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب العراقي عامرة البلداوي، إن quot;من حق المراجع الدينية أن يطلبوا للمواطن العراقي نوعيات جيدة من الغذاء الذي يستجيب لشروط المرجعيةquot;، مضيفة أن quot;هناك شروطا معينة وإشرافا شخصيا من أناس موجودين تابعين لمكاتب المرجعية في الخارج، وبالتالي تضمن هذه الأمور الارتياح الديني والنفسي للمستهلكquot;.
وأشارت النائبة إلى أن quot;صناعة الدواجن في العراق متخلفة جدا، كما أنها تحتاج إلى تخصيصات مالية، فضلا عن توفير مواد أساسية تحتاجها المعامل كالأعلاف وغيرها، والتي لا تستطيع الدولة توفيرها في الوقت الحاضرquot;. ويستبعد عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان يونادم كنا، أن quot;تكون المرجعية داعمة أو راعية لأي نوع من الدجاجquot;.
ويقول quot;أشك في أن تكون المرجعية داعمة أو مساهمة في أي نوع من أنواع الدجاج، أو اللحوم المنتشرة حاليا في الأسواق العراقية، على أساس ديني أو شرعي، ولكن هناك تجارا يستغلون مباركة المرجعية واسمها في الحصول على الأرباح من الدجاج وغيرهquot;.
ويفند النائب في البرلمان العراقي وجود فتاوى أو بيانات من قبل شخصيات دينية، وممثلين للمرجعية انتشرت في الآونة الأخيرة، وتحث على شراء أو استهلاك أنوع من الدجاج دون غيرها، ويقول كنا quot;رغم احترامنا لكل من يتحدث في الحلال والحرام، فإنني أشك في أن تكون المرجعية قد تدخلت في نوعيات الدجاج واللحوم وأسمائها وأرباحهاquot;.
ويشدد النائب على ضرورة أن quot;لا يُروج لمثل هذا الكلام الذي يحدث الفوضى، لأنه سوف يعيدنا إلى أيام الانتخابات السابقة التي حاول الكثيرون فيها زج المرجعية في دعم هذه القائمة أو تلكquot;.
ولفت كنا إلى وجود قوانين من شأنها الحد من هذه الظاهرة، وأن quot;تلك القوانين في الطريق للتصويت عليها في البرلمان لتفعيل السيطرة النوعية وتشريع قوانين مراقبة مثل هذه المنتجات والبضائع المستوردةquot;.
من جانبه، يرى المحلل السياسي والاقتصادي إبراهيم الصميدعي أن quot;التحولات الاقتصادية في العراق في ظل غياب الرقابة الاقتصادية الحكومية بشكلها المحكم، أسهمت في إيجاد شخصيات سياسية متنفذة استحدثت مشاريع جديدة لغسيل الأموال خارج العراقquot;.
وكشف الصميدعي أن quot;هنالك توجها لتهجير الأموال العراقية إلى أميركا الجنوبية، بعد أن كانت تتوجه إلى دول الجوار، وهذا يكشف عن أحدث طرق غسيل الأموال من خلال مشاريع مباركة باسم المرجعية الدينيةquot;.
ويعتقد المحلل أن quot;المرجعية أصبحت محرجة من خلال مباركة المراجع الأربعة، الذين يشرفون على العتبة العباسية وغيرها من المراقد المقدسة، لهذه المشاريع، خصوصا أن مكاتب المرجعيات وممثليها في العراق وخارجه يؤكدون هذه المباركةquot;.
وشدد الصميدعي على ضرورة أن quot;تنأى المرجعية بنفسها عن تدجين المواطن العراقي سياسياً واقتصادياًquot;، مذكرا quot;باستغلال اسمها في الانتخابات البرلمانية السابقة، فضلا عن استغلاله حاليا من خلال الدجاج واللحومquot;.
ويرى المحلل أن quot;هنالك جهات نافذة في العراق وجدت من مشاريع الدجاج واللحوم المدعومة باسم المرجعية والمذبوحة على الطريقة الإسلامية فرصة لتوظيف أموالها التي جمعتها أصلا عن طريق الفساد المالي والإداريquot;، مؤكداً أنه quot;لا يعارض استخدام أموال العتبة العباسية في هذه المشاريع، شرط أن تكون هنالك لجنة حكومية مختصة تضمن بقاء المبالغ نفسها، وتحتسب الفائدة والأرباح لصرفها على المواطنين، خصوصا المهجرين منهم، لا أن تذهب لإثراء المتنفذين باسم الحلال والحرامquot;.
وأعرب المحلل السياسي عن اعتقاده أن هناك من يحاول أن يجعل من المرجعيات الدينية quot;مرجعيات للدجاجquot;، داعيا المرجعيات الدينية إلى أن quot;تعلن بكل صراحة أنها غير متورطة أو داعمة لدجاج الكفيل ولا الأمير ولا الهدى ولا الوكيل ولا المراد، وغيرها من الأسماء والمنتجات المنتشرة في الأسواق العراقيةquot;.
وتبارك المرجعية أنواع الدجاج واللحوم المستوردة من خلال إرسال وفد ديني من قبل المرجعية إلى البرازيل أو الهند، وأحيانا إلى تركيا، لمشاهدة طريقة الذبح والتزامها بالشروط الإسلامية.
ويقول الشيخ جاسم المندلاوي أحد رجال الدين المقربين من الشيخ صالح الطائي، وهو مرجع جديد على الساحة النجفية، إنه من الشيوخ الذين من المقرر أن يذهبوا إلى الهند quot;لمشاهدة معامل الدجاج واللحوم هناكquot;.
ويضيف المندلاوي أن quot;من المتوقع أن أذهب إلى الهند بناء على طلب من مكتب الشيخ صالح الطائي الذي بارك منتجات شركة الوكيل للحوم، وذلك لمراقبة طريقة الذبح الشرعي، وعلى أساسها يجيز المرجع استهلاك هذا النوع من اللحوم أو الدجاجquot;. وتابع الشيخ المندلاوي أن quot;التوجه الآن ليس فقط في مكتب الطائي، بل في مكتب الشيخ بشير النجفي الذي يدعم دجاج الأمير، وفي مكتب الصدر الذي أرسل وفداً إلى الهند والبرازيل لمراقبة معامل الذبح فيهاquot;. يذكر أن الشيخ محمد إسحاق الفياض، وهو أحد المراجع الأربعة البارزين في العراق، والمشرفين على العتبات المقدسة في النجف وكربلاء والكاظمية، كان قد أصدر بياناً على شكل فتوى في 17-3-2009، بعد سؤاله عن دجاج الكفيل، قال فيه quot;إذا كان مستورداً بتوسط هيئة من العتبة العباسية وبإشراف حجة الإسلام والمسلمين السيد أحمد الصافي فهو حلالquot;.