فاتح عبدالسلام

عاد موضوع الاجتثاث بدفع قوي مفاجئ الي الواجهة السياسية مع قرب موعد الانتخابات بعد سكوت شهور عدة بحجة المداولة حول اقرار هيئة تحمل اسماً اكثر مقبولية لدي منظمات حقوق الانسان وهو المساءلة والعدالة. والاجتثاث المثار حالياً يعيش ساعته الذهبية في التوقيت فهو الأداة الأقوي بيد السلطة لتمرير الانتخابات بأقل الخسائر أو المحافظة علي مواصفات المشهد الانقسامي الثلاثي في الأقل لترسيخ شرعية ما هو موجود ليكون المتاح الوحيد في خلال السنوات الأربع المقبلة.
والممسكون بسلاح الاجتثاث يتصرفون لحماية مصالحهم الانتخابية والسياسية في معركة اختاروها آخر معاركهم الرسمية الكبري وقد اظهروا حسن التعامل مع التوقيتات ليفاجئوا خصومهم في الوقت الميت بهذه التصفية (الناعمة) التي ترتدي زياً من الأزياء الشرعية الدستورية التي طالما وزعت علي مختلف المشارب والأصناف والملل طول السنوات السبع الأخيرة من دون ان تستر عورة أو تقيل عثرة.
وفي ميزان صراع الارادات السياسية أو سواها فإن من السذاجة النظر الي هذه الخطوة علي انها مجرد جس نبض أو انها مؤقتة وان الآتي بعدها سيكون صفحة جديدة ناصعة ومرتبة السطور والكلمات بحبر أسود نظيف. فقد اطلق الحكّام الجدد للعراق موجة لا يدركون مدي علّوها وقوتها ولم يتدبروا لها سفينة متينة لركوبها كما يفتقدون ربّاناً يقودها أصلاً.
ان اصحاب استخدام (حق) الاجتثاث يمارسون سلطتهم الممنوحة لهم منذ أيام بريمر. وامّا من يقف علي الطرف الآخر فما هو الاّ متردد وذليل ومتلّون ومحبط ومنبوذ وعينه دامعة علي المنصب وجيبه منتفض للامتيازات لذلك كان الاجتثاث هو النتيجة الطبيعية للمصير الذي ستؤول اليه أمور من رضي بالفتات وخاض مع الخائفين في مستنقعات طائفية وتشرذمية ثم اختنق فيها قبل سواه.
أمّا الآخرون من حكام البلد المرضي عنهم امريكياً.. وبدرجة اخري ايرانياً، الذين الذي يظنون انهم منتصرون فإن اختناقهم في المستنقع نفسه سيكون حتمياً ولو تأجل قليلاً لظروف اقليمية ودولي.