فؤاد الهاشم


.. تخيل انك تشاهد فيلماً سينمائياً عربياً البطل فيه يسكن في حي شعبي مزدحم بالسكان وهو يرتدي raquo;الجلابية البلديlaquo; وraquo;الشبشبlaquo;، ومع ذلك، فهو يريد الدخول الى حفل raquo;سواريهlaquo; يقيمه احد raquo;الباشواتlaquo; في قصره الكائن في منطقة الزمالك.. الراقية! يذهب الى هناك، فيرفضون دخوله الا اذا.. استحم وارتدى بدلة raquo;سموكنlaquo;، يفعل ما يريدون ويعود اليهم - ثانية - فيقولون له.. raquo;شواربك طويلة لازم تحلقها كلهاlaquo;، ينفذ الشرط ويرجع - للمرة الثالثة - فينظرون اليه raquo;من فوق لتحتlaquo; ثم.. raquo;من تحت لفوقlaquo; ويخبرونه ان raquo;الجزمة غير لامعة و.. و..!! يشعر الرجل بالملل والقرف من طلباتهم فيقرر عدم دخول مقرهم هذا مفضلا العودة الى حارته الشعبية وجلابيته.. البلدي!! اذا اسقطنا واقع الفيلم العربي هذا على واقع السياسة، فإن هذا raquo;البطلlaquo; هو raquo;الجمهورية التركيةlaquo; وسادة القصر هم raquo;الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدةlaquo;، اما raquo;البدلة والاستحمام والهندام الجميلlaquo; فهو.. اسرائيل!! قام مؤسس تركيا الحديثة raquo;اتاتوركlaquo; بإلغاء الخلافة العثمانية وتغيير الحرف العربي الى اللاتيني ومنع ارتداء الطربوش ورسخ مفهوم العلمانية واتجهت انظاره الى اوروبا طامعا في ان يكون جزءاً.. منها!! مرت اكثر من سبعين سنة، وتركيا raquo;تتجمل وتتزين باللباس الغربي والبدلة السموكنlaquo; عبر توطيد علاقتها بـ raquo;اسرائيلlaquo; حتى اصبحت العلاقة التركية - الاسرائيلية في قوة ومتانة - ان لم تتجاوز - العلاقات الامريكية - الاسرائيلية! تركت اعدى اعدائها - وهو raquo;عبدالله اوجلانlaquo; - زعيم الاكراد المعارض الذي قتل من جنودها اكثر مما قتلوا من قومه حيا يرزق في سجنه لأن اعدامه يخالف مقاييس ومعايير دول الاتحاد الاوروبي التي raquo;تستذبحlaquo; انقرة على الانضمام.. اليه! ومع ذلك، فما زال الغرب يرفض الاتراك ولا يريدهم جزءاً من امبراطوريته العظمى الى درجة ان وزير الخارجية الفرنسي الحالي قال - ذات يوم - raquo;لا نريد لأوروبا ان يكون لها حدود مشتركة مع سورية والعراق وايرانlaquo;، في حال انضمت تركيا الى.. الاتحاد!! بطل الفيلم التركي - الطويل - شعر بالملل والقرف - مثل صاحبنا في الفيلم السينمائي - فقرر ان يعود الى raquo;جلابيته وطربوشهlaquo; وصارت raquo;انقرةlaquo; اكثر تشددا مع raquo;تل ابيبlaquo; وكأنها القاهرة في زمن الزعيم الراحل raquo;جمال عبدالناصرlaquo;! بدأت مع حرب غزة عام 2008، وأخذ رئيس الوزراء raquo;رجب طيب اردوغانlaquo; يتحدث ضد الاسرائيليين وكأنه raquo;احمد الشقيريlaquo; - اول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية عند انطلاقتها - وانسحب غاضبا من اجتماع raquo;دافوسlaquo; احتجاجا على رئيس الدولة العبرية raquo;شيمون بيريزlaquo; بينما كان raquo;عمرو موسىlaquo; امين عام الجامعة العربية محتاراً ماذا يفعل واخذ يدور على نفسه - متردداً - حتى اجلسه امين عام الامم المتحدة الذي كان جالسا بجواره بإشارة صغيرة من يده معناها.. raquo;اقعد مكانك ومالكش دعوة بالراجل التركي.. دهlaquo;!! ازمة اهانة السفير التركي في اسرائيل الاخيرة هذه جاءت استكمالا للتشدد الرسمي لقادة انقرة في التعامل مع صديق - وحليف - الامس، وكأن لسان حال احفاد الدولة العثمانية يقول للغرب واوروبا.. raquo;صرنا معاكم حلوين وضد العرب والمسلمين.. مانفعش معاكم، دلوقتي احنا مع العرب والمسلمين علشان تتأدبوا وتعرفوا قيمتناlaquo;!! اذن؟ مشكلة الاتراك مع الاسرائيليين والغرب لا تعني انهم يحبون الفلسطينيين والعروبة، بل نكاية في.. الآخرين الذين لا يريدونهم حتى ولو ارتدوا زي رعاة البقر.. raquo;الكاوبويlaquo;!! نقول قولنا هذا ونستغفر الله لنا وللذين ساروا خلف وهم جديد اسمه.. raquo;الطريق الى القدس يمر عبر.. انقرةlaquo; من الفلسطينيين وraquo;العربانlaquo; بعد ان كانت الطرق الى القدس تمر عبر.. raquo;القاهرة وبيروت وعمّان و... الكويتlaquo;!!