ميسر الشمري


لم يُستبعد من الانتخابات لأنه يروّج لأفكار حزب البعث. صالح المطلق انشق عن البعثيين في عام 1977، لكنه بقي مخلصاً لبلده، وأسهم مساهمة فعالة في تطوير العمل الزراعي في العراق. أفكار صالح المطلق، وهو أحد أهم الخبراء الزراعيين في الوطن العربي هي التي أنقذت الشعب العراقي من الموت جوعاً إبان سنوات الحصار الظالم. صالح الرجل العراقي الجسور ترك الحكم للبعثيين في أوج صعودهم، وراح يوزّع المساحات الخضراء على الأراضي المجدبة في الأنبار والناصرية. مشكلة صالح المطلق مع الحكومة العراقية تكمن في أنه رجل وطني يرفض أن يعلق فشله وزملائه على شماعة الطائفية، وليس لأنه يروّج لأفكار البعث الذي انشق عليه، وهو لم يزل باحثاً في معامل جامعة laquo;أبردينraquo; في أسكتلندا. المطلق ينتقد إيران بالاسم عندما يبرر الآخرون تدخلات طهران في العراق، وهنا مربط الفرس.

إذا أنصف القضاء العراقي صالح المطلق من قرار هيئة المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث سابقاً)، القاضي باستبعاده و14 كياناً سياسياً من الانتخابات المقبلة، فإن آخرين لن ينجوا من قرارات الهيئة، التي عادة ما تطبخ في مقرات laquo;المجلس الأعلىraquo; وlaquo;حزب الدعوةraquo;، وهما كيانان سياسيان دينيان يدينان بالولاء للاحتلال وإيران، الكيان الأول يسيطر على وزارات سيادية مهمة، والثاني يسيطر على ما تبقى من الحكومة.

مشكلة المطلق ورفاقه الذين تنادوا لنصرة العراق وإخراجه من laquo;بند الطائفيةraquo; وlaquo;فصل القاعدةraquo;، تكمن في أنهم عراقيون laquo;علمانيونraquo; من السنة والشيعة، جاءوا لإنقاذ وطنهم من رجس الأحزاب الدينية التي تعمل على طمس laquo;عروبة العراقraquo;، وجعله laquo;إقليما فارسياًraquo;، أو على الأقل laquo;موالياًraquo; لإيران.

laquo;الحركة الوطنية العراقيةraquo; التي تضم laquo;الجبهة الوطنية للحوار الوطنيraquo; بقيادة صالح المطلق، وlaquo;القائمة الوطنية العراقيةraquo; بقيادة الأخ إياد علاوي، وlaquo;تيار المستقبل الوطنيraquo; بقيادة ظافر العاني، وlaquo;حركة عراقيينraquo; بقيادة ابن نينوى الحدباء أسامة النجيفي، وآخرون ممن يُشهد لهم بالوطنية، هي في الواقع اسم على مسمى، فهي حركة وطنية عراقية.

إضافة إلى laquo;الحركة الوطنية العراقيةraquo;، هناك laquo;تحالف الوحدة الوطنيةraquo;، أظن أنها بقيادة خلف العليان، وlaquo;ائتلاف وحدة العراقraquo; بقيادة جواد البولاني، وكلاهما يضم كيانات سياسية ورجال عشائر من المشهود لهم بالوطنية والانتماء العراقي الخالص، يضاف إلى هذه التحالفات السياسية laquo;الحراك العربي في الجنوبraquo;، ومتغيرات المشهد الحزبي والسياسي في البصرة كبرى مدن الجنوب العراقي، بعد أن ضاق السكان ذرعاً بالتدخلات الإيرانية، بدءاً بالأدوية الإيرانية المغشوشة، وانتهاء بالمنتجات الغذائية الفاسدة الآتية من طهران. أهم من هذا كله أن المواطن العراقي ذاته، وهو المعني أولاً وأخيراً بما يجري، ضاق ذرعاً بما جرى في بلاده منذ احتلالها، وهو وصل إلى مرحلة من الوعي تجعله يفرق بين الكيانات السياسية التابعة للآخر، والكيانات السياسية النابعة من نبض العراق.

المتغيرات التي طرأت على المشهد العراقي، لا بد وأن تثير قلق الحكومة والأحزاب التي استأثرت بالسلطة باسم الدين والطائفة، لهذا لا بد للمتنفذين في السلطة أن يحركوا هيئة المساءلة والعدالة، وربما مفوضية الانتخابات لاحقاً، لإبعاد هذا المرشح أو ذاك الكيان، بهدف تدارك ما يمكن تداركه من laquo;العمائمraquo;، وأقلها laquo;عمامةraquo; جلال الدين الصغير، وربما لكسب المزيد من الوقت لإعادة تصدير laquo;دريلاتraquo; بيان جبر صولاغ إبان تسلمه وزارة الداخلية إلى البلد الذي أتت منه أو أي بلد آخر.

الكيانات السياسية التي تنادت من الفاو جنوباً إلى زاخو شمالاً، لنبذ الأحزاب الدينية (الطائفية)، والعمل على برنامج وطني عراقي يخرج البلاد من ربقة الاحتلال وقيود الفصل السابع، لا بد أن تهز كراسي laquo;الحكيمraquo; وlaquo;المالكيraquo;، وربما يطاول الأمر جلال الطالباني ذاته، فالأمر بالنسبة لعلاوي والمطلق والنجيفي والبولاني وغيرهم لم يعد مرتبطاً بأسماء الكيانات أو أسماء قادتها، بقدر ما هو مرتبط بـlaquo;هوية وطنraquo; وlaquo;مصير شعبraquo;، والكيانات السياسية المتحالفة حديثاً لخوض الانتخابات لديها مشروع سياسي واضح، عنوانه العريض laquo;العراق أولاًraquo;، وهو مشروع لا بد أن يخيف الكيانات التي ثبتت سلطتها ببشاعة laquo;الدريلraquo; وقذارة laquo;الطائفيةraquo;، وإخافة الناس من laquo;البعثraquo; وlaquo;القاعدةraquo;.