حمد الماجد

أختصر على القارئ الذكي محاولة استنتاج أن هذه المقالة تراجع عن عتبي على الحبيب إلى قلبي الدكتور محمد العريفي على الأوصاف التي أطلقها أو ربما laquo;فلتتraquo; من لسانه عن المرجع الشيعي الشهير آية الله السيستاني، وأؤكد أنني ما زلت أرى صواب ما ذهبت إليه في مقالي الاثنين المنصرم في هذه الصحيفة رغبة في نزع فتيل فتنة ربما اندلعت نارها من مستصغر الشرر، هذا مع التقدير الكبير للأعزاء الذين أكرموني بوجهات نظر أحترمها وأقدر منطلقاتها ومبرراتها، ولست معنيا في هذا المقال بمقولة الشيخ العريفي فقد قيل ما قيل، وأود هذه المرة أن أواصل ما ختمت به مقالتي الماضية حول ضرورة مطالبة الجميع وكل الأطراف بوقف التراشق بالسباب والشتائم.

من المنطق والمتوقع أن ينبري شيعة الداخل والخارج للدفاع عن رمزهم السيستاني فهذا رمزهم وهم المعنيون به احتراما ودفاعا، لكن الذي يجب أن يدركه علماء الشيعة ومفكروها ومثقفوها أن الاستنكار على سب الرموز ليس شارعا ذا اتجاه واحد وإنما هو طريق مزدوج، وأن عليهم أن يدركوا، كما أشرت، في مقالتي السابقة، أن العربون الحقيقي لمد يد الصلح لأهل السنة في العالم أجمع ليس في المواقف العنترية ضد أميركا ولا بالتهديدات الجوفاء للوجود الإسرائيلي فحسب، بل هو في البراءة الصريحة مما اكتنزه الموروث الشيعي من سب ولعن وشتم لأجلاء الصحابة وأمهات المؤمنين، وهو ما لم يجرؤ على التنديد به ونفيه من العقيدة الاثني عشرية مع الأسف أغلبية علماء الشيعة الذي يكتفون بعبارات فضفاضة عائمة حمالة لأوجه، مع التقدير للذين أعلنوها صريحة واضحة لكنهم ما زالوا ندرة.

كما أن مواقف علماء الشيعة ومفكريهم من السباب والشتائم التي تصدر من بعض علمائهم وقادتهم تجاه بعض طوائف أهل السنة ما برح باردا باهتا، فهذا آية الله الأعرجي لم يسب رمزا بل وصف شريحة معروفة ومعتبرة في أهل السنة بوصف أربأ بكم أن تسمعوه، ومقتدى الصدر لم يفرق بين هذه الطائفة السنية والموساد، وآية الله مجتبى الشيرازي وصف قائدا إسلاميا عربيا مشهورا بوصف قذف به خارج ملة الإسلام، وحسنا فعل الشارع السني وحكومته حين لم يكترث كثيرا بهذه الشتائم، وهذا منطق العقل والدين laquo;وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماraquo;، لكن من غير المنطق ولا العدل أن تفور غضبة الحكومة العراقية وبعض علماء الشيعة على الدكتور محمد العريفي بسبب تعرضه لآية الله السيستاني ولا تستنكر السباب والشتائم التي انطلقت من عدد من علماء وقادة شيعة من العراق وإيران وحتى بعض دول الخليج يحمل بعضها أوصافا أشد وأنكى مما وصفه الشيخ العريفي كما أشرت آنفا.

أعود إلى المعسكر السني، فأقول إن التأييد الذي أبداه بعض طلبة العلم والمثقفين لموقف الشيخ العريفي لا تتعلق خطورته بالعريفي نفسه، بل يتعداه إلى غيره، وهنا تكمن أهمية التنبيه الصريح والجريء إلى خطأ التعرض لرموز الآخرين بالسباب والشتائم بغض النظر عن صدقيتها واستحقاقيتها، إذ إن هذا التأييد يعطي ضوءا أخضر لعلماء ودعاة آخرين ليطلقوا أوصافا وسبابا على رموز أخرى في الداخل أو في الخارج، وهو وما أعتبره منزلقا خطرا غير محمود العواقب، ويجب انتقاده بكل وضوح وصراحة، فالنتائج الخطيرة المترتبة على معركة التراشق أكبر بكثير من أية مصلحة متوخاة.