سمير عطا الله

عاد الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى ديوانه (لم يتوقف عن عمله يوما)، في وقت مؤسف تمر به الجارة اليمنية، التي طالما قدم لها كل ما يستطيع. وقد قال ذات يوم لمحدثه، في الحديث عن صنعاء laquo;قلنا لإخواننا هناك، ثمة ثلاث قواعد لعلاقتنا بكم لن تتغير: عقل مفتوح على المصالح المشتركة، وقلب مفتوح على الأخوة المشتركة، وخزائن مفتوحة على حاجاتكم ودعم استقراركمraquo;.

تولى الأمير سلطان العلاقة الخاصة مع اليمن منذ أوائل الستينات. ويوم كان لا بد من حسم يحسمه وزير الدفاع، كان هو رجل الحسم. ويوم كانت العلاقة مفتوحة على الدبلوماسية والحوار وحسن الجوار، تولاها على أطيب وأرحب ما تحتمل. ولعل صنعاء تتذكر في هذه المرحلة المريرة، وقد اكتشفت نوعية الرياح التي فتحت لها النوافذ ومداها وما تبطن من عواصف؛ تتذكر ما كان يسر به سلطان بن عبد العزيز بكل صدق ومحبة وغيرة وخبرة ومعرفة.

في المقابل لم يكن يطلب من صنعاء شيئا، ولا يترك لديها شروطا. وذات يوم ذهب الوزير غازي القصيبي ومعه رسالة ود وتقدير وعروض بالتعاون والمساعدة وإقامة المشاريع والمساهمة في التنمية. وفوجئ بالعقيد علي عبد الله صالح يضع الرسالة جانبا، ويدخل في محادثة، كأنه لم يتسلم شيئا.

عرفت السعودية أن السبيل الوحيد إلى إقامة الاستقرار في اليمن هو في تحقيق النمو والكفاية. وكان أكبر دليل على ذلك ما فعله المهاجرون الحضارمة في حضرموت، بفوائض ما جنوا في السعودية. ومعلوم أن كبار أثرياء السعودية هم كبار أثرياء حضرموت. ولكن صنعاء اختارت على الدوام سياسة المناكفة والخلاف، ووصل الأمر إلى الدخول في تحالف عسكري مع صدام حسين فيما كان يرسل مقاتلاته إلى قصف السعودية، كما ذكر الشيخ جميل الحجيلان في مقاله - الدرس يوم السبت.

laquo;لم نكن يوما أشراراraquo; قال السفير السعودي في باريس وهو يرد على سؤال تلفزيوني حول إسقاط مقاتلتين عراقيتين فوق الخفجي: laquo;كيف تريدني أن أفرح وأنا أرى طائرات عربية تتقاتل في سماء بلادي؟raquo;.

ربما حان الوقت في صنعاء لإعادة النظر في قضايا كثيرة. وكلما كان المسؤول قريبا من الأشياء رآها بوضوح. أما حين يتطلع إليها من فوق، فتختلط عليه الأمور.