خلف الحربي

قال المتحدث باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن فضيلة الشيخ عبد العزيز الحمين يتابع شخصيا مجريات التحقيق مع أعضاء هيئة (الفاروق) الذين اعتدوا بالضرب على مواطن وإحدى شقيقاته، وقد استنكر المتحدث ما قام به بعض منسوبي فرع الهيئة (الفاروق) في الرياض، laquo;هو تصرف فردي لا يمثل أبدا فرع هيئة (الفاروق) التي عرف رئيسها بالهدوء والاتزانraquo;.
وقد أكد المواطن (ت. خ) المعتدى عليه في تصريحات صحافية، أن ستة من رجال الهيئة كانوا يقودون سيارتين مدنيتين ليس عليهما أي شعار، ضربوه حتى سال الدم منه ولم يكترثوا بصراخ شقيقاته اللواتي جئن من الجنوب إلى الرياض لحضور حفل زفافه، وأشار إلى أنهم حاصروه فجأة ولم يطلبوا منه هويات إثبات الشخصية، وبحسب ما قاله (ت. خ) فإن أحد هؤلاء الستة -من مفتولي العضلات- ضرب إحدى شقيقاته حتى سمع المارة صرخاتها وتمزق جزء كبير من ملابسها، ثم اقتادوه وشقيقاته إلى منطقة غير مأهولة بعد أن أخذوا سيارته، وبعد أن تأكدوا أن شكوكهم ليست في محلها، قرروا ترك الأسرة في هذا المكان، فسألهم العريس الذي يقاوم جراحه: (أنتم تتبعون أي جهة؟)، قالوا: (هيئة الفاروق)، واكتفوا بالاعتذار له شفهيا!.
كنا قد تحدثنا أمس عن قيمة الكرامة الشخصية في الإسلام، مستشهدين بما قام به الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حين انتصر لقبطي ضربه ابن والي مصر عمرو بن العاص -رضي الله عنه-، حيث طلب الفاروق من هذا القبطي أن يقتص لنفسه بنفسه، وقال الخليفة العادل في ذلك اليوم البعيد مقولة تتطابق مع المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر قبل ستة عقود فقط: laquo;يولد الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوقraquo;.
لا أعلم كيف يكون اسم فرع الهيئة: (الفاروق) دون أن يلتزم أعضاؤها بمنهجه العادل؟، ما قيمة الأسماء واللافتات إذا كان من يرفعونها لا يحملون مبادئ الشخصيات الخالدة التي تمثلها هذه الأسماء؟، كيف يقرأ هؤلاء الأعضاء يوميا اسم (الفاروق) حين يدخلون مركزهم أو يخرجون منه دون أن يفكروا لحظة واحدة في قيمة الإنسان -أي أنسان مهما كانت ديانته- عند هذا الخليفة الراشد الذي يعتبر واحدا من أهم الشخصيات في التاريخ الإنساني وليس في تاريخ الإسلام فقط.
سأقول لكم شيئا له علاقة بما يدور هذه الأيام من اصطفاف طائفي بغيض: نحن نعلم أن بعض الجانحين يشتمون بعض الصحابة رضوان الله عليهم، وندرك جيدا أن من يفعل هذا الفعل المشين نهايته جهنم وبئس المصير، ولا يخفى علينا أن (الفاروق) هو أكثر المستهدفين بهذه الشتائم البذيئة بسبب أوهام تاريخية مختلقة وأمراض نفسية متوارثة، ولكن غيرتنا على الفاروق يجب ألا تتوقف عند اسمه وشخصيته الخالدة، بل يجب علينا أن نكون أكثر الناس تمسكا بمنهجه وحرصه الشديد -رضي الله عنه- على تطبيق العدالة وحفظ كرامة الإنسان!.