أكد أن laquo;المواطنةraquo; هواء يُستنشق

عبيدي : laquo;الأقلياتraquo;.. معركة الكويت المقبلة


جنيف - سميرة فريمش

انطلقنا من تحديد مفهوم المواطنة وانتهينا بمستوى التعليم في العالم العربي، ومررنا بقضايا الأمة والمنطقة ليؤكد ضيفنا أن المواطنة تنحصر في معرفة الفرد التزاماته وحقوقه وأن يكون مسؤولاً على أن يتقبل قرارات مسؤوليه. مدير هيئة الدراسات والبحوث العربية والمتوسطية في جنيف د. حسين عبيدي رأى في حوار لـ laquo;النهارraquo; ان المواطنة هواء يستنشق واحساس يعاش شرط أن يتوافر لها المناخ المناسب وأن يفتح لها باب المشاركة السياسية.

وأشار عبيدي إلى أن تداول السلطة في العالم العربي يتم بنقل العنف بسبب الانغلاق السياسي في العالم العربي، ويرجع ذلك إلى النخب التي تدير النظام العربي حتى وأن تغير الرئيس، داعياً إلى تغيير النسق من أجل إفراز رجالات جديدة وقادرة على الحكم الرشيد.

وأعتقد أن احدى معارك الكويت المقبلة تكمن في قضية البدون، داعياً السلطات الكويتية إلى حل هذه القضية بعيداً عن التدخلات الغريبة التي لها مصالح استراتيجية مع الكويت.

ورأى أن الصراع مع الحوثيين كان نتيجة للتهميش وعدم توزيع الثروة بالعدل، ما خلق كفراً بالدولة، وقال: ان الاعتقاد بأن الحوثيين قريبون من القاعدة هو اختزال للحقيقة التي لا يغفرها التاريخ. ولفت إلى أن الدين لا يعيق المواطنة، مشيراً بذلك إلى تجارب عدة منها التجربة التركية التي اعتبرها رائدة وناجحة. كما تناول عبيدي العديد من القضايا أهمها تنامي الدور التركي في المنطقة والملف النووي الايراني وعملية التغيير في العراق لنصل الى القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي. فكان الحوار التالي:

● هناك العديد من التعريفات للمواطنة، لكن المواطن البسيط يريد أن يقترب من المعنى الحقيقي والواقعي فما تقوله في هذا الاطار؟
■ إن الخلل في ممارسة المواطنة من أسبابه الخلل في تحديد مفهوم المواطنة ولذلك أعتقد أن تحديد هذا المفهوم سهل على المواطن أن يعرف التزاماته وحقوقه، ولذلك نستطيع أن نقول ان المواطنة هي الحق في أن تكون مسؤولاً وأن تقبل بقرارات من هو مسؤول عنك أي الحق في السلطة وما ينتج عن السلطة، أي أن هناك علاقة تفاعلية مهمة جداً، وأجد أن أصعب مفهوم للتحديد هو مفهوم المواطنة لأنها تعاش وهواء يستنشق وبالتالي من الصعب تحديدها في عبارة وجيزة.


النخب الحاكمة


● هل هذا المفهوم البسيط الذي ترى بالإمكان تطبيقه في العالم العربي في ظل عدم تغيير النخبة الحاكمة في بعض الدول العربية؟


■ هذا السؤال جيد ومهم لأن الحكم يعني المشاركة السياسية، بمعنى الحكم على المستوى المحلي والبلدي والقرية ثم ننتقل إلى أعلى المستويات أي أنه لا يمكن الوصول الى الأعلى دون المساهمة في عملية البناء السياسي، فهي عملية المشاركة السياسية من القاعدة الى القمة وصحيح أنه في غياب التداول على السلطة وهناك مشكلة انسانية وهي مشكلة التداول السلمي على السلطة (لدينا تداول ولكنه عنيف) ومن ثم هناك مشكلة تجديد النخب التي ستزول بفعل التقادم وللأسف بدأت توظف سواء عن طريق التوريث أو عن طريق وسائل أخرى ان تحضر جيلاً جديداً قريباً منها للحفاظ على المصالح، وهذا أعتقد أنه خطير جداً على المنطقة.
التوريث


● في قضية التوريث، كانت هناك تجارب عدة انسلخت عن الماضي أو الأصل مثلما حدث في سورية بتوريث بشار الأسد الحكم هل من الممكن تقبل التوريث إذا اختلف عن المورث؟


■ هناك مراهنة ناتجة عن احباط ناتج بدوره عن التغير السلبي السياسي في العالم العربي عن طريق القوة باعتبار وجود وسيلتين للتغيير لا ثالث لهما في العالم العربي - القوة العسكرية أو الحركات الإسلامية التي تدعو الى أن الاسلام هو الحل وأن لديها شرعية دينية يمكن أن تستخدمها في الشارع، وللاسف وصلنا إلى قناعة ومن الصعب جداً التغيير في العالم العربي، وما رأيناه ايضاً للأسف في تجربة العراق التي لم تكتمل والتي جاءت من الخارج وأصبح هذا الأمر من شبه المستحيلات ان نغير نحو الأفضل، وماذا بقي؟ بقي الخيار الثالث هو التغيير من داخل النظام وأصبحنا نراهن على أجنحة النظام من أجل أن يفرز ربما تغييراً نحو الأفضل، مثل بشار الأسد شاب لديه أفكار جيدة، وعمار الحكيم ابن عبدالعزيز الحكيم على رأس حزب سياسي كبير ومهم وربما الحال في مصر وفي المغرب ابن الملك الحسن الثاني، وأداؤه كان أفضل بكثير من والده، وأعتقد أن هذه التجارب أفضل من السابقة، والمشكلة في وجود النخبة التي تدير النظام، فتجد مثلاً الرئيس بشار الأسد لايزال مقيداً بالحرس القديم وملك المغرب محمد السادس وجد نفسه أسير المخزن والملك عبدالله بن الحسين رغم كل ما يقوم به بقي رهن التوازنات القبلية والعشائرية والدينية وبالتالي المشكلة هي كيف يمكن لهذا الرجل الشاب أن يغير نسقاً معيناً أقوى منه، وهل يجب تغيير النسق من أجل أن يفرز رجالات جديدة وقادرة على السلطة والحكم الرشيد، أو يمكن المراهنة على هؤلاء الشباب الذين لديهم شرعية باعتبار أن أبناء من كانوا سابقاً سيقومون بتغيير هذا النسق، ولحد الآن المعادلة لم تجد حلاً.


الهويات الفرعية


● هناك من يعتقد أن شيعة دول الخليج ولاؤهم لإيران، هل هذا الكلام صحيح في ظل مطالبتكم بعدم التخلي عن الجزئيات في هويتنا؟


■ أنا أركز على قضية احترام الهويات الفرعية لأن طمسها سيؤدي إلى نتيجة عكسية وهي البحث عن قيمة الملجأ، كاللجوء إلى دولة أخرى، وأنا مقتنع ان الكويت من أهم معاركها المقبلة كقضية قضية البدون، الآن إذا كان المجتمع الغربي الذي يستعمل قضية الأقليات، لا يستعملها الآن لأن لديه مصالح مهمة مع الكويت، ولكن لنتصور الكويت دون نفط أو أن ليس لديها قضايا استراتيجية في المنطقة، أعتقد أن قضية البدون ستكون على رأس أجندة جميع الدول الغربية لأنهم يعلمون أنها قضية حساسة ويجب ألا يخسروا علاقتهم مع دولة الكويت المهمة على حساب اقلية معينة ولذلك لابد للنظام السياسي الكويتي أن ينتبه إلى هذه النقطة وأن يعالجها داخلياً، قبل أن تنفرد بها الدول الغربية عندما تنتهي مصالحها المهمة مع الكويت وتتجه إلى أولويات أخرى.


والدليل على ذلك تحريك الدول الغربية قضية العمالة الأجنبية في المنطقة، وحقوق العمالة.


وبالنسبة لقضية الشيعة، أنا لست متأكداً من قضية ولاء الشيعة، ويجب ألا ننسى أن شيعة العراق كانوا يمثلون ثلثي الجيش العراقي الذي حارب ضد ايران وكان ولاؤه لوطنه، ثم رأينا أن شيعة المملكة العربية السعودية الآن لم يتحركوا في قضية الحوثيين أو حتى في البحرين، وأعتقد أن ما يمكن أن يحفظ الوحدة الوطنية هي قضية المواطنة بشرط ألا تكون مواطنة اسمية أو صورية وإنما إعطاء الحقوق للأقليات، فمثلاً الحوثيون ليسوا متخلفين وإنما ثورتهم جاءت نتيجة للتهميش الذي يخلق كفراً بالدولة وليس لأنهم شيعة، وتفسير الظاهرة على أن الحوثيين قريبون للقاعدة هو اختزال للحقيقة التي لا يغفرها التاريخ.


التهميش


● هل المشاكل التي يعاني منها بعض من خرجوا عن النظام والقانون في الدول العربية ناجمة عن اضطهاد وتهميش اجتماعي لهم؟


■ عندما يكون هناك عدم اعتراف من الدولة المركز ينتج عنه البحث عن الهويات الفرعية فهناك القفز عليها وكذلك التهميش الاقتصادي، وعدم التوزيع العادل للثروات، ولا يجد الفرد تمثيلاً له في السلطة، وأعتقد أن هذه الأمور اضافة الى الانغلاق الإعلامي تولد حالة من الضغط وبالتالي تكون حالة من التنفيس بواسطة العنف، لأن الثقافة السياسية في العالم العربي تجد أن هناك قدسية للعمل المسلح فهناك أنظمة تخشى كل من هم يحملون السلاح، ومن يناضل بالقلم فلا حسابات له، ولذلك تولد بعض الأشخاص أنه إذا أردت الاعتراف بك فالحل الوحيد السلاح، لأن أنظمتنا السياسية هي التي قدمت هذا الاتجاه.


الدين والوطنية


● البعض يخاف من الاسلام السياسي، هل صحيح ما يقال ان الدين لا يخدم أو يعرقل الوطنية؟


■ ليس العيب في الدين الاسلامي، وما التجربة في المغرب إلا دليل على ذلك، والإسلاميون هناك أكثر حباً للملك من الأحزاب الأخرى وكذلك النموذج التركي فليست هذه القضية وإنما القضية تكمن في كيفية إشراك الاسلاميين المعتدلين الذين يقبلون بعملية التداول السلمي للسلطة، لكن بقاءهم خارج اللعبة السياسية يعطيهم أعذاراً سياسية وشرعية لتطبيق كلمة الإسلام هو الحل، وعندما يشاركون في السلطة وتظهر نتائجهم على أنهم حزب سياسي كباقي الأحزاب الأخرى فذلك يبطل مفعول نظرة الشارع لهم وهم خارج السلطة، فالقضية لا تتعلق بالدين وإنما هي قضية الانسداد السياسي الذي يجعل من الإسلام السياسي عائقاً نحو تحقيق المواطنة لأنهم اصبحوا غير مقتنعين بفكرة الدولة المحسومة مسبقاً، وبالتالي التوجه إلى قيم أخرى سواء شعار الأمة أو الإسلام هو الحل أو غيرها من الشعارات التي ترفع، فالمشكلة هي مشكلة داخلية تتمثل في الثقافة والذهنية السياسية قبل أن تكون مشكلة المعلم الذي هو قبل أي شيء هو مواطن وله الحق في الثروات.


الانغلاق السياسي


● قلتم ان الانغلاق السياسي يخلق فئات مهمشة ما يخدم النخبة الحاكمة لفترة، هل تعتقد أن العالم العربي سيستمر طويلاً في هذا النهج؟
■ ليس لدينا رجال سياسة يفكرون بذهنية بعيدة المدى وإنما نظرتهم هي نظرة قصيرة وما يهدفون إليه هو كيفية الحفاظ على السلطة على المدى المتوسط وربما على المدى القصير، ولدينا اداريون يديرون شؤون الدولة أكثر منهم سياسيون، فنحن نفتقد رجالات دولة يفكرون في كيفية مصالح مواطنيهم وبالتالي فإنهم يفكرون في كيفية الحفاظ على السلطة التي تخلق مجموعة من التناقضات والمصالح ورضا الغرب، وهم في النهاية يحسنون المناورة السياسية لكنهم لا يحسنون الحكم السياسي.


مسلمو أوروبا


● قد تكون مبالغين في هذا الطرح، فنحن نجد أن قضية التهميش الاجتماعي والاقتصادي لا تقتصر على العالم العربي، وأنت كمواطن سويسري من أصل عربي كيف تصف لنا وضع العرب المسلمين في أوروبا؟ وهل هم بحاجة إلى اعادة مراجعة لوضع المواطنين المسلمين والعرب خصوصاً بعدما أثير أخيراً في سويسرا من حظر للمآذن وطرح فكرة الحجاب والنقاب؟
■ صحيح أن النقاش حول الهوية في فرنسا والتصويت ضد المآذن في سويسرا كانا صفعة للمسلمين الذين يريدون الاندماج داخل هذه المجتمعات وإبراز هويتهم المواطنية وليس الدينية، وفي الوقت نفسه أعتقد أن المشكلة ليست في الوجود العربي الاسلامي وإن كنا مسؤولين عما يحدث من بعض التصرفات وبعض الصور، فأوروبا الآن تبحث لها عن هوية وهي مفقودة من خلال خطر غير قائم، وذلك بالقول ان الاسلام يهدد الهوية الأوروبية والتي يعتقد أن هويتها هي الهوية المسيحية، وهذا اجحاف طبعاً في حق الاسلام، لأن أوروبا مسلمة لبقاء الاسلام بها لمدة 7 قرون، وأسهم في الحضارة الأوروبية وترجمة امهات الكتب في الهندسة والطب في حين كانت اوروبا تعيش حروباً دامية.
وهناك تعمد باطلاق شعارات اوروبا يهودية ومسيحية حتى ينفون أي أرث حضاري أو تواجد للإسلام، واتفق معك أن هناك انتكاسة لكن هناك اساليب قانونية تحمي المسلمين هناك، فتصويت 54 في المئة لحظر المآذن في سويسرا و46 في المئة يؤيدون بناءها ومن ثم هناك كنتونات يوجد فيها عرب ومسلمون في لوزان وجنيف لانهم يعرفون مسلمي اوروبا الموجودين هناك ومن جنسيات مختلفة جزائرين، مغاربة، تونسيين، لبنانيين الذين يثبتون دائما انهم ليست لهم علاقة بابن لادن ولا بالمتشددين والمتطرفين دينيا، وهناك تقصير من قبلنا لاننا لم نمد جسور الحوار ولم نعرف بالاسلام وبارئه للآخر بما فيه الكفاية.
فالسويسريون صوتوا بالنيابة عن اوروبا وصوتوا خوفا من الاسلام الزاحف، فالتصويت كان نابعا من الخوف أكثر منه تصويتا عقلانيا.

أوروبا والهوية التركية

● قلتم ان أوروبا لديها تخوف من الزحف الاسلامي من الهوية الاسلامية، هل هذا هو السبب الرئيس الذي جعلهم يعارضون دخول تركيا للاتحاد الاوروبي، رغم ان التجربة التركية رائدة وحزب العدالة والتنمية أثبت انه حزب متحضر ويقبل الآخر وله علاقات مع اسرائيل؟


■ دائما أقول انه بفضل هذا التأخير لدخول تركيا الى الاتحاد الاوروبي، استطاعت تركيا ان تعدل جميع قوانينا المدنية والاقتصادية والتجارية، وانه بمجرد التلويح لدخولها للاتحاد الاوروبي وجدناها قطعت أشواطا كبيرة جدا وكلما تأخر الانضمام تحسنت أوضاعها أكثر، وللأسف في مقولة جسكار ديستان عندما قال ان أوروبا هي نادي للمسيحيين وأخشى ان تركيا يبقى ترشيحها من مؤجلا، والتخوف الاوروبي نابع من فرنسا التي تدفع لعدم دخولها، ووجود 3 ملايين تركي يحملون جنسيات اوروبية يدل على ان تركيا عضو في الاتحاد لكن التخوف على المؤسسات والاتحاد الاوربي يرى ان اوروبا هي هوية دينية وثقافية وليست كيانا اقتصاديا، فمثل ما تعتقد ان بريطانيا كيان سياسي واداري بينما هي هوية ثقافية في حين دخول تركيا عل الخط يغير من تلك الهوية، وأعتقد ان تركيا مثل زين الدين زيدان لاعب كرة القدم، يمكن ان تكون نموذجا مثلما أعطى زيدان صورة ان العربي يمكن ان يكون مواطنا فرنسيا ناجحا ويساهم في نجاحات كبرى.


ودخول تركيا الي الاتحاد الاوروبي سيعطي صورة ايجابية وسيرفع من معنويات جميع مسلمي اوروبا، وأعتقد ان هذا الأمر سيكون اختبارا كبيرا في مصداقية الاتحاد الاوروبي لقبول قضية حقوق الانسان وقبوله للآخر.
التجربة التركية


● الا تمثل التجربة التركية هاجسا للأنظمة العربية المتخوفة من وصول الاسلاميين المعتدلين للحكم؟


■ أكيد ان التجربة التركية مراقبة عن كثب من قبل الانظمة العربية، خاصة ان الانظمة السياسية كانت أقرب للمرتبطين بالمؤسسة العسكرية منهم من الاسلاميين، رغم انهم يحاولون القول ان أردوغان يختلف عن أربكان، لكن نجاح التجربة تشكل هاجسا للأنظمة العربية، وللأسف ان المواطن العربي لا يتابع كثيرا التجربة التركية بسبب اللغة ويتابع كثيرا التجربة الايرانية أكثر نظرا للتجربة السياسية وللاحتقان الديني، في حين ان تركيا أقرب لنا لوجود رابط تاريخي مهم جدا فقد كنا تابعين لحكم الباب العالي، وهذه العلاقة لاتزال تخيف بعض النخب باعتبار ان تركيا سليلة الدولة العثمانية والتجربة التركية الحالية تجربة مهمة جدا وناجحة واستطاعت ان تعيد حساباتها وان تراجع الذات وان تقدم ما هو أفضل.


المنطقة والدور التركي


● ما رأيك في الدور التركي في المنطقة، وهل سحب البساط من بعض العواصم العربية الكبرى؟


■ للأسف الشديد لا يوجد ما يسمى بالدول الكبرى في العالم العربي، ونجد ان الدول التي كانت تسمى بالدول ذات الوزن الثقيل قد انتهت وعزفت في مشاكلها الداخلية وأثبتت عدم حيادتها في القضايا العربية مثل مصر، وأصبحت قطر الدولة الصغيرة تنافس المملكة العربية السعودية في قضايا مهمة، وأجد ان دور تركيا في المنطقة مرحب به، لانها تمتلك دبلوماسية جيدة ويعد وزير الخارجية التركي من أحسن وزراء العالم ولديه بعد نظر ودراية كبيرة، دون ان ننسى ان هناك قبولا لتركيا عند جميع الأطراف هذا ما يؤهلها الى ان تلعب دورا سياسيا خاصة في الصراع العربي - الاسرائيلي بحكم علاقتها الجيدة مع اسرائيل رغم انها تقول لها laquo;لاraquo; في بعض الاحيان وتعترض بشدة على بعض المواقف الاسرائيلية، ودور تركيا المتنامي في العلاقات الدولية لتحقيق هدف ما لان تركيا تبعث رسالات قوية للاتحاد الاوروبي، باعتبارها عاملا اساسيا في احداث توازنات في المنطقة ونجاحهم في عقد مباحثات سرية في جنيف بين الاسرائيليين والسوريين والآن يريدون ان يدخلوا في فضية دارفور رغم انهم لا يريدون منافسة الدور القطري، وهذا يدل عل ان تركيا تريد ان تظهر قوتها الاقليمية.
مباحثات
● هل هناك جديد في موضوع احياء مفاوضات غير مباشرة بين اسرائيل وسورية بوساطة تركيا؟


■ كان هناك رجل أعمال سوري مقيم في جنيف هو الذي سهل عملية المفاوضات وجرت جولات عدة في سويسرا برعاية تركيا وأعتقد ان ايجابية هذه اللقاءات انها كسرت الجليد وهي حتى الآن هناك عملية زرع الثقة بين الطرفين اما الانتكاسة التي تعرضت لها هذه اللقاءات بسبب وصول حكومة نتانياهو خصوصا بعد تصريحات وزير خارجيته لبيرلمان بضرورة التغيير في سورية، وأعتقد ان الأتراك لايزالون مؤهلين ويترقبون معاودة هذه المفاوضات.
إيران
● كيف ترى التجربة الايرانية خصوصا بعد تحديدها للغرب والاستمرار في برنامجها النووي السلمي؟


■ ايران تسوق نفسها على أساس انها دولة ديموقراطية لكن يجب ان نفهم ان هذا بمفهوم ايراني فقط، وحتى شيعة العراق لا يعتقدون بولاية الفقيه وهي أول انتهاك صارخ لأبجديات الديموقراطية على المجالس المنتخبة، فحتى الرئيس يتفق عليه مسبقا، فالتجربة الديموقراطية الايرانية محدودة ومراقبة، والغريب في الأمر ان هناك اجماعا في ايران ومنذ حكم الشاه الى اليوم على ضرورة اكتساب ايران القدرة النووية، ولا نستطيع تحديد اذا ما كانت وصلت الى السلاح النووي أولا، فهذا لن يتحدد الا بوصولها فعليا، ومشكلة الغرب العنصر البشري داخل ايران او ما يسمى بالعنصر المخابراتي، فايران وصلت الى قناعة خاصة بعد حربها مع العراق والتحالف العربي دون استثناء مع العراق، ان ايران لن يحسب لها حساب في المنطقة الا اذا امتلكت أسلحة متطورة دون ان تعول على دول الجوار أو على أي دولة كبرى بما فيها الولايات المتحدة التي كانت حليفة الشاه، وقناعة ايران الآن هو ان امتلاك القوة القصوى والردع النووي هو الذي يعطي لايران حسابات، وهذا يخيف الدول العربية لان تكون هناك حسابات في مرحلة متقدمة عندما تستطيع ايران الوصول الى مرحلة اكتساب النووي لان تكون هناك حسابات ضد المصالح العربية، وهذا الأمر متوقع وغير مستوعب بان يكون هناك تقاسم للمنطقة ونوضع في موقف قبول الواقع بان ايران هي لاعب جوهري ويمكن ان تعود الى ما كانت عليه سابقا بان تكون laquo;دركيraquo; او شرطي المنطقة ولذلك فهذه المرحلة حساسة وحاسمة ليس فقط لادارة اوباما ولكن بالنسبة للمنطقة العربية، وهل سترجع المنطقة مرة أخرى تحت مراقبة ونفوذ ايران، لان ايران لديها أوراق عديدة يمكن ان تحركها في المنطقة مثل قضية الشيعة والاقليات والاسلام السياسي والقرب الجغرافي والاقتصاد والاستثمار المشترك ونرى ان ايران وصلت الى قناعة وهي ان تكتسب القدرة النووية سواء تخصيب اليورانيوم او امتلاك السلاح.


تخوف دول الجوار


● ما رأيكم في تخوف دول الجوار من البرنامج النووي الايراني وتنامي النفوذ الايراني؟


■ انا من أنصار نزع السلاح النووي، وأعتقد ان الخشية هي الشرعية من وصول ايران التي لم تبد تجاوبا او بوادر حسن النية في قضايا اساسية ومهمة منها الجزر الاماراتية ولذلك لا أعتقد ان ايران تريد ان تصل الى هذه المقدرة ليقال ان ايران دولة نووية وانما تريد ان يكون لها دور في المنطقة وان تلعب دور المقاول في المنطقة، ومنذ عام 1979 والولايات المتحدة لا تريد ان تتحاور مع النظام الايراني وهناك حرص كبير لدى القادة الايرانيين بخصوص هذا الأمر.


العقوبات


● كيف ترى مستقبل المنطقة في حال اذا ما وجدت عقوبات اخرى على ايران أو وجهت ضربة عسكرية لها سواء من اسرائيل او من الولايات المتحدة الموجودة ومن جميع حدود ايران؟
■ من الصعب التكهن بهذه الظروف الخاصة، فالولايات المتحدة لديها ما يقارب من 97 ألف جندي في العراق، وهشاشة الوضع السياسي والأمني في العراق يؤثر سلبا على الولايات المتحدة ودول الخليج، دون ان ننسى حيوية مضيق هرمز، حتى ان دول الخليج العربي لا تريد ان تصرح علنا بقبولها بالتعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة وكان هناك نشر للصواريخ وفتح الحوار مع مبادرة اسطنبول: فهناك تخوف كبير من دول الخليج ويجب ألا يفهم ذلك انه موقف من الولايات المتحدة ضد ايران، فالنظام الايراني أصبح من الصعب التكهن بسلوكه خاصة بعدما تعرض لهزات داخلية كبيرة ويحاول ان يلفت انظار الداخل بمواقف دولية، كما ان الولايات المتحدة هي أكثر عقلانية لان لديها حسابات في المنطقة، واسرائيل وفرنسا من الدول المتسرعة جدا، وهذه الدول تريد توجيه ضربة تأديبية لايران، هذه الضربة قد تكون عقوبات قوية جدا، وبصراحة العقوبات أثبتت عدم جدواها مع ايران، وهم الذين حضروا انفسهم على ذلك، والتخوف هو ان تكون حرب بالانابة خاصة ان اسرائيل تهول ومستعدة، وأعتقد ان المنطقة مقبلة على هزات ستتأثر بها جميع دول المنطقة خاصة العربية منها.