عبدالعظيم حماد

ربما يكون من المبكر قليلا التنبؤ بأن حكومة بنيامين نيتانياهو الحالية في اسرائيل قد اقتربت من السقوطrlm;,rlm; الذي يمهد لتغيير كبيرrlm;,rlm; ولكن السقوط أصبح احتمالا وارداrlm;

كما لم يحدث في أي وقت منذ تشكيل هذه الحكومة غير المرغوب فيها دوليا وإقليمياrlm;,rlm; وعلي أية حال فإن كثيرين كانوا موقنين أنها حكومة قصيرة العمرrlm;.rlm;
وكان اليقين من أن حكومة نيتانياهو الثانية هذهrlm;,rlm; سوف تكون قصيرة العمر مثل حكومته الأوليrlm;1996rlm; ــrlm;1998,rlm; يرجع إلي أنها بطبيعة تركيبها الحزبي تتعارض مع الاستحقاقات التي يطلبها العالمrlm;,rlm; خصوصا الولايات المتحدة لتنفيذ حل الدولتين من أجل التسوية الشاملة والنهائية في الشرق الأوسطrlm;,rlm; فالأحزاب الكبري المكونة لهذه الحكومة ترفض من حيث المبدأ فكرة الدولة الفلسطينية في الضفة وغزةrlm;..rlm; أملا في ضم الضفة كلها أو معظمها مستقبلاrlm;,rlm; ومع أن حزب الليكودrlm;,rlm; وزعيمه نيتانياهو لايقولان ذلك صراحة مثل شريكه الأساسي حزب اسرائيل بيتنا بزعامة ليبرمان وزير الخارجيةrlm;,rlm; فإن كل من لديه أقل خبرة يعرف أن نيتانياهو لاينوي ولا يفكر مطلقا في إنهاء الاحتلال العسكري للضفة الغربيةrlm;,rlm; تحديداrlm;,rlm; وعليه فسوف تكون مهمة هذه الحكومة هي إدارة الأزمة واستهلاك الوقت بما لا يؤدي إلي حلrlm;,rlm; ولكن بما لايؤدي أيضا إلي صدام علني مع الولايات المتحدة الأمريكيةrlm;,rlm; ومثلما حدث في المرة السابقةrlm;,rlm; فقد تنجح استراتيجية إدارة الأزمة لبعض الوقتrlm;,rlm; ولكنها لن تنجح طيلة الوقتrlm;,rlm; بحكم أن للأطراف الأخري استراتيجياتها لتحقيق مطالبها ومصالحهاrlm;,rlm; وهنا بالذات لاتعود المطالب والمصالح أمريكية أوروبية فقطrlm;,rlm; ولكنها تصبح أيضا فلسطينية ومصرية وسورية وسعودية وتركية وايرانيةrlm;..rlm; إلخrlm;..rlm;
استراتيجية ادارة الأزمة تستنفد أغراضها ووقتها بعد أن تنتهي اتصالات جس النبصrlm;,rlm; واختبار النياتrlm;,rlm; وتستهلك كل المهلاتrlm;,rlm; وهذا هو ما حدث أو يحدث حاليا علي الأرجحrlm;,rlm; حيث تضغط الولايات المتحدة بشدة من أجل بدء المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية في وقت يطلب فيه الفلسطينيونrlm;(rlm; والعربrlm;)rlm; ضمانات بعدم تحويل المفاوضات الي هدف في حد ذاتهاrlm;..rlm; هدف يغطي علي استراتيجية نيتانياهو لاستهلاك الوقتrlm;,rlm; وابتلاع الأرضrlm;,rlm; ومن ثم سيكون مطلوبا من الحكومة الاسرائيلية تقديم الاجابات اللازمة أو الحد الأدني منهاrlm;,rlm; وفي الغالب فسوف يحاول نيتانياهو التهرب مرةrlm;,rlm; بل مرات أخريrlm;,rlm; لأنه إن استجابrlm;,rlm; ولو علي سبيل المناورة فسوف ينسحب حزب اسرائيل بيتنا ــ الذي يرفض من الأصل مبدأ حل الدولتين والانسحاب من أي شبر من الضفة الغربيةrlm;,rlm; وإن لم يقدم نيتانياهو هذه الاجابات فسوف يصيب السياسة الاسرائيلية بالجمود الذي تتهم به حكومته حاليا من حزب كاديما بزعامة ليفني وسائر أحزاب اليسارrlm;,rlm; ومن ثم يصبح المطلوب هو البحث عن طريقة لاسقاط هذه الحكومة كلها وتشكيل ائتلاف حاكم جديد يدخله حزب كاديما إما علي قاعدة تبادل منصب رئيس الوزراءrlm;,rlm; وإما علي قاعدة أخريrlm;,rlm; ولكن علي أساس التجاوب بقدر معقول مع الاستحقاقات الدولية والاقليميةrlm;.rlm;
السياق السياسي الذي رصدناه في السطور السابقة هو الذي تندرج فيه سلسلة الأزمات الأخيرة التي تخبطت فيها حكومة نيتانياهو ــ ليبرمانrlm;,rlm; وقد بدأت بثورة ليبرمان علي رئيس الحكومة الذي لجأ إلي وزير الصناعة والتجارةrlm;(rlm; من حزب العملrlm;)rlm; لمعالجة أزمة الهجوم وعلي أسطول الحرية التركي مع وزير الخارجية التركيةrlm;,rlm; مستبعدا وزير خارجيتهrlm;,rlm; ومعترفا بعدم ارتياح العالم الخارجي للتعامل مع لبيرمانrlm;,rlm; ثم تهديد ليبرمان وحزبه ــ ردا علي ذلك ــ بالتصويت ضد مشروع الموازنة الحكومية كتكتيك لتصدير الأزمة إلي نيتانياهوrlm;,rlm; ثم وهذا هو الأكثر دلالة تسريب شريط الفيديو الذي يتباهي فيه نيتانياهو بوقاحة معتادة منه بقدرته علي التحكم في السياسة الأمريكيةrlm;,rlm; ودفعها إلي حيث يريدrlm;,rlm; وبما فعله في الماضي عندما كان رئيسا لحكومة سابقة من احباط خطط الرئيس الأمريكي كلينتون للتوصل إلي اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيينrlm;,rlm; بل وبنسف عملية أوسلو نفسهاrlm;.rlm;
من الواضح أن تسريب هذا الشريط قصد به إضعاف مركز نيتانياهو داخليا وخارجياrlm;,rlm; ومن الواضح أنه تحذير ممن يقفون وراء التسريبrlm;,rlm; وهم في الأغلب جهات اسرائيلية وأمريكية ويهودية أمريكية ترغب في ترويض نيتانياهو أو حرقهrlm;,rlm; وليس في هذا الأمر مبالغةrlm;,rlm; فقد كان سلوك رئيس الوزراء الاسرائيلي الحالي الذي تباهي به في شريط الفيديو المسرب سببا في إحراق واسقاط حكومتهrlm;,rlm; ثم اسقاطه في الانتخابات في المرة السابقةrlm;,rlm; ذلك أن ادارة كلينتون خططت مع من يهمهم الأمر داخل اسرائيل وفي منظمات اليهود الأمريكية لهذه النتيجةrlm;,rlm; فامتنع وزير الدفاع الاسرائيلي في حكومة نيتانياهو الأولي عن تنفيذ أوامره باغلاق بيت الشرقrlm;(rlm; مقر منظمة التحرير الفلسطينية في القدسrlm;),rlm; وحكمت المحكمة العليا بإبطال قرار رئيس الوزراء بعد ذلك بعدة أيامrlm;,rlm; ثم أذاعت المخابرات الاسرائيلية نفسها وثيقة تثبت كذب نيتانياهو ــ في ذلك الوقت ــ في ادعائه أن هذه المخابرات أبلغته أن سوريا تستعد للحربrlm;,rlm; بهدف تخويف الاسرائيليينrlm;,rlm; وإلهاء يهود أمريكا حتي لاتتواصل الضغوط لاسقاط حكومته والدعوة إلي انتخابات جديدةrlm;.rlm;
لافرق كبيرا ــ في تقديرنا ــ بين تسريب شريط الفيديو الأخيرrlm;,rlm; وبين تسريب تقرير المخابرات السالف الاشارة إليه حول الادعاء باستعداد سوريا لمهاجمة اسرائيل علي لسان نيتانياهو عندما كان رئيسا للحكومة في الوقت السابقrlm;,rlm; ففي الحالتين يعني التسريب نزع ثقة المؤسسة الأمنية الاسرائيلية ونزع ثقة اليهود الأمريكيين في قدرة هذا الرجل علي قيادة اسرائيلrlm;.rlm;
هل يؤدي نزع الثقة هذا إلي ترويض جموح نيتانياهو؟ هو نفسه كان قد قال عندما شكل حكومته الحالية أنه تعلم من أخطائه السابقةrlm;,rlm; ومن ثم فهناك احتمال بأن يعيد تشكيل حكومته بطريقة تمكنه من الانخراط في عملية سلام حقيقية وفقا لتعهداته الأخيرة للرئيس الأمريكيrlm;,rlm; ولكن هناك احتمال لاتقل نسبته عن الاحتمال الأول في أن يواصل الرجل استراتيجية الهروب إلي الأمامrlm;,rlm; ولايجد هؤلاء الذين يهرب منهم سوي مواصلة الضغط حتي اسقاط حكومته والدعوة لانتخابات جديدة يهيأ فيها المسرح لاعادة انتخاب ايهود باراك أو ليفنيrlm;.rlm; أو حتي موفاز إذا حل محل ليفني في زعامة كاديماrlm;.rlm;