تنامي العنف مع طول مخاض تشكيل الحكومة


العراق: تحديات الإرهاب واستحقاقات laquo;الانسحابraquo;

إرنيستو لوندونو - بغداد


مع اقتراب موعد انتهاء المهمات القتالية للقوات الأميركية المنتشرة في العراق في نهاية الشهر الجاري، يحذر كبار القادة العسكريين الأميركيين ومن بينهم قائد القوات الخاصة في بغداد، من أن quot;القاعدة ما زالت موجودة في العراقquot;. فعلى رغم تعرضها لضربات متوالية على مدى السنوات الماضية ومقتل العديد من قادتها المعروفين، فضلا عن انحسار التمويل الذي كان يتدفق عليها في السابق، إلا أن quot;البنية الأساسية لخلايا القاعدة لم تختفِ تماماquot;، حسبما صرح به الجنرال quot;باتريك هيجنزquot; قائد القوات الخاصة، فقد عاد عناصر quot;القاعدةquot; في الفترة الأخيرة إلى ممارسات سابقة مثل quot;الاختطاف والابتزازquot; للتعويض عن خسائرهم، كما يسعون لجمع الموارد الضرورية لمواصلة نشاطهم الإرهابي في العراق. وأضاف الجنرال quot;هيجنزquot;، في حوار أجري معه يوم السب الماضي، إن quot;الخط الفاصل بين الإرهاب والإجرام بات دقيقاً للغاية، وفي بعض الأحيان تختلط الأمور فلا نعرف ما إذا كانت العملية إرهابية، أو إجرامية، فنحن لدينا مؤشرات تقول إن بعض الأشخاص مستعدون لزرع قنابل أو للاغتيال فقط لمن يدفع لهم الثمنquot;، ومع أن قدرة quot;القاعدةquot; على تنظيم الهجمات الانتحارية الكبرى التي ضربت بغداد في السنوات الماضية وكانت تستهدف بالأساس مباني حكومية قد تراجعت بشكل كبير، إلا أنها ما زالت قادرة على تنفيذ الهجمات بصورة يومية، وإن كانت لا ترقى في قوتها إلى ما كان عليه الأمر قبل سنة، أو سنتين. وفي هذا الإطار قُتل ما لا يقل عن سبعة أشخاص في محافظة الأنبار غرب العراق يوم الأحد الماضي في تفجير استهدف قافلة للشرطة، وهو الهجوم الأخير ضمن سلسلة من العمليات التي استهدفت في الفترة الأخيرة قوات الشرطة العراقية. وقبل ذلك بيوم واحد هز انفجاران آخران مدينة البصرة، بجنوب العراق، مخلفين 43 قتيلا على الأقل وعشرات الجرحى.

ولم يخف المواطنون العراقيون استياءهم من اتساع رقعة الهجمات الإرهابية التي تودي بحياة المدنيين بعد فترة من الهدوء اعتقدت معها أغلبيتهم أنها قد استراحت من العنف إلى الأبد. ومن بين هؤلاء المستائين الطالب الجامعي، أمين علي، البالغ من العمر 24 عاماً، الذي كان أحد شهود العيان في تفجير البصرة، حيث قال إن الناس غاضبون من الأداء الأمني لقوات الشرطة، إذ يبدو أنها تركز أكثر على قمع المتظاهرين الذين يخرجون إلى الشوارع احتجاجاً على انقطاع الكهرباء، فيما تعجز عن تعقب المتمردين وتوفير الأمن للمواطنين. وجاءت التفجيرات الأخيرة وتنامي موجة العنف لتعقد الوضع أكثر بالنسبة للجهود الجارية حاليّاً لتشكيل حكومة عراقية بعد مرور خمسة أشهر على إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية، وخاصة أن الوضع السياسي ما زال غامضاً في ظل الصراع الدائر بين رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، زعيم ائتلاف quot;دولة القانونquot;، ومنافسه إياد علاوي، زعيم quot;القائمة العراقيةquot; الذي يرى أنه الأحق بتشكيل الحكومة.

ويرى الجنرال quot;هيجنزquot;، الذي يشرف على أمن بغداد، أن العراقيين سيتمكنون في الأخير من quot;تشكيل حكومة في الوقت والطريقة المناسبين للعراقيينquot;، إلا أنه حذر في الوقت نفسه من التأثير السلبي للتفجيرات الأخيرة على العملية السياسية الجارية حاليّاً، واحتمال زعزعة الاستقرار، ما سيصعب من عملية المفاوضات بين الكتل السياسية العراقية، معتبراً أن الهجمات هي quot;نفسها التي كانت تهز المدن والبلدات العراقية في السابق، ولكنها اليوم تأتي في وقت حساس يُكسبها المزيد من الخطورة. ويخشى quot;هيجنزquot; من تنامي مشاعر الاستياء في صفوف المواطنين العراقيين، وأن يحملوا العملية السياسية مسؤولية التدهور الأمني الحاصل، موضحاً ذلك بقوله: quot;سنجد بعض العراقيين يرددون باستياء: انظروا إلى العنف المستشري فيما السياسيون يتصارعون على المناصب الحكومية والسلطةquot;.

يذكر أنه بانسحاب القوات الأميركية القتالية من العراق وانخفاضها إلى 50 ألف جندي مع نهاية الشهر الجاري، ستحتفظ القوات الخاصة في بغداد بحوالي 4500 عنصر، وإن كانت كما يؤكد ذلك quot;هيجنزquot; لن تخوض عمليات قتالية لمكافحة التمرد وفقاً للاتفاقية الأمنية التي وُقعت مع العراق وتنص على اقتصار الدور الأميركي على تقديم الاستشارة الأمنية دون الانخراط في عمليات قتالية.

وفي هذا الإطار يشير الجنرال quot;هيجنزquot; إلى القدرات القتالية العالية التي باتت تتمتع بها قوات الأمن العراقية، والإمكانات التي تتوفر عليها وتؤهلها للاضطلاع بدورها في التصدي للإرهاب، قائلا: quot;لقد وصلت القوى الأمنية العراقية إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، ومن الناحية التكتيكية يمكن القول إنهم جاهزونquot;، ولكنه أضاف إن الاكتفاء الذاتي يقتصر على المقدرة القتالية وكفاءات الاشتباك مع العدو، إذ ما زالت القوات تحتاج إلى دعم استخباري أميركي من خلال جمع المعلومات والمساعدة في توفير الأدلة التي تدين الإرهابيين، ولكن المشكلة بالنسبة لوحدة مكافحة الإرهاب العراقية هي أنها تتبع مباشرة لمكتب رئيس الوزراء، الشيء الذي عرضها لانتقادات من إمكانية استخدامها لأغراض خاصة، ناهيك عن كون الوحدة تعمل على نحو مستقل، ولا تتلقى تمويلها من ميزانية وزارة الدفاع.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة

quot;واشنطن بوستquot;