باريس

laquo;اليد الممدودة الى العالم الاسلامي، المسالمة الاحادية الجانب، الاستخفاف بالحلفاء، الموقف الايديولوجي المعادي للصهيونية واسرائيل..raquo; laquo;أخطاءraquo; ارتكبها ويرتكبها الرئيس الاميركي باراك اوباما، بحسب الكاتب في صحيفة الفيغارو الفرنسية الكسندر ادلير.
فتحت عنوان laquo;اخطاء اوباما السبعةraquo; كتب ادلير في عدد السبت الماضي مقالا يقول فيه ان حالة الاعجاب بسيد البيت الابيض laquo;انتهتraquo;، وانه laquo;مع اقتراب موعد الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، فان الاميركيين لم يعودوا يرون في رئيسهم الشخص الذي يعبر عنهم لان خطاباته واسلوبه في ادارة البلاد لم تعد تثير فيهم الحماسة التي كانت يوم وصوله الى سدة الرئاسة قبل سنتينraquo;.
ويرى ادلير في مقالته انه كان يجب على اوباما ان يتبع سياسة laquo;اليد الممدودة لاسرائيل والموازية لتلك اليد التي مدها الى العالم الاسلاميraquo;، وانه لم يكن يجدر به الموافقة على بناء مسجد laquo;غراوند زيروraquo; في نيويورك.
يبدأ أدلير مقالته باستعراض حادثة التسرب النفطي في خليج المكسيك، ويقول ان الرئيس أوباما laquo;عجز عن وضع برنامج لمعالجة الكارثة.. واكتفى بالاعراب عن غضبه ورمي المسؤولية على الجانب البريطانيraquo;.
ثم يبدأ ادلير بتعداد ما اسماها laquo;اخطاء اوباما السبعةraquo;، وهي بالترتيب بحسب ما وردت في المقال:

1- سياسته الاقتصادية
ان كل القرارات التي اتخذت في هذا المجال جاءت في ظل حالة الطوارئ وضرورة الحيلولة دون انهيار السوق الداخلي والابقاء على نسبة نمو طبيعية الى حد ما، وذلك من منطلق انها اساسية لتوازن النظام الاقتصادي العالمي.
لكن من المؤكد ان هذه الضرورات فرضت نفسها بقوة منذ عامين، ولعل هذا ما دفع الاحتياطي الفدرالي الاميركي برئاسة بن بركي للتعاطي بارتياح مع سياسة التسهيلات المالية. ولكن هذه التدابير على المدى القصير لا تتطلب مواصلة السياسة laquo;الكينزيةraquo; على الطريقة القديمة، وتستند الى القبول بالعجز المالي الهام ورفض اعادة اطلاق الاقتصاد بتدابير غير شعبية بالاساس. ان تخفيض المديونية خصوصا اذا ما ترافقت مع رفع معقول لمعدلات الفائدة على الدولار، التي تقارب الصفر اليوم، ستكون له نتائج قاسية على الاقتصاد.
ولكن على المدى البعيد، فإن ذلك سيشكل الطريقة الوحيدة لايجاد قدرات تمويل ذاتية الآلية واعطاء المصارف مجدداً قدرات تمويل النشاط الصناعي. وبسبب فقدان أو غياب هذين التدبيرين، فإن التسهيلات ستتسبب بنتيجتين سيئتين:

2- استراتيجية أوباما السلمية
إن السحب السريع للوحدات الاميركية في العراق أصبح ممكناً بفضل الانتصار العسكري الذي انتزعه جورج بوش والجنرال بترايوس في العامين 2007 و2008، وبالرغم من ذلك فإن الادارة الاميركية الجديدة بدت عاجزة عن فرض وحدة سياسية وتنازلات على الاقلية السنية والاحزاب الشيعية الرئيسية. فقد تدهور الوضع الأمني في بغداد، مقارنة مع ما كان عليه في عام 2008، كما ان ضعف السياسة الاميركية شجع ايران التي لا تريد الابقاء على وحدة الأراضي العراقية الحالية على القيام بالاستفزازات.
كما ان قرار زيادة القوات الاميركية لطمأنة العسكريين في افغانستان، وارفاقه بالاعلان عن موعد للانسحاب السريع من هناك لن يكون له تأثير قوي على المدى الطويل على مقاتلي طالبان المتحصنين في جبالهم بانتظار ايام افضل لالحاق الهزيمة بالقوات الاميركية، وليس فقط لاقامة حكم اسلامي في كابول. فأوباما المتحدث بلهجة صارمة الى حد ما، كان يطبق في الحقيقة منطقه المسالم الاحادي الجانب الذي كان اعتمده خلال حملته الانتخابية، والذي كان موجها بشكل اساسي ضد منافسته هيلاري كلينتون الحذرة.

3- الاستخفاف بالحلفاء
لقد استخف الرئيس اوباما بالمملكة المتحدة التي تجسد برأيه المحافظين من اصحاب الاحكام المسبقة، كما انه تعاطى مع المانيا بقليل من الاهتمام، وتكبر على الفرنسيين، واستبعد الاسبانيين، حتى انه تجاهل اليابانيين، بينما مدح تركيا التي يقدمها على انها واجهة تحديث الاسلام وعصرنته. وفي مجال اخر، حظيت البرازيل بمدائحه، فهي برأيه مثال نجاح اليسار الواقعي، وبعدها قررت تركيا والبرازيل توجيه اهانة للاميركيين لم يسبق ان واجهوا مثلها من خلال التفاوض مع محمود احمدي نجاد حول ما يسمى بتسوية لا تهدف في الحقيقة سوى الى تخريب او تعطيل العقوبات، وهي بحد ذاتها ضعيفة توصلت لها الدبلوماسية الاميركية والصينية والروسية.

4- يده الممدودة إلى الإسلام
إن اليد الممدودة الى الإسلام بشكل عام والى ايران بشكل خاص هي نتيجة حتمية لاخطاء الادارات السابقة، التي لم تؤد الى نتيجة. وهنا عمل شيء بالتأكيد لم يكن خطأ. فمثلا الخطاب الذي القاه في بداية عهده في جامعة القاهرة استقبل بالترحيب ولم يسئ الى صورة الولايات المتحدة الاميركية. وعلى العكس فإن الصمت الذي التزمه البيت الابيض حيال انقلاب الرئيس محمود أحمدي نجاد نصف الشرعي في ايران، سمح بمنع ظهور المير موسوي وانصاره الليبراليين وكأنهم ادوات بيد اميركا، ولكن هذا التأثير الايجابي والذي لا شك فيه بدأ ينعكس بسرعة. فالاغراق باستبعاد الضغوط الجديدة على ايران سيسهل عليها التوصل الى السلاح النووي، كما ان رفض الابتعاد الجدي عن الاخوان المسلمين خصوصا في مصر سيضعف المنطقة ويجعلها هشة من دون اي فائدة.

5- حذره من إسرائيل
إن هذه السياسات الضعيفة ضد خصوم مصممين لا تتماشى حكما مع سياسة سلام فعالة ونشطة على المسرح الاسرائيلي الفلسطيني، بينما وباستثناء الآمال الأخيرة فإننا نلاحظ ان الامور قد تدهورت من دون فائدة.
فاستخدام موقف ايديولوجي معادٍ ضد حكومة بنيامين نتانياهو وغياب الضغوط الجدية على هذه الحكومة (وهي ضغوط يجب ان تكون ضمن الدبلوماسية الخفية) فإن اوباما غذى التصلب الاسرائيلي من دون تعزيز المعتدلين الفلسطينيين. وهنا فإنه يدفع عن ايديولوجية معادية ضمنا للصهيونية وتعرض للضعف، فالجميع حجم اللوبي المؤيد لاسرائيل في الكونغرس.
ومن دون الادعاء ان الحل سهل، فانه يمكننا ان نأسف لغياب خطاب اليد الممدودة الى الشعب الاسرائيلي، والتي كان يجب ان تكون موازية لليد الممدودة الى الاسلام، والتي اثارت حذرا لا سابق له لدى الرأي العام الاسرائيلي تجاه رئيس اميركا. كما ان الاخير وبتركه تركيا تقوم بحملة مساعدات انسانية الى جانب حماس، قد زاد الطين بلة، فقد ظهرت واشنطن مجددا وكأنها ضعيفة. فحس الدراية كان يتطلب مراعاة اسرائيل، التي طلب منها تقديم التنازلات الاكثر اهمية. وهنا ايضا لعبت الايديولوجية دورها.

6- جامع غرواند زيرو
هنا تأتي القضية المحزنة لقضية جامع غرواند زيرو، فرئيس بلدية نيويورك ميكائيل بلومبرغ، حظي بالاحترام العام من خلال دفاعه عن حقوق المسلمين التي لا يجوز المس بها.
فان هذا الموقف المبدئي الصادر عن شخصية يهودية محترمة، كان يجب ان يعفي، او يجنب الرئيس اوباما من موقف غير مفيد وغير اكيد، ففي قضية لا تخص الدولة الفدرالية كان يجب ان ينحصر دور اوباما بدعوة الطرفين للقاء والتوصل الى تسوية مقبولة بما في ذلك ماليا، ترضي الطرفين وتحفظ لهما ماء الوجه وهنا ايضا فإن اوباما بدا وكأنه المدافع الاحادي الجانب عن المسلمين وبشكل غير لائق.

7- استقطاب النقاش السياسي
يمكن اختصار اسلوب اوباما والاسباب التي تثير غضب كل الذين ليسوا من انصاره الفعليين فهو يلجأ دائما الى خطاب يدعو الى الوحدة مع عدم الليونة الايديولوجية، مما يثير حفيظة الذين لا يشاطرونه الرأي بأن يظهر مواقفه الشخصية وكأنها ضرورة لا بد منها.
ان سوء النية المبتسمة هذه والمفرطة في الرقة بدأت تستفز المشاعر بعد ان كانت في البداية قد سمحت بالاقناع، فما الفائدة من خطاب معتدل للدفاع عن اعادة اطلاق اقتصاد laquo;كينزيraquo; متطرفة في المجال الاقتصادي؟
وسياسة تهدئة عامة تجاه كل اشكال الاسلام. ان التفكير الضمني الذي يقول اصحابه بموجبه ان تفكيك مؤسسة البلاد العسكرية، بما في ذلك تفكيك وكالة ناسا الفضائية هو شرط اساسي من شروط بلورة سياسية اجتماعية اكثر عدلا داخل الولايات المتحدة، وبالتالي فإن رفض النقاش حول هذا الموضوع انما هو مسعى للتعتيم، وهو ايضا امر لا يخدم عملية دفع الديموقراطية في الولايات المتحدة.