عبدالرحمن الراشد


صحيح لم تكن سنة رائعة أبدا، لكنها لم تكن سنة كبيسة أيضا، مرت بأفضل مما كنا نخشاه. العام الذي رحل البارحة عشناه في سلام مع بعض خيبات أمل كبيرة.
أتذكر أن معظم العناوين اختصت إيران، أكثر من غيرها، بالخطب والتهديدات المتبادلة والتحركات، وبلغ التوتر ذروته.. مع هذا مرت السنة بلا قذيفة واحدة مع الإيرانيين. والأمر مثله في الشأن الفلسطيني. انتهت السنة بلا تقدم سياسي ومن دون حوادث تذكر. جبهة المواجهة العربية مع إسرائيل عاشت أهدأ عمرها، والمريح أن العرب هذه المرة وجدوا من يعارك إسرائيل نيابة عنهم، بعد أن اعتادوا على الحرب نيابة عن غيرهم. تركيا صارت جبهة إضافية ضد إسرائيل ولا يهم إن كانت للأتراك أهداف أخرى.
من غرائب العام المنصرم أن جبهة الحرب الوحيدة كانت على أكثر الدول حرصا على السلام. السعودية دخلت بثقلها العسكري الكامل جنوبا بعد أن عمَّ السلام حدودها الجنوبية منذ اتفاق جدة مع الرئيس جمال عبد الناصر قبل أكثر من 30 عاما. الحرب مع إحدى الجماعات اليمنية المتمردة على حكومة صنعاء، التي أرادت توسيع الدائرة فضاقت عليها. فإذا كانت الحرب مفاجأة فإن توقفها مفاجأة أيضا؛ حيث كانت معظم التنبؤات تعتقد باستمرار المواجهة مع الحوثيين، حلفاء الإيرانيين.
وعلى الرغم مما نسمعه من تذمر بشأن وضعه السياسي، فإن انتخابات العراق مرت بسلام، وبنتائج أكثر إيجابية مما توقعناه. وتستطيع laquo;القاعدةraquo; أن تفخر بأن عام 2010 كان أعظم سنة للمخططات الإرهابية منذ الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) التي غطت مؤامراتها أوسع مساحة على خريطة العالم من السعودية وحتى الولايات المتحدة الأميركية ووصلت عمق الصحراء الأفريقية. وعلى الرغم من نشاطها النوعي والكمي فإن القليل منها تحقق؛ حيث أحبطت تقريبا كل عملياتها الكبيرة.
مر العام بلا مفاجآت، لا انقلابات ولا غياب للزعامات، وبالطبع لا خسائر في الانتخابات.
هل كانت سنة فاشلة؟ ربما كانت مملة، لكنها لم تكن فاشلة. أعتقد أنها بذرت الكثير للعام الجديد وأخشى من حصاده القريب جدا، ربما الأخطر. لا أعتقد أننا سنعيش الأشهر المقبلة بالرتابة نفسها؛ فإيران تغلي من الداخلي وتضيق عليها المحاصرة من الخارج. سيكون عاما إيرانيا بامتياز. وربما يكون عام الفلسطينيين أفضل مما سبق؛ حيث لم يتبق الكثير من المناورات فلسطينيا وإسرائيليا. أما الخليج فإنه لأول مرة منذ احتلال الكويت يدخل عاما غامضا بلا معالم واضحة. ولحسن حظه أن الترتيبات السياسية تبقى الضامن، إنما أدنى هزة في الخليج فإن مداها يتجاوز إلى المنطقة كلها تقريبا.