نايلة تويني
تكثر الاستنكارات وبيانات الشجب والكثير من الكلام الذي لا يغير في واقع الارهاب شيئا، بل على العكس يفرح الارهابيين المصريين بنجاح خطتهم في ضرب المسيحيين المشركين على قولهم، وفي جذب الانظار اليهم.
ولعل تعليق الرئيس المصري حسني مبارك عن الايادي الخارجية التي تمتد الى ارض النيل لا يقل طرافة عن تعليق شيخ الازهر منتقدا شجب البابا بينيديكتوس السادس عشر ومعتبرا انه منحاز الى مجموعة معينة من الشعب المصري، متناسيا مسؤولية البابا المعنوية عن المسيحيين في العالم.
هكذا تتحول القضية من الداخل المأزوم الى الخارج مع مجموعات دخيلة ومجتمع دولي يتدخل في الحياة الداخلية لبلاد النيل. لا يتحدث الرئيس مبارك، ولا يعترض شيخ الازهر، عن انحياز السلطة التي يرأسها الاول، والتي عينت الثاني، ضد المسيحيين الاقباط في ارضهم، فكم من التقارير اشارت الى صعوبة، بل استحالة في ترميم كنيسة او دير، او في القبض على معتد على كنيسة او دير، حتى لا نقول في وصول مسيحي الى السلطة التي تتدخل كل مرة في الشؤون الداخلية للكنيسة من دون احترام خصوصيتها التاريخية.
لا نريد هنا ان نتحول الى الهجوم على السلطة ولسنا في هذا الوارد اصلا، لكننا نطالب، كما في لبنان، او في كل دولة اخرى، وخصوصا في عالمنا العربي، ان تتعزز اجهزة الدولة العادلة التي تعامل مواطنيها سواسية، فلا تميز بين هذا وذاك على اساس الطائفة والمذهب،لان حقوق الانسان المواطن واحدة اكان ينتمي الى مذهب او كان ملحدا، وله الحق في اعلان إلحاده ايضا من دون ان تنتقص حقوقه او يساق الى الذبح.
ان ما يجري في العراق، وما حدث في الامس في مصر، ليس ايادي خارجية، بل هو عمل الداخل، وان كان يخدم المشاريع الخارجية التي تفضل الشرق مسلما، فتتعامل معه اسرائيل ودول الغرب بطريقة مختلفة، اي كمنطقة موبوءة وموسومة بالاسلامquot;الارهابيquot;، فتعيد بعض السياسات رسم الصورة الجديدة لصراع الحضارات والتباعد بين الثقافات، مما ينعكس سلبا على كل المسلمين اينما حلوا في بلاد الغرب.
ان الابقاء على مسيحيي الشرق ليس منة من الاسلام والمسلمين، بل هو حاجة حقيقية لهم، لان الشرق الاوسط الجديد يراد له ان يظل فقط خزان نفط ومال، وصراعات بين مذاهب الاسلام في ما بينها، وان تحط فيه كل مصائب الدنيا. ان الرعاية الدولية، والفاتيكانية تحديدا، لمسيحيي الشرق، تبقي دولهم تحت الاضواء، فتتحسن فيها الرعاية الانسانية والتفاعل مع العالم، ويزداد فيها منسوب الحريات، ولا تصدقوا ان هذا الامر سيستمر في ظل النزيف المستمر للمسيحيين، بل ستتحول دول مجددا الى عصر انعدام الحريات والجاهلية ، ولن تجد من يسأل.
رغم كل الكلام سيظل النزيف مستمرا، وستستمر بيانات الشجب والاستنكار، فقد تعودنا على هذا الخطاب الخشبي مذ ضاعت فلسطين، فهل اعادتها كل البيانات والمهرجانات والمزايدت؟
التعليقات