عبدالله بن بخيت

إذا كنت تظن أن هناك مؤامرة تحاك ضد الإسلام فالعمل الإرهابي الذي نفذ في الإسكندرية أكبر دليل على ذلك. ومن يرَ أن هناك أدنى مصلحة للمسلمين في هذا العمل يجب أن يحاكم بتهمة التآمر على المسلمين بوعي أو بغفلة. المجرم الحقيقي ليس من نفذ الجريمة فحسب بل من يرى في هذا الأمر أدنى مصلحة أو خدمة للإسلام. ما يهمني في الأمر أن كثيرا من الرعاع في الشارع الإسلامي يمنحون هذا العلم تبريرا. يشعرون بالتعاطف مع هؤلاء المجرمين. بغض النظر عن تصريحات قادتهم وشيوخهم المعلنة. يدينون هذا العمل ثم فجأة يسوقون مبررات كثيرة من أهمها أن إسرائيل تقتل الفلسطينيين والروس يقتلون الشيشان والأمريكان يقتلون الأفغان إلى آخر القائمة. ينقلونك من جريمة الإرهابيين إلى جريمة الإسرائيليين وكأن الأمر واحد. خلط الأوراق التبريري. ما يحدث في غزة أو في افغانستان أصبح مبررا لقتل كل من تستطيع قتله. المسألة في ظني منهجية. نحن ندفع ثمن التعميمية. ثمن استبدال مسيحي ويهودي وبوذي بلقب واحد (كافر) وبالتالي أصبح جميع (الآخرون) في خندق واحد يجب قتله. في مناهجنا في المملكة وفي كثير من الدول العربية الآخر تتردد هذه الكلمة وتؤصل في الأذهان. تحت هذا العنوان الشامل أصبح غيرنا أعداء يجب ضربهم أينما وجدوا. قتلهم جزء من المعركة سواء كانوا أقباطا في مصر أو يهودا في نيويورك أو بوذيين في الهند. يقول أحد الدعاة على سبيل المثال: (لا فرق بين أمريكا الصليبية ولا روسيا الإلحادية ولا بريطانيا البروتستنتية ولا فرق بين كاثوليكي ولا أرثوذكسي ولا فرق بين كرواتي ولا صربي.. الكل في الكفر وفي عداوة الإسلام والكيد له سواء؟!

مثل هذا القول نقرأه في كثير من المناسبات. يقول احد الدعاة: الحل يكمن أساسا في الاعتقاد الجازم.. بأن أمريكا والغرب والشرق وبطرس غالي والأمم المتحدة.. كلهم شركاء أصليون في الحرب ضد الإسلام والقضاء على الوجود الإسلامي.. .. ولا سبيل إلى الخلاص إلا بالاعتماد على النفس بعد الله عز وجل.. وإمكانياتنا المادية والبشرية كبيرة وقادرة بعون الله.. لولا أن الله عز وجل قد ابتلانا بحكام يحترمون الشرعية الدولية جدا إلى درجة العبودية؟))

هذا الكلام موجود في صيغة إيمان لكل من يؤمن بالعبارة الشهيرة التي تقول: ملة الكفر واحدة. لا أعرف من قائلها ولكنها من أخطر العبارات التي صاغت مفهوم العلاقة مع الآخر. ترددت هذه العبارة كأنها حديث أو قول لأحد الصحابة. شعار خطير يضاف للشعارات الأخرى الكثيرة التي وضعت في أذهان أبنائنا في صورة حقائق. لا يكفي أن ندين هذه الجريمة ولا يكفي أن نطارد المجرمين الذين نفذوها ونقدمهم للعدالة. قضيتنا تكمن في تغلغل هذه الشعارات في المساجد وفي المناهج وعلى أفواه الدعاة.