سمر المقرن

تنامت العنصرية اليمينية في إسرائيل أكثر مما كانت عليه في السابق، فرغم أن هذه الدولة العبرية قامت على أساس ديني عرقي عنصري إلا أنها الآن في ذروة عنصريتها المقيتة، وتحولت من حراك سياسي إلى حراك اجتماعي، وطال حتى مؤسسات المجتمع المدني، بل إنه وحسب موقع العربية نت: laquo;في 20 ديسمبر الجاري تظاهر أكثر من 200 إسرائيلي من المتطرفين والعنصريين في باحة مركز تجاري في مدينة بات يام ضد التواجد العربي في المدينة، ورفعوا شعارات تدعو إلى مناهضة ظاهرة سيطرة العرب على المدينة الساحلية، محتجين علانية على خروج فتيات يهوديات مع شبان عرب، وقاموا بتثبيت ملصقات على جدران رئيسية في المدينة، وأحدهم يسأل: ماذا تفعل لو رأيت شقيقتك مع عربي؟raquo;
وهذه الأخبار ليست مفاجأة، فهذه الدولة العنصرية في كل شيء، في قيامها الديني، وفي حربها ضد الفلسطينيين من تجويع وحصار، بل امتد الأمر للذين في داخل الكيان من محاولات عنصرية تجاه خيارات الأبناء والأجيال الجديدة التي تريد أن تتعايش بسلام مع الآخر، لأنه ربما ضايق بعضهم وجود بعض العناصر والمجموعات الصادقة في التعايش السلمي بين العربي والإسرائيلي، وشعورهم أن التعايش بحد ذاته قلق على الوجود والمجتمع الإسرائيلي.
وفي ذات الخبر، يبدو أن هناك من يفكر قليلاً من بعض المفكرين وعقلاء هذا الكيان في محاولة لتجنيب المجتمع حربا داخلية، لكن على ما يبدو فإن هذا يصطدم بالخيار الأقوى والعنصري، إذ تعيش إسرائيل حالة هياج عنصري، بلغ ذروته هذا الشهر بالذات، ودفع بأكثر من 30 مثقفاً إسرائيلياً، بينهم حملة جوائز نوبل في حقول متنوعة، إلى توجيه رسالة الأسبوع الماضي لبنيامين نتنياهو، يطالبونه فيها أن يستقيل -إن كان يشعر بالعجز عن إدارة المعركة ضد العنصرية- في إشارة إلى تقاعسه عن مواجهة توابع فتوى جماعية أطلقها 300 حاخام قبل 4 أسابيع، وحرّمت على الإسرائيليين بيع وإيجار المنازل والأراضي لغير اليهود، وما زالت تلقى مؤيدين وتثير الجدل!
هذه الأخبار المتضاربة والصراعية داخل مجتمع الكيان الإسرائيلي تبين حجم التوجهات المتشددة والعنصرية الدينية في الدولة العبرية تجاه كل ما هو غير يهودي، وكيف يتوقع الغرب وإسرائيل أن لا يتنامى التطرف في المجتمعات المسلمة كردة فعل طبيعية لهذا النمط من التطرف اليهودي المقابل تجاه العرب، خاصة وأن الثقافة العربية ثقافة نامية، عكس إسرائيل التي تصنف من الدول المتقدمة، فإن لكل فعل عنصري ردة فعل عنصرية، والهدم سهل، والنزول لأسفل لا يحتاج لمجهود كبير، والبناء ومقاومة العنصرية والتشدد والصعود بالمجتمع لأعلى صعب، ويحتاج لمجهود ضخم من كل الأطراف المختلفة مهما كانت متباينة، لأن الاختلاف والتعدد سنة طبيعية، والعقل مع التعايش، والجنون والظلم مع العنصرية والحرب والإيذاء ونشر الكراهية بين الناس والشعوب والأديان.