داود الشريان


ردّ الشاعر العربي أبو فراس الحمداني على زعيم الروم، الذي عيَّره بأن العرب أهل تجارة لا حرب، بقصيدة مشهورة مطلعها: laquo;يا ضخم اللغابيب مَن للحرب ان لم نكن لهاraquo;. هذا الموقف رفضه السنّة في لبنان. تمدّنَ السنّة. وهو سلوك أكده كاتب حقيبة جريدة laquo;النهارraquo; ميشال أبو جودة، في مجلس ضم أكثر من 60 صحافياً حضروا قمة مجلس التعاون في الكويت، منتصف ثمانينات القرن العشرين، حين سئل عن الحرب الأهلية في لبنان قال: سيُكتب تاريخُ سنّة لبنان بماء من ذهب. السنّة لم يشاركوا في الحرب. هم شبعوا من الحروب. وصل أجدادهم حتى حدود فرنسا. الدور والباقي على الذين لم يحاربوا من قبل. هذا الوضع تغير اليوم. صار السنّة في قلب المعركة في لبنان، تحولوا من أمة الى طائفة. وفي أسف صاروا كذلك في العراق. ترك التجار حوانيتهم، استعذبوا لغة التثوير والعنف. بات السنّة يتصرفون على طريقة الأقليات.

الأكيد أن موقع السنّة اختل. وهو تغيير كارثي وخطير خلط الأوراق وصار سبباً رئيساً في أزمة المنطقة. القضية هنا لا علاقة لها بالمذهبية والطائفية والتعصب. ليس المطلوب أن يهيمن السنّة على السلطة، ولا ينبغي حرمان بقية الطوائف حقها، بحجج دينية وعصبية. المهم ألا تتحول الأمة الى طائفة. بلال الحبشي صار سيداً للمسلمين. لكن حين دخل الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) مكة فاتحاً وجد أبو سفيان، قال: laquo;من دخل دار أبي سفيان فهو آمنraquo;، على رغم أن كل من جلس في بيته كان كذلك. لكن النبي أراد تكريس ما يمثله أبو سفيان. كرّس احترام الأمة. من المقبول والمنطقي ان يصبح رئيس وزراء العراق، وربما لاحقاً لبنان، شيعياً أو درزياً أو مسيحياً. لكن السنّة هم جسد الأمة، ومدماك الحضارة العربية الإسلامية. هم الطبقة الوسطى. صحيح ان المنطقة شهدت طغياناً وتعصباً سنياً ضد بعض المذاهب الإسلامية والطوائف، وهو خطأ، لكن الخطأ لا يعالج بالثأر. الحل ليس بقمع السنّة، وتحويلهم أقلية. تهميش السنّة يعني تهميش المنطقة، وإخراج العرب من التاريخ. السنّّة هم الأمة العربية. العراق تورط بتهميش السنّة. لبنان يجب ألا يمارس الخطأ ذاته.