شريفة الشملان

كتبت في مقالي الماضي quot;من يقتل المسيحين في الديار العربيةquot; عن اتجاه بوصلة التحقيق بعيدا عن القتلة وتفرض مجرمين أخر.. أو بالأدق بعيدا عن المحتملين الأوفر معطيات، وعرضت معطيات قدمها العدو الإسرائيلي. ويفخر بها رؤساء مخابراته وحيث إن عدم الاتجاه لها يعني تهريبا بالمسألة لجو آخر يؤجج الصرعات الطائفية ويظلم المواطن المصري بانتمائه بدلا من ان يوحده أمام عدو غير مرحلي.. وعدو لم يترك فرصة للتخريب إلا وعملها.. لا أثناء الحرب ولا بعد السلم..

يفخر العدو بنشاطاته المخابراتية وبذراعه التي لا يلويها أحد، يقدم عرضا لتصفيات في عقر الوطن العربي وفي أكثر مناطقه التي لا تغفو، ففي دمشق أغتال وفي دبي أغتال، أما بيروت فحدث ولا حرج منذ الستينيات ليومنا هذا.. وحتى لندن طالتها اليد. أوربا مسرحا كبيرا منذ أمد طويل..

قد يبدو أمر انحراف الاتهام بزاوية معاكسة هو ليس خدمة للعدو كثر ما يبدو تهربا من تبعات الاتهام، حتى ولو ضمني، لقد كان مؤشر اكتشاف جواسيس عبر شبكة شملت سوريا ولبنان ومصر (والله أعلم غيرها) وعبر شركات الاتصالات، فيما يبدو يجعل أمر حركات الجميع بما فيهم رؤساء الأحزاب والنواب مكشوفا لهم، أما القادة وفك الشفرات فليس بالأمر الذي يصعب على تلك الأجهزه الجاسوسية.

وقعت الواقعة وكان ممكنا ألا تقع، بالحذر والتيقظ ومعرفة المخططات التي تعمل على تفتيت الدول العربية والمفتت بعضها أصلا، خاصة بعد التصريحات التي نثرتها مخابرات العدو عيانا بيانا، وكأنها تؤكد على غفلة العرب، بلهجتنا (ما عندك أحد).

الآن والواقعة قد وقعت وبدأ وكأنها زر ضغط لإيقاظ الغرب نحو تهجير المسيحيين من الوطن العربي، وتداعي الدول الغربية، أمريكا والفاتيكان، فرنسا العلمانية، والبقية لاحقة لا محالة، وخاصة دول الاتحاد الأوربي. فرنسا التي منعت النقاب حتى لا يؤثر على علمانيتها ولا يكون رمزا دينيا، رئيسها ساركوزي، يظهر مع الكرادلة والقساوسة، يصافحهم ويتقرب منهم، ويتحسر على مسيحي الشرق، وتهجيرهم، ويلمح للتدخل، وهذا الأمر يدعونا للتأمل والتفكر كيف تنقلب الموازين.. فإسرائيل تعملها الدولة تقوم بتهجير مسلمي ومسيحي القدس لتبقى القدس يهودية بالكامل، وها هي تضع قانونا يلزم بالاعتراف بيهودية إسرائيل. لم يهب لنجدتهم أحد سوى جمعيات وأفراد لاقوا من عنت إسرائيل ما لاقوا وسحق من سحق تحت الجرافات (راكيل كوري) ليست بعيدة عن الذاكرة.

عندما طيرت الأخبار بشجاعة المخابرات الاسرائيلية وذكائها، هي تريد بذلك أكثر من عصفور بحجر واحد، فهي تشجع وتكبر من الذكاء والفطنة لرجالها، وهي توجه انذارات مباشرة وغير مباشرة أنها تطال الكثيرين ربما حتى أؤلئك الراقدون في منازلهم، وكان ذلك قبل أول من أمس في رام الله قتل مسن في مرقده. وذلك ذكرنا بيوسف النجار وكمال عدوان في السبعينيات في بيروت وهما مسيحيان.. والأمر بالأمر فيذكر ابو جهاد في تونس أي ذراع تلك؟!!.

هي رسائل تقول أنتم تحت أيدينا، أليست كنسية القدسيين أيضا؟. وشيء جدير بالاعتناء وهو مواقف راعي الكنسية (البابا شنودة) وموقفه الشجاع والباقي حتى اللحظة، الذي منع المسيحيين من زيارة القدس وبيت لحم ما دامتا تحت الإحلال الإسرائيلي.. ألا يكون هو ورعيته في دائرة العقاب الإسرائيلي..

شيء آخر، ساركوزي وهو يرفع صوته المتحيز ألا يذكر أن أوربا هي التي تشجع هجرة المسيحيين العرب، وتشجعها من وراء سهولة حصولهم على الفيز والاقامات واعتبارهم لاجئيين، قد رأيت كيف تفتح بريطانيا ذراعيها للمهاجرين السودانيين المسيحيين، وتقدم كل ما يحتاجونه، وتعتبرهم مضطهدين في ديارهم.. إن كان هناك من يعمل على التهجير فهي أوربا ذاتها..

المسيحيون العرب، هم من أعمدة دولنا العربية في الشام والعراق ومصر، وهم من حفظوا اللغة العربية وأعدوا لها القواميس، ومن جمع التراث وساعد للحفاظ على القومية العربية ومات الكثيرون منهم دفاعا عنها، ومازالت منهم نجوم ساطعة.. المسيحيون العرب منهم فطاحلة في كل مجال، إن فراغ الوطن العربي من جزء منهم وليس أغلبهم هو مؤثر قوي على أصالة الوطن العربي ككل..

أخيرا حتى لا يتجه التحقيق بعيدا، خاصة وقد قالها (الرئيس مبارك) من الوهلة الأولى: هناك أياد أجنبية) واليد معروفة وواضحة. أرجو ألا يكون على العقول غمامة.