أنس زاهد

انطلاقًا من الشعور بالمسؤولية الأخلاقية، وبعيدًا عن حسابات المصالح السياسية الضيّقة، عمدت عدد من دول أمريكا الجنوبية إلى الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة، ضمن حدود ما قبل الخامس من يونيو حزيران (1967).
بالمقابل فإن الدول العربية لم تقم حتى الآن بأية خطوة تدعم إعلان الدولة الفلسطينية من جانب واحد، وكأن الأمر لم يعد يعني العرب، أو كأن الدولة المشار إليها تقع في البحر الكاريبي، أو الهند الصينية، وليس في قلب العالم العربي.
قد يقول قائل: لماذا يتوجب على الدول العربية أن تعيد الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقد سبق لهم أن اعترفوا بها في عام 1988بالجزائر..؟
لكن ألم يسبق أن اعترفت أكثر من 105 من دول العالم بالدولة الفلسطينية، ومع ذلك فإن البعض من هذه الدول قرر تجديد اعترافه بنفس الدولة، بعد إعلان الاستقلال الذي جاء من طرف واحد في الأيام الأخيرة؟
حسب معلوماتي فإن مسألة إعادة الاعتراف لا تتطلب جهدًا كبيرًا كما هو الحال مع الجهود التي تبذلها الدول العربية منذ مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، لتقديم مزيد من الإغراءات للعدو الإسرائيلي للمضي قُدُمًا في عملية السلام. مسألة الاعتراف لا تحتاج أكثر من بيان تقوم وكالات الأنباء الرسمية التابعة لكل دولة عربية على حدة، بإذاعته على الملأ. يعني أن المسألة لا تتطلب زيارات، أو مفاوضات، أو اجتماعات، أو أي شيء يفضي إلى وجع القلب، أو (حرقان الدم)، أو تصديع الدماغ. ومع ذلك فإن الدول العربية اختارت الفرجة من المدرجات دون أن تتفاعل حتى مع لاعبي أمريكا اللاتينية (المحترفين) الذين استعان بهم الطرف الفلسطيني للقيام بأدوار أساسية في ملف الصراع.
لقد كان من المنتظر أن تقوم الدول العربية فور الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، بالتحرّك تحت مظلة الجامعة العربية للحصول على اعتراف أكبر قدر ممكن من الدول. كما كان المفترض والمنتظر من الدول العربية، أن تنتهز هذه الفرصة لفتح ملف حصار غزة، واستمرار الاستيطان بدلاً من مواصلة (التطنيش)، و(إدارة الطرشة) تجاه كل ما يحدث.
يبدو أن الأمريكيين اللاتينيين أكثر عروبة منا.